الباحث القرآني

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا من أهل مكة لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ أوزاركم، قال الفراء: لفظة أمر ومعناه: جزاء، مجازه إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم كقوله سبحانه: فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ وقوله سبحانه: لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ لفظة نهي وتأويله جزاء. وقال الشاعر: فقلت ادعي وادع فإنّ أندى ... لصوت أن ينادي داعيان [[لسان العرب: 12/ 560، وتفسير القرطبي: 13/ 330.]] يريد إن دعوت دعوت. فأكذبهم الله تعالى، فقال: وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ أوزار أنفسهم وأثقال من أضلوا وصدوا عن سبيل الله وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ نظيرها لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [[سورة النحل: 25.]] الآية. روي عوف، عن الحسن أنّ النبي (عليه السلام) قال: «أيما داع دعا إلى هدى فاتبع عليه وعمل به فله مثل أجور الذين اتبعوه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا وأيما داع دعا إلى ضلالة، فاتبع عليها وعمل بها فعليه مثل أوزار الذين اتبعوه ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا» [142] [[الدرّ المنثور: 5/ 142.]] ثم قرأ الحسن وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ. أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن عبد الرحمن بن هلال العنسي [[في نسخة: العبسي.]] ، عن جرير قال: خطبنا رسول الله ﷺ‎ فحثّنا على الصدقة، فأبطأ الناس حتى رئي وجهه الغضب، ثم إنّ رجلا من الأنصار قام فجاء بصرّة وأعطاها، فتتابع الناس، فأعطوا حتى رئي [[في المخطوط: يرى.]] في وجهه السرور، فقال رسول الله ﷺ‎: «من سن سنة حسنة كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ سنة سيّئة كان عليه وزرها ومثل وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» [143] [[مسند أحمد: 4/ 362.]] . وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ. وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ. قال ابن عباس: بعث نوح (عليه السلام) لأربعين سنة وبقي في قومه يدعوهم أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا. فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ. وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً. ويقولون كذبا، وقال مجاهد: وتصنعون أصناما بأيديكم فتسمونها آلهة، نظيره قوله سبحانه: أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ [[سورة الصافّات: 95.]] ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً على المبالغة والكثرة. إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ فاهلكوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ أَوَلَمْ يَرَوْا بالتاء كوفي غيرهم بالياء كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الله، الْخَلْقَ يعني فانظروا إلى مساكن القرون الماضية وديارهم وآثارهم كيف بدأ خلقهم ولم يتعذر عليه مبدئا فكذلك لا يتعذر عليه إنشائها معيدا. ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ أي يبدأ البدأة الْآخِرَةَ بعد الموت. وفيها لغتان: نشأة بالمد وهي قراءة ابن كثير والحسن وأبو عمر وحبيب كانت، ونشأة بالقصر وتسكين السين وهي قراءة الناس [[في نسخة أصفهان: الباقين.]] ونظيرها الرأفة [[هكذا في المخطوط.]] ، والرأفة إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ تردون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب