الباحث القرآني
وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ سأخلق بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ عدلت صورته وأتممت خلقه وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فصار بشرا حيا فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ سجود تحية وتكرمة لا سجود صلاة وعبادة فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ المأمورون بالسجود كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ على التأكيد إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ.
روى عكرمة عن ابن عبّاس قال: لما خلق الله الملائكة قال: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فإذا أنا خلقته فاسجدوا له، قالوا: لا نفعل. فأرسل عليهم نارا فأحرقهم. ثمّ خلق ملائكة فقال: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فإذا أنا خلقته فاسجدوا له، فأبوا، فأرسل الله عليهم نارا فأحرقهم. ثمّ خلق ملائكة فقال: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فإذا أنا خلقته فاسجدوا له، قالوا: سمعنا وأطعنا إلّا إبليس كانَ مِنَ الْكافِرِينَ.
قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ محل (أن) النصب بفقد الخافض.
قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ قالَ فَاخْرُجْ مِنْها أي من الجنة ومن السماوات فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ملعون طويلا وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وهو النفخة الأولى حين يموت الخلق كلهم قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي أي بإغوائك إياي وهو الإضلال والإبعاد لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ معاصيك ولأحببنّها إليهم وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ لأضلنهم أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.
قرأ أهل الكوفة والمدينة والشام: بفتح اللام. واختاره أبو عبيد، يعني إلّا من أخلصته بتوفيقك فهديته واصطفيته.
وقرأ أهل مكة والبصرة: بكسر اللام، واختاره أبو حاتم، يعني من أخلص لك بالتوحيد والطاعة. وأراد بالمخلصين في القرائتين جميعا: المؤمنين.
قالَ الله لإبليس هذا صِراطٌ طريق عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ.
قال الحسن: هذا صراط إليّ مستقيم.
وقال مجاهد: الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه لا يعرج على شيء.
وقال الأخفش: يعني على الدلالة صراط مستقيم.
وقال الكسائي: هذا على الوعيد فإنه تهديد كقولك للرجل خاصمته وتهدده: طريقك عليّ، كما قال الله: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ [[سورة الفجر: 14.]] فكان معنى الكلام: هذا طريق مرجعه إلي فأجازي كلّا بأعمالهم.
وقال ابن سيرين وقتادة وقيس بن عبادة وحميد ويعقوب: هذا صراطٌّ عليٌّ برفع الياء على نعت الصراط أي رفيع، كقوله: وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [[سورة مريم: 57.]] .
إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ قوة.
قال أهل المعاني: يعني على قلوبهم.
وسئل سفيان بن عيينة عن هذه الآية، فقال: معناه لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ أن تلقيهم في ذنب يضيق عنه عبدي، وهؤلاء يثبت الله الذين رأى فيهم إحسانهم.
إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ أطباق لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ يعني من أتباع إبليس جُزْءٌ مَقْسُومٌ حظ معلوم.
وقال عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) : تدرون كيف أبواب النار؟ قلنا: نعم كنحو هذه الباب.
فقال: لا ولكنها هكذا- ووضع إحدى يديه على الأخرى- وإن الله تعالى وضع الجنان على الأرض، ووضع النيران بعضها فوق بعض، فأسفلها جهنم وفوقها لظى وفوقهما الحطمة وفوقها سقر وفوقها الجحيم وفوقها السعير وفوقها الهاوية.
وأبو سنان عن الضحاك في قول الله: لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ قال: للنار سَبْعَةُ أَبْوابٍ هي سبعة أدراك بعضها على بعض.
فأولها: أهل التوحيد يعذّبون على قدر أعمالهم وأعمارهم في الدنيا ثمّ يخرجون.
والثاني: فيه اليهود.
والثالثة: فيه النصارى.
والرابع: فيه الصابئون.
والخامسة: فيه المجوس.
والسادس: فيه مشركوا العرب.
والسابع: فيه المنافقون.
فذلك قوله: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [[سورة النساء: 145.]] الآية.
أبو رياح عن أنس بن مالك عن بلال قال: كان رسول الله ﷺ يصلي في مسجد المدينة وحده، فمرّت به أعرابية فاشتهت أن تصلي خلف رسول الله ﷺ ركعتين، فدخلت وصلت ولم يعلم بها رسول الله، فقرأ رسول الله ﷺ حتّى بلغ هذه الآية: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ فخرّت الأعرابية مغشية عليها فسمع رسول الله ﷺ وجبتها فانصرف وقال: «يا بلال عليّ بماء» فجاء فصب على وجهها حتّى أفاقت وجلست، فقال لها رسول الله ﷺ: «يا هذه ما حالك؟» فقالت: رأيتك تصلي وحدك فاشتهيت أن أصلي خلفك ركعتين، فهذا شيء من كتاب الله أو تقول من تلقاء نفسك؟
قال بلال: فما أحسبه إلّا قال: «يا أعرابية بل هو في كتاب الله المنزل» .
فقالت: كل عضو من أعضائي يعذب على باب منها.
فقال: «يا أعرابية لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ يعذب على كل باب على قدر أعمالهم» .
فقالت: والله إني لامرأة مسكينة مالي مال ومالي إلّا سبعة أعبد أشهدك يا رسول الله أن كل عبد منهم على كل باب من أبواب جهنم حرّ لوجه الله. فأتاه جبرئيل فقال: يا رسول الله بشّر الأعرابية أن الله قد حرم عليها أبواب جهنم كلها، وفتح لها أبواب الجنة كلها [[التخويف من النار لابن رجب الحنبلي: 59 بتفاوت، وتفسير القرطبي: 10/ 32 سواء.]] .
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوها قرأه العامة بوصل الألف وضم الخاء على الأمر، مجازه: يقال لهم ادخلوها.
وقرأ الحسن: أُدْخِلُوها بضم الهمزة وكسر الخاء على الفعل المجهول، وحينئذ لا يحتاج إلى الضمير.
بِسَلامٍ بسلامة آمِنِينَ من الموت والعذاب والآفات وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً نصب على الحال، وإن شئت قلت: جعلناهم إخوانا عَلى سُرُرٍ جمع سرير مثل جديد جدد مُتَقابِلِينَ يقابل بعضهم بعضا لا ينظر أحد منهم في قفا صاحبه لا يَمَسُّهُمْ لا يصيبهم فِيها نَصَبٌ تعب وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ نَبِّئْ أخبر عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
قال ابن عبّاس: يعني لمن تاب منهم.
وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ لمن لم يتب منهم.
روى ابن المبارك عن مصعب بن ثابت عن عاصم بن عبيد الله عن ابن أبي رباح عن رجل من أصحاب رسول الله ﷺ قال: طلع علينا رسول الله ﷺ من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ونحن نضحك، فقال: «لا أراكم تضحكون» ، ثمّ أدبر حتّى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى فقال: «إني لمّا خرجت جاء جبرئيل فقال: يا محمّد لم تقنّط عبادي نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ [[تفسير الطبري: 14/ 52، تفسير القرطبي: 10/ 34.]] .
وقال قتادة: بلغنا أنّ نبي الله ﷺ قال: «لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورّع عن محارم الله، ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه» [[تفسير الطبري: 14/ 52، تفسير ابن كثير: 2/ 574.]] .
{"ayahs_start":28,"ayahs":["وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِنِّی خَـٰلِقُۢ بَشَرࣰا مِّن صَلۡصَـٰلࣲ مِّنۡ حَمَإࣲ مَّسۡنُونࣲ","فَإِذَا سَوَّیۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِیهِ مِن رُّوحِی فَقَعُوا۟ لَهُۥ سَـٰجِدِینَ","فَسَجَدَ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ كُلُّهُمۡ أَجۡمَعُونَ","إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ أَبَىٰۤ أَن یَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِینَ","قَالَ یَـٰۤإِبۡلِیسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِینَ","قَالَ لَمۡ أَكُن لِّأَسۡجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقۡتَهُۥ مِن صَلۡصَـٰلࣲ مِّنۡ حَمَإࣲ مَّسۡنُونࣲ","قَالَ فَٱخۡرُجۡ مِنۡهَا فَإِنَّكَ رَجِیمࣱ","وَإِنَّ عَلَیۡكَ ٱللَّعۡنَةَ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلدِّینِ","قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِیۤ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ","قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِینَ","إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡوَقۡتِ ٱلۡمَعۡلُومِ","قَالَ رَبِّ بِمَاۤ أَغۡوَیۡتَنِی لَأُزَیِّنَنَّ لَهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِیَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ","إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِینَ","قَالَ هَـٰذَا صِرَ ٰطٌ عَلَیَّ مُسۡتَقِیمٌ","إِنَّ عِبَادِی لَیۡسَ لَكَ عَلَیۡهِمۡ سُلۡطَـٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡغَاوِینَ","وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوۡعِدُهُمۡ أَجۡمَعِینَ","لَهَا سَبۡعَةُ أَبۡوَ ٰبࣲ لِّكُلِّ بَابࣲ مِّنۡهُمۡ جُزۡءࣱ مَّقۡسُومٌ","إِنَّ ٱلۡمُتَّقِینَ فِی جَنَّـٰتࣲ وَعُیُونٍ","ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَـٰمٍ ءَامِنِینَ","وَنَزَعۡنَا مَا فِی صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَ ٰنًا عَلَىٰ سُرُرࣲ مُّتَقَـٰبِلِینَ","لَا یَمَسُّهُمۡ فِیهَا نَصَبࣱ وَمَا هُم مِّنۡهَا بِمُخۡرَجِینَ","۞ نَبِّئۡ عِبَادِیۤ أَنِّیۤ أَنَا ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ","وَأَنَّ عَذَابِی هُوَ ٱلۡعَذَابُ ٱلۡأَلِیمُ"],"ayah":"وَإِنَّ عَلَیۡكَ ٱللَّعۡنَةَ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلدِّینِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق