الباحث القرآني
وهي مكّيّة
قال ابن عبّاس وغيره: «التين والزيتون» المقْسَمُ بهما هُما المعروفانِ، وقال السهيلي:
أقْسَمَ تعالى بطور تينا، وطور زيتا، وهما جبلانِ عند بيتِ المقدس، وكذلك طور سيناء، ويقال: إن سيناءَ هي الحجارةُ، والطورُ عند أكثر الناسِ هو الجبلُ، وقال الماورديُّ: / ليس كلُّ جبلٍ يقال له: طورٌ إلا أنْ تكونَ فيه الأشجارُ والثمار، وإلا فهو جَبَلٌ فقط، انتهى، وَطُورِ سِينِينَ جبل بالشّام، والْبَلَدِ الْأَمِينِ مكةَ، والقَسَمُ واقع على قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [أي: في أحسن تقويم] [[سقط في: د.]] ينبغي لَه، وقال بعضُ العلماءِ بالعموم، أي: الإنسانُ أحسنُ المخلوقَاتِ تقويماً، ولَمْ يَرَ قومٌ الحِنْثَ على مَنْ حَلَفَ بالطلاقِ أنَّ زوجتَه أحسنُ من الشمس محتجين بهذهِ الآيةِ، وحسْنُ التقويمِ يشملُ جميعَ محاسنِ الإنسانِ الظاهرةِ والباطنةِ من حسن صورتهِ، وانتصابِ قامَتهِ، وكمالِ عقلهِ، وحسن تمييزِه، والإنسانُ هنا اسمُ جنسٍ، وتقديرُ الكلام: في تقويمِ أحسنَ تقويمٍ لأَن أَحْسَنِ صفةٌ لا بُدَّ أنْ تَجْرِي على موصوفٍ.
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ قال قتادةُ وغيره: معناه بالهَرَم وذهولِ العقلِ وهذهِ عِبْرة منصوبةٌ [[أخرجه الطبري (12/ 638) ، (37624) ، وذكره ابن عطية (4/ 500) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 621) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن عبّاس.]] ، وعبارةُ الثعلبيِّ: فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ قيل: اعتدالهُ واستواءُ شبابهِ، وهو أَحْسَنُ ما يكونُ، ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ بالهَرَمِ كما قال: إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ [الحج: 5] ، والسافلونَ: الهَرْمَى والزَّمْنَى والذين حَبَسَهُم عذرُهم عن الجهادِ في عهد النبي ﷺ، فأنزل اللَّه عُذرَهم وأخبرَهم أن لهم أجْرَهم الذي عَمِلُوا قبلَ أن تَذْهَبَ عقولهُم، انتهى، وفي البخاريّ عنه ﷺ «إذا مَرِضَ العبدُ أو سَافرَ كتبَ اللَّه له مثلَ ما كانَ يعملُ مقيماً صحيحاً» وهكذا قال في الذين حَبَسَهُم العذرُ، انتهى، قال- ص-: إِلَّا الَّذِينَ قيلَ: منقطعٌ بناءً على أنَّ مَعْنَى أَسْفَلَ سافِلِينَ: بالهرَم وذهولِ العقْلِ، وقيل متصلٌ بِنَاءً عَلى أَنَّ معْناه في النارِ على كفرِه، انتهى، قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 500) .]] : وفي حديثٍ/ عَنْ أنسٍ قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إذا بَلَغَ المؤْمِنُ خمسينَ سَنَةً خَفَّفَ اللَّه حِسَابَه، فإذَا بَلَغَ سِتِّينَ رَزَقَه الإنَابَة إلَيه، فإذَا بلغَ سبعين أحَبّه أهلُ السَّماءِ، فَإذَا بلغ ثمانين كُتِبَتْ حَسَنَاتُه وتَجاوزَ اللَّهُ عن سيئاتِه، فإذا بلغ تسعينَ غُفِرَتْ ذنُوبُه وشَفَعَ في أهْل بَيْتِه وكَانَ أسيرَ اللَّهِ في أرْضِه، فإذا بلغَ مائةً وَلَمْ يَعْمَل شيئاً كُتِبَ له مثلُ مَا كان يَعْملُ في صحَّتِه ولم تُكْتَبْ عليه سيئة» [[تقدم تخريجه.]] ، وفي حديث: «إن المؤمنَ إذا رُدَّ إلى أرذل العمر كُتِبَ له خيرُ ما كانَ يعملُ في قوّتهِ» [[تقدم.]] . وذلكَ أجرٌ غير ممنون، ثم قال سبحانه إلزامًا للحُجَّةِ وتوبيخاً للكافرِ: فَما يُكَذِّبُكَ أيها الإنسانُ، أي: فما يَجْعَلُكَ أنْ تُكَذِّبَ بعدَ هذه الحجةِ بالدينِ، وقال قتادة: المعنَى: فمن يكذِّبُكَ يا محمد، فيما تُخْبِرُ به من الجزاءِ والحسابِ [[ذكره ابن عطية (5/ 500) .]] ، وهو الدينُ، بَعْدَ هذه العبر، ويحتمل أن يريد بِالدِّينِ جميعَ دينه وشَرْعِه، ورُوِيَ عن قتادة أن النبي ﷺ كانَ إذا قَرَأَ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ قَال: بَلَى وأنَا عَلى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ، قالَ ابن العربي في «أحكامه» : رَوَى الترمذيُّ وغيره عن أبي هريرة، أنّ النبي ﷺ قالَ: «إذا قَرأَ أحدُكم أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ فَلْيَقُلْ: بلى [[تقدّم تخريجه.]] وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِين» ومِنْ رواية عبد اللَّه: «إذَا قرأَ أَحَدُكُمْ أَوْ سَمِعَ: أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى [القيامة:
40] فَلْيقُلْ: بلى» [[تقدّم تخريجه.]] انتهى، ت: وهذان الحديثانِ، وإنْ كَانَ قَدْ ضعَّفُهما ابنُ العربيِّ فهما مما ينبغي ذكرُهما في فضائل الأعمال، والله الموفق بفضله وكرمه.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلتِّینِ وَٱلزَّیۡتُونِ","وَطُورِ سِینِینَ","وَهَـٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِینِ","لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِیۤ أَحۡسَنِ تَقۡوِیمࣲ","ثُمَّ رَدَدۡنَـٰهُ أَسۡفَلَ سَـٰفِلِینَ","إِلَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَیۡرُ مَمۡنُونࣲ","فَمَا یُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّینِ","أَلَیۡسَ ٱللَّهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَـٰكِمِینَ"],"ayah":"فَمَا یُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّینِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق