الباحث القرآني
وقوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ هذا الأمر بالكوْن مع الصَّادقين حَسَنٌ بعد قصَّة الثلاثة حين نَفَعَهم الصِّدْق، وذَهَبَ بهم عن منازل المنافقين، وكان ابنُ مسعودٍ يتأوَّل الآية في صِدْق الحديث [[أخرجه الطبري (6/ 509- 510) برقم: (17470- 17471) ، وذكره ابن عطية (3/ 95) ، والبغوي (2/ 337) نحوه، وابن كثير (2/ 399) نحوه.]] ، وإِليه نحا كَعْبُ بنُ مالك.
وقوله سبحانه: مَا كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ... الآية هذه الآية معاتبةٌ للمؤمنين من أهل يَثْرِبَ وقبائل العرب المُجَاورة لها، على التخلُّف عن النبيّ ﷺ في غزوةٍ، وقُوَّةُ الكلام تعطي الأمر بِصُحْبَتِهِ أَيْنَ ما توجَّه غازياً وبَذْلِ النفوس دونه، و «المخُمَصَة» مَفْعَلَةٌ من خُمُوص البَطْنِ، وهو ضُمُوره واستعير ذلك لحالة الجُوع، إِذ الخُمُوص ملازمٌ له، ومن ذلك قولُ الأَعْشَى: [الطويل]
تَبِيتُونَ في المَشْتى مِلاَءً بُطُونُكُمْ ... وَجَارَاتُكُمْ غَرْثَى [[جمع غرثى وغرثانة، والغرث: أيسر الجوع.
ينظر: «لسان العرب» (3231) .]] يَبِتْنَ خَمَائِصَا [[البيت للأعشى ينظر: «ديوانه» (149) ، «الدر المصون» (2/ 87) .]]
وقوله: وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا: لفظٌ عامٌّ لقليلِ ما يصنعه المؤمنون بالكَفَرةِ- من أخْذ مالٍ، أو إِيراد هوانٍ- وكثيره ونَيْلًا: مصدر نَالَ يَنَالُ وفي الحديث: «مَا ازداد قومٌ مِنْ أَهْلِيهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بُعْداً إِلاَّ ازدادوا مِنَ اللَّهِ قُرْباً» .
ت: وروى أَبو داود في «سننه» ، عن أبي مالكٍ الأشعريّ، قال: سمعت رسول الله ﷺ يَقُولُ: «مَنْ فَصَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَمَاتَ، أَوْ قُتِلَ، فَهُوَ شَهِيدٌ، أَوْ وَقَصَهُ فَرَسُهُ أَوْ بَعِيرُهُ أَوْ لَدَغَتْهُ هَامَّةٌ، أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ بِأَيِّ حَتْفٍ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ، وإِنَّ لَهُ الْجَنَّةَ» ، انتهى [[أخرجه أبو داود (2/ 12) كتاب «الجهاد» باب: فيمن مات غازيا، حديث (2499) ، والحاكم (2/ 78) ، والبيهقي (9/ 166) كتاب «السير» باب: فضل من مات في سبيل الله، والطبراني في «الكبير» (3/ 320) رقم: (3418) كلهم من طريق ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري به.
وقال الحاكم: صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرِّجاه، وتعقبه الذهبي فقال: ابن ثوبان: لم يحتج به مسلم وليس بذاك، وعبد الرحمن بن غنم لم يدركه مكحول فيما أظن.]] .
قال ابنُ العربي [[ينظر: «أحكام القرآن» (2/ 1029) .]] في «أحكامه» : قَوْلُه عزَّ وجلَّ: وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ: يعني إِلاَّ كُتِبَ لهم ثوابُهُ، وكذلك قال في المجاهد: «إِنَّ أَرْوَاثَ دَوَابِّهِ وأَبْوَالَهَا حَسَنَاتٌ له» وَكَذَلِكَ أَعطَى سبحانه لأَهْل العُذْر من الأجر ما أعطى للقويّ العامل بفضله، ففي الصحيح، بأن النبيّ ﷺ قال في هذه الغزوة بعينها: «إِنَّ بِالمَدِينَةِ قَوْماً مَا سَلَكْتُمْ وَادِياً وَلاَ قَطَعْتُمْ شِعْباً إلّا وهم معكم حبسهم العذر» [[أخرجه مسلم (3/ 1518) كتاب «الإمارة» باب: ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر، حديث (159/ 1911) ، وابن ماجه (2/ 923) كتاب «الجهاد» ، باب: من حبسه العذر عن الجهاد حديث (2765) ، وأحمد (3/ 300) وأبو يعلى (4/ 193) رقم (2291) كلهم من طريق الأعمش عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعا.
وله شاهد من حديث أنس بن مالك. أخرجه البخاري (7/ 732) كتاب «المغازي» باب: نزول النبي ﷺ الحجر، حديث (4423) ، ومسلم (3/ 1518) كتاب «الإمارة» باب: ثواب من حبسه عن الغزو مرض، حديث (59/ 1911) ، وأحمد (3/ 103) ، وابن ماجه (2/ 923) ، كتاب «الجهاد» ، باب: من حبسه العذر عن الجهاد حديث (2764) ، وأبو يعلى (6/ 450- 451) رقم: (3839) ، والبغوي في «شرح السنة» (5/ 524- بتحقيقنا) .]] انتهى.
{"ayahs_start":119,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَكُونُوا۟ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِینَ","مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِینَةِ وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ أَن یَتَخَلَّفُوا۟ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا یَرۡغَبُوا۟ بِأَنفُسِهِمۡ عَن نَّفۡسِهِۦۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ لَا یُصِیبُهُمۡ ظَمَأࣱ وَلَا نَصَبࣱ وَلَا مَخۡمَصَةࣱ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلَا یَطَـُٔونَ مَوۡطِئࣰا یَغِیظُ ٱلۡكُفَّارَ وَلَا یَنَالُونَ مِنۡ عَدُوࣲّ نَّیۡلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَلࣱ صَـٰلِحٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ","وَلَا یُنفِقُونَ نَفَقَةࣰ صَغِیرَةࣰ وَلَا كَبِیرَةࣰ وَلَا یَقۡطَعُونَ وَادِیًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِیَجۡزِیَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَكُونُوا۟ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق