الباحث القرآني
وقوله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى إكمال للتوبيخ والوعيد بحسب التوفيقات الثَّلاثِ، يَصْلُحُ مَعَ كلِّ وَاحدٍ منها، ت: وفي قوله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى مَا يُثِير الهِمَمَ الرَاكِدَةَ، وَيُسِيلُ العيونَ الجَامِدَةَ، ويَبْعَثُ على الحياء والمراقبةِ، قال الغزالي:
اعلمْ أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ على ضميرِكَ، ومشرفٌ على ظاهِرك وباطنِك، فَتَأَدَّبْ أيها المسكينُ ظَاهِراً وباطِناً بين يديه سبحانه واجتهدْ أن لا يَرَاكَ حيثُ نَهَاكَ وَلاَ يَفْقِدُكَ حَيْثُ أَمَرَكَ، ولاَ تَدَعْ عَنْكَ التفكرَ في قُرْبِ الأجلِ، وحلولِ الموتِ القاطِع للأملِ، وخروجِ الأمْرِ من الاختيَارِ، وحصولِ الحَسْرَةِ والنَّدَامةِ بطُولِ الاغترارِ، انتهى، ثم توعَّده تعالى لَئِنْ لم ينتَهِ لَيُؤْخَذَنَّ بناصيتهِ، فَيُجَرُّ إلى جَهَنَّمَ ذَلِيلاً، تقول العربُ: سَفَعْتُ بِيَدِي ناصية الفَرَسِ، والرَّجُلِ إذا جذبتُها مُذَلَّلَةً، وقال بعض العلماء بالتفسير: معناه لتُحْرَقَنَّ، من قولهم: سَفَعَتْه النارُ، واكْتَفَى بذكرِ الناصيةِ لِدلالتِها على الوَجْهِ والرأْسِ، والناصيةُ مُقَدَّمُ شَعْرِ الرأسِ، ثم أبْدَل النكرةَ من المعرفة في قوله: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ ووصفَها بالكَذِبِ والخَطَإ من حيثُ هي صفاتٌ لصاحِبها.
قوله: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ أي أهْلَ مَجْلَسِهِ، والنَّادِي والنَّدي: المجلسُ، ومنه دَارُ النَّدْوَةِ، وقال البخاري قال مجاهد: نادِيَه: عشيرتَه [[أخرجه الطبري (12/ 649) ، (37690) عن ابن عبّاس، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (6/ 627) ، وعزاه للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.]] .
وقوله: سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ أي: / ملائِكَة العَذابِ، ثم قال- تعالى- لنبيه- عليه السلام-: كَلَّا لاَ تُطِعْهُ أي: لا تَلْتَفِتْ إلى نَهْيِهِ وكلامه واسْجُدْ لربك واقْتَرِبْ إليه بسجودِك، وفي الحديث: «أَقْرَبُ ما يكونُ العبدُ من رَبّه إذا سَجَدَ، فَأَكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ في السجودِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُم» ، ورَوَى ابنُ وهب عَنْ جماعةٍ من أهل العلم: أنّ قوله: وَاسْجُدْ: خطاب للنبي ﷺ وَأَن قَوْلَه: وَاقْتَرِبْ: خطابٌ لأَبِي جَهْلٍ، أي: إن تَجْتَرِىءُ حتى تَرَى كَيْفَ تَهْلَكُ، ت: والتأويلُ الأول أظهر يدل عليه قوله ﷺ:
«أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربه وهو ساجِدٌ» [[تقدّم تخريجه.]] وعنْ ربيعة بن كعب الأسلميِّ قال: كنت أبيت مع النبي ﷺ فآتيهِ بِوَضُوئِهِ وحَاجَتِه، فقال لي: سَلْ فقلتُ: أسألكَ مُرَافَقَتَكَ في الجنةِ، قالَ أوَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَال: فأعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» [[أخرجه مسلم (2/ 379- 380) - الأبي، كتاب «الصلاة» باب: فضل السجود والحث عليه (226/ 489) ، وأبو داود (1/ 421) ، كتاب «الصلاة» باب: وقت قيام النبي ﷺ من الليل (1320) ، والترمذي (5/ 480- 481) ، كتاب «الدعوات» باب: منه (3416) ، والنسائي (2/ 227) ، كتاب «الافتتاح» باب:
فضل السجود (1138) ، وابن ماجه (2/ 1276- 1277) ، كتاب «الدعاء» باب: ما يدعو به إذا تنبه من الليل (3879) ، وأحمد (4/ 59) . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.]] رواه الجماعة إلا البخاريَّ، ولفظُ الترمذي: «كُنْتُ أَبِيتُ عِنْدَ بَابِ النبيِّ ﷺ فَأُعْطِيهِ وَضُوءَهُ، فَأَسْمَعُهُ الْهَوِيَّ مِنَ اللَّيْلِ يقول: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه، وأَسْمَعُهُ الْهَوِيَّ مِنَ اللَّيْلِ يَقُولُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ» [[ينظر: الحديث السابق.]] ، قال الترمذيُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، وليس لربيعةَ في الكتب الستَّةِ سوى هذا الحديثِ، انتهى من «السلاح» ، ورُوِيَ أن أبا جَهْلٍ جاءَ والنبيّ ﷺ يُصَلِّي، فَهمَّ بِأَنْ يَصِلَ إلَيْهِ، وَيَمْنَعَهُ مِنَ الصلاة، ثمّ كعّ وَوَلَّى نَاكِصاً على عَقِبَيْهِ مُتَّقِياً بِيَدَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: لَقَدْ عَرَضَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خَنْدَقٌ مِنْ نَارٍ، وَهَوْلٌ وَأَجْنِحَةٌ، فيروى: أنّ النبيّ ﷺ قَالَ: «لَوْ دَنَا مِنِّي لأَخَذَتْهُ المَلاَئِكَةُ عِيَاناً» [[أخرجه مسلم (4/ 2154) ، كتاب «صفات المنافقين وأحكامهم» باب: قوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (38/ 2797) .]] ت: ولما لم يَنْتَهِ عَدُوُّ اللَّهِ أَخَذَهُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَمْكَنَ مِنْهُ، وذَكَرَ الوائليُّ الحَافِظُ في كتابِ «الإبَانَةِ» له مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بن مغول عن نافِع عن ابن عمر قال: «بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ بِجَنَبَاتِ بَدْرٍ إذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الأَرْضِ في عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ يُمْسِكُ طَرَفهَا أَسْوَدُ، فَقال: يَا عَبْدَ اللَّهِ، اسْقِنِي، فَقَالَ ابن عُمَرَ: لاَ أَدْرِي أَعَرَفَ اسمي، أَوْ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَقَالَ لي الأَسْوَدُ: لاَ تَسْقِهِ فَإنَّهُ كَافِرٌ، ثُمَّ اجتذبه، فَدَخَلَ الأرْضَ، قَالَ ابن عمر: فأتيت النبيّ ﷺ فَأَخْبَرْتُه، فقال: «أَوَ قَدْ رَأَيْتَهُ؟
ذَلِكَ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وهُوَ عَذَابُهُ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» انتهى من «التَّذْكِرَة» للقرطبيِّ، وقد ذَكَرْتُ هذهِ الحكايةَ عَن أبي عمر بن عبد البر بأتَّم مِنْ هَذا عِنْد قوله تعالى:
فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً ... [فصلت: 27] الآية.
{"ayahs_start":14,"ayahs":["أَلَمۡ یَعۡلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ یَرَىٰ","كَلَّا لَىِٕن لَّمۡ یَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِیَةِ","نَاصِیَةࣲ كَـٰذِبَةٍ خَاطِئَةࣲ","فَلۡیَدۡعُ نَادِیَهُۥ","سَنَدۡعُ ٱلزَّبَانِیَةَ","كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡ وَٱقۡتَرِب ۩"],"ayah":"أَلَمۡ یَعۡلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ یَرَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق