الباحث القرآني
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا يعطون ما أعطوا من الزكوات والصدقات، هذه قراءة أهل الأمصار وبه رسوم مصاحفهم.
أخبرنا عبد الخالق بن علي قال: أخبرنا إسماعيل بن نجية قال: حدّثنا محمد بن عمار بن عطية قال: حدّثنا أحمد بن يزيد الحلواني قال: حدّثنا خلاد عن إبراهيم بن الزبرقان عن محمد ابن حمّاد عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنّ النبي ﷺ كان يقرأ والذين يأتون ما آتوا من المجيء.
وأخبرنا الحاكم أبو منصور حمد بن أحمد البورجاني قال: حدّثنا علي بن أحمد بن موسى الفارسي قال: حدّثنا محمد بن الفضيل قال: حدّثنا أبو أسامة قال: حدّثني ملك بن مغول قال:
سمعت عبد الرّحمن بن سعيد الهمداني ذكر أنّ عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله:
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أهو الذي يزني ويشرب الخمر وهو على ذلك يخاف الله؟ قال: «لا يا ابنة الصدّيق ولكن هو الذي يصوم ويصلي ويتصدق وهو على ذلك يخاف الله سبحانه» [[مسند الحميدي: 1/ 133. بتفاوت.]] [13] .
وأخبرنا عبد الله بن يوسف قال: حدّثنا محمد بن حامد قال: حدّثنا محمد بن الجهم قال: حدّثنا عبد الله بن عمرو قال: أخبرنا وكيع عن ملك بن مغول عن عبد الرّحمن بن سعيد بن وهب عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أهو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق قال: «لا يا ابنة أبي بكر أو يا ابنة الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويصلّي ويتصدق ويخاف أن لا تقبل منه» [[جامع البيان للطبري: 18/ 45.]] [14] .
أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها يعني إليها سابِقُونَ كقوله (لِما نُهُوا عَنْهُ) و (لِما قالُوا) ونحوهما، وكان ابن عباس يقول في معنى هذه الآية: سبقت لهم من الله السعادة ولذلك سارعوا في الخيرات.
وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها يعني إلّا ما يسعها ويصلح لها من العبادة والشريعة:
وَلَدَيْنا كِتابٌ يعني اللوح المحفوظ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ يبيّن بالصدق ما عملوا وما هم عاملون من الخير والشر، وقيل: هو كتاب أعمال العباد الذي تكتبه الحفظة وهو أليق بظاهر الآية.
وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ يعني يوفّون جزاء أعمالهم ولا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم.
ثمّ ذكر الكفار فقال عزّ من قائل بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ عمى وغفلة مِنْ هذا القرآن وَلَهُمْ أَعْمالٌ خبيثة لا يرضاها الله من المعاصي والخطايا مِنْ دُونِ ذلِكَ يعني من دون أعمال المؤمنين التي ذكرها الله سبحانه، قيل: وهي قوله إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ.
هُمْ لَها عامِلُونَ لا بد لهم من أن يعملوها فيدخلوا بها النار لما سبق لهم من الشقاوة.
حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ يعني اغنياءهم ورؤساءهم بِالْعَذابِ قال ابن عباس:
بالسيوف يوم بدر،
وقال الضحّاك: يعني الجوع وذلك ين دعا عليهم رسول الله ﷺ فقال:
«اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف، فابتلاهم الله بالقحط حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحرقة والقدّ والأولاد» [[تفسير مجمع البيان: 7/ 199.]] [15] .
إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ يضجّون ويجزعون ويستغيثون، وأصل الجؤار رفع الصوت بالتضرّع كما يفعل الثور، قال الشاعر:
فطافت ثلاثا بين يوم وليلة ... وكان النكير أن تضيف وتجأرا [[تفسير القرطبي: 10/ 115.]]
يصف بقره. وقال أيضا:
يراوح من صلوات المليك ... فطورا سجودا وطورا جؤارا [[تفسير القرطبي: 12/ 135. والعبارة يراوج.]]
لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ لا تمنعون ولا ينفعكم جزعكم وتضرّعكم.
قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ يعني القرآن فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ أدباركم تَنْكِصُونَ تدبرون وتستأخرون وترجعون القهقرى، مكذّبين بها كارهين لها مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ أي بالحرم تقولون: لا يظهر علينا أحد لأنّا أهل الحرم، وهو كناية عن غير مذكور سامِراً نصب على الحال يعني أنّهم يسمرون بالليل في مجالسهم حول البيت، ووحّد سامِراً وهو بمعنى السّمار لأنّه وضع موضع الوقت، أراد: تَهْجُرُونَ ليلا، كقول الشاعر:
من دونهم إن جئتهم سمرا ... عزف القيان ومجلس غمر [[لسان العرب: 4/ 377.]]
فقال: سمرا لأن معناه: إن جئتهم ليلا وهم يسمرون، وقيل: واحد ومعناه الجمع كما قال ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [[سورة غافر: 67.]] ونحوه.
تَهْجُرُونَ قرأ نافع بضم التاء وكسر الجيم أي تفحشون وتقولون الخنا، يقال اهجر الرجل في كلامه أي أفحش، وذكر أنّهم كانوا يسبّون رسول الله ﷺ وأصحابه، وقرأ الآخرون بفتح التاء وضم الجيم ولها وجهان:
أحدهما: تعرضون عن رسول الله ﷺ والقرآن والإيمان وترفضونها.
والآخر: يقولون سوءا وما لا يعلمون، من قولهم: هجر الرجل في منامه إذا هذى.
أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا يتدبّروا الْقَوْلَ القرآن أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ فأنكروه وأعرضوا عنه، ويحتمل أن يكون أم بمعنى بل، يعني: بل جاءهم ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ فكذلك أنكروه ولم يؤمنوا به، وروي هذا القول عن ابن عباس.
أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ محمدا وأنّه من أهل الصدق والأمانة. فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ جنون، كذبوا في ذلك فإن المجنون يهذي ويقول ما لا يعقل ولا معنى له، بَلْ محمد جاءَهُمْ بِالْحَقِّ بالقول الذي لا يخفى صحته وحسنه على عاقل وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ يعني الله سبحانه أَهْواءَهُمْ مرادهم فيما يفعل لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ ببيانهم وشرفهم يعني القرآن.
فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ أَمْ تَسْأَلُهُمْ على ما جئتهم به خَرْجاً أجرا وجعلا وأصل الخرج والخراج الغلّة والضريبة والأتاوة كخراج العبد والأرض.
وقال النضر بن شميل: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الفرق بين الخرج والخراج فقال:
الخراج ما لزمك ووجب عليك أداؤه، والخرج ما تبرّعت به من غير وجوب.
قال الله سبحانه: فَخَراجُ رَبِّكَ رزقه وثوابه خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وهو الإسلام.
وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ عادلون، مائلون، ومنه الريح النكباء.
{"ayahs_start":60,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ یُؤۡتُونَ مَاۤ ءَاتَوا۟ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَ ٰجِعُونَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰتِ وَهُمۡ لَهَا سَـٰبِقُونَ","وَلَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ وَلَدَیۡنَا كِتَـٰبࣱ یَنطِقُ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ","بَلۡ قُلُوبُهُمۡ فِی غَمۡرَةࣲ مِّنۡ هَـٰذَا وَلَهُمۡ أَعۡمَـٰلࣱ مِّن دُونِ ذَ ٰلِكَ هُمۡ لَهَا عَـٰمِلُونَ","حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَخَذۡنَا مُتۡرَفِیهِم بِٱلۡعَذَابِ إِذَا هُمۡ یَجۡـَٔرُونَ","لَا تَجۡـَٔرُوا۟ ٱلۡیَوۡمَۖ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ","قَدۡ كَانَتۡ ءَایَـٰتِی تُتۡلَىٰ عَلَیۡكُمۡ فَكُنتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡ تَنكِصُونَ","مُسۡتَكۡبِرِینَ بِهِۦ سَـٰمِرࣰا تَهۡجُرُونَ","أَفَلَمۡ یَدَّبَّرُوا۟ ٱلۡقَوۡلَ أَمۡ جَاۤءَهُم مَّا لَمۡ یَأۡتِ ءَابَاۤءَهُمُ ٱلۡأَوَّلِینَ","أَمۡ لَمۡ یَعۡرِفُوا۟ رَسُولَهُمۡ فَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ","أَمۡ یَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَاۤءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَـٰرِهُونَ","وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَاۤءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِیهِنَّۚ بَلۡ أَتَیۡنَـٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ","أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ خَرۡجࣰا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَیۡرࣱۖ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰزِقِینَ","وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","وَإِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَ ٰطِ لَنَـٰكِبُونَ"],"ayah":"أَفَلَمۡ یَدَّبَّرُوا۟ ٱلۡقَوۡلَ أَمۡ جَاۤءَهُم مَّا لَمۡ یَأۡتِ ءَابَاۤءَهُمُ ٱلۡأَوَّلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











