الباحث القرآني
وقوله سبحانه: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ: أي: بالسيف والْمُنافِقِينَ، أي:
باللسان والتعنيفِ والاكفهرار في الوجْه، وبإِقامة الحدود عليهم.
قال الحَسَن: وأكثر ما كَانَتِ الحدودُ يومئذٍ تصيبُ المنافقين، ومذْهَبُ الطبريِّ أَنَّ رسول الله ﷺ كان يعرفهم ويسترهم، وأما قوله: وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ، فلفظةٌ عامَّة في الأفعال والأقوال، ومعنى الغِلَظِ: خشن الجانب، فهو ضدّ قوله تعالى: وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء: 215] ، وقولُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا ... الآية، نزلَتْ في الجُلاَسِ بْنِ سُوَيْدٍ، وقوله: لَئِنْ كَانَ مَا يَقُولُ محمَّد حقًّا، لَنَحْنُ شر مِنَ الحُمُر، فسمعها منه رَبِيبُهُ أو رجل آخر، فأخبر النبيّ ﷺ، فجاء الجُلاسُ، فَحَلَفَ باللَّه مَا قالَ هذه الكلمة، فنزلَتِ الآية، فكلمة الكُفْر: هي مقالته هذه لأن مضمنها قَوِيٌّ في التكذيب، قال مجاهد: وقوله: وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا: يعني: أنَّ الجُلاَس قد كان هَمَّ بقَتْل صاحبه الذي أخبر النبيّ ﷺ، وقال قتادة: نزلَتْ في عبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبيٍّ ابن سَلُولَ، وقوله في غزوة المُرَيْسِيعِ: مَا مَثَلُنَا وَمَثَلُهُمْ إِلاَّ كَمَا قَالَ الأَوَّلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ، ولَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ
[المنافقون: 8] ، فبلغ ذلك النبيّ ﷺ، فوقفه، فَحَلفَ أَنَّه لم يقُلْ ذلك، فنزلَتِ الآية مكذِّبة له.
ت: وزاد ابن العربيِّ في «أحكامه» [[ينظر: «الأحكام» (2/ 979) .]] قولاً ثالثاً أنَّ الآية نزلَتْ في جماعة المنافقين قاله الحسن، وهو الصحيحُ/ لعموم القول ووجود المعنَى فيه، وفيهم، انتهى.
وحدَّث أبو بَكْرٍ بْنُ الخَطِيبِ بسنده، قال: سُئِلَ سفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ عن الهَمِّ: أيؤاخَذُ به صاحِبُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا كَانَ عَزْماً أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قوله تعالى: وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا ... الآية، إِلى قوله: فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ، فجعل عليهم فيه التَّوْبَةِ، قال سفيانُ: الهَمُّ يسوِّد القلْبَ انتهى.
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 60) .
(3، 4) أخرجه الطبري (6/ 422) برقم (16989) ، وذكره ابن عطية (3/ 60) ، وابن كثير (2/ 371) .]] : وعلى تأويل قتادة، فالإِشارة ب كَلِمَةَ الْكُفْرِ إِلى تمثيل ابنِ أُبَيٍّ «سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ» [[ذكره ابن عطية (3/ 60) .]] .
قال قتادة: والإِشارة ب هَمُّوا إِلى قوله: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ «4» [المنافقون:
8] .
وقال الحَسَنُ: هُمَّ المنافِقُونَ من إِظهار الشرك ومكابرة النبيّ ﷺ بما لم ينالوا «5» ، وقال تعالَى: بَعْدَ إِسْلامِهِمْ، ولم يقل: «بعد إِيمانهم» لأن ذلك لم يتجاوزْ ألسنتهم.
وقوله سبحانه: وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ ... الآية: كأَنَّ الكلامَ، وما نقموا إِلا ما حقُّه أنْ يُشْكَرَ، وذُكِرَ رسولُ اللَّه في إِغنائهم منْ حَيْثُ كَثُرَتْ أموالهم من الغنائم، ورسول الله ﷺ سَبَبٌ في ذلك، وعلى هذا الحَدِّ قال عليه السلام للأنصارِ في غَزْوَةِ حُنَيْنٍ: «كُنْتُمْ عَالَةً، فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ» ، قال العراقيُّ: نَقَمُوا: أي: أنْكَرُوا.
وقال ص: إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ: إِنْ وصلْتَها: مفعولُ نَقَمُوا: أي: ما كرهوا إِلا إِغْنَاء اللَّه إِياهم، وقيل: هو مفعولٌ من أجله، والمفعولُ به محذوفٌ، أي: ما كرهوا الإِيمانَ إِلاَّ للإِغناء. انتهى.
ثم فتح لهم سبحانَهُ بابَ التَّوْبةِ رفقاً بهم ولطفاً، فروي أن الجُلاَسَ تَابَ من النفاقِ، وقال: إِن اللَّه قَدْ تَرَكَ لي بَابَ التَّوْبَة، فاعترف وأخلص، وحسنت توبته [[أخرجه الطبري (6/ 424) برقم: (16999) ، وذكره ابن عطية (3/ 61) ، والبغوي (2/ 311) .]] .
{"ayahs_start":73,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ جَـٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱغۡلُظۡ عَلَیۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ","یَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُوا۟ وَلَقَدۡ قَالُوا۟ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُوا۟ بَعۡدَ إِسۡلَـٰمِهِمۡ وَهَمُّوا۟ بِمَا لَمۡ یَنَالُوا۟ۚ وَمَا نَقَمُوۤا۟ إِلَّاۤ أَنۡ أَغۡنَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ مِن فَضۡلِهِۦۚ فَإِن یَتُوبُوا۟ یَكُ خَیۡرࣰا لَّهُمۡۖ وَإِن یَتَوَلَّوۡا۟ یُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ عَذَابًا أَلِیمࣰا فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَمَا لَهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا نَصِیرࣲ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ جَـٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱغۡلُظۡ عَلَیۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق