وقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ... الآية: رُوي أن الجماعة التائبة لَمَّا تِيبَ عليهَا، قالوا: يا رسُولَ اللَّه إِنَّا نُرِيدُ أن نتصدَّق بأموالنا زيادةً في تَوْبَتِنا، فقال لهم ﷺ: «إِنِّي لاَ أَعْرِضُ لأَمْوَالِكُمْ إِلاَّ بَأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ» [[ينظر: حديث توبة كعب بن مالك، وأصحابه، وقد تقدم تخريجه.]] ، فَتَرَكَهُمْ حَتَّى نَزَلَتْ هذه الآية، فَهُمُ المراد بها، فروي أنه ﷺ أخذ ثلث أموالِهِمْ، مراعاةً لقوله تعالى: مِنْ أَمْوالِهِمْ، فهذا هو الذي تظاهَرَتْ به أقوال المتأوِّلين، وقالتْ جماعة من الفقهاء: المرادُ بهذهِ الآية الزكَاةُ المفروضَةُ، وقوله تعالى: تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها: أحسن ما يحتمل أنْ تكون هذه الأفعالُ مسندة إلى ضمير النبيّ ﷺ.
وقوله سبحانه: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ: معناه: ادع لهم، فإِن في دعائك لهم سكوناً لأنفسهم وطمأنينة ووقاراً، فهي عبارةٌ عن صلاح المعتَقَد، والضميرُ في قولِهِ: أَلَمْ يَعْلَمُوا قال ابنُ زَيْدٍ: يُرادُ به الذين لم يتوبوا من المتخلِّفين [[أخرجه الطبري (6/ 466) برقم: (17177) ، وذكره ابن عطية (3/ 79) .]] ، ويحتملُ أنْ يُرَادِ به الذين تابوا، وقوله: وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ قال الزَّجَّاج [[ينظر: «معاني القرآن» للزجاج (2/ 467) .]] : معناه: ويقبل الصدقات [[ذكره ابن عطية (3/ 79) .]] ، وقد جاءَتْ أحاديثُ صحاحٌ في معنى الآية منها حديثُ أبي هريرة: «إِنَّ الصَّدَقَةَ قَدْ تَكُونُ قَدْرَ اللُّقْمَةِ يَأْخُذُهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا لأَحَدِكُمْ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلْوَهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ» [[أخرجه البخاري (3/ 326) كتاب «الزكاة» باب: الصدقة من كسب طيب، حديث (1410) ، ومسلم (2/ 702) كتاب «الزكاة» باب: قبول الصدقة من الكسب الطيب، حديث (63، 64/ 1014) ، والترمذي (3/ 40- 41) كتاب «الزكاة» باب: ما جاء في فضل الصدقة، حديث (661- 662) ، والنسائي (5/ 57) كتاب «الزكاة» باب: الصدقة من غلول، وابن ماجه (1/ 590) كتاب «الزكاة» باب:
فضل الصدقة، حديث (1842) ، وأحمد (2/ 331، 382، 418، 419، 431) ، والدارمي (1/ 395) كتاب «الزكاة» باب: فضل الصدقة، وابن خزيمة (4/ 93) برقم: (2426) ، وابن حبان (3318) من حديث أبي هريرة مرفوعا، وللحديث شاهد من حديث عائشة.
أخرجه أحمد (6/ 251) ، وابن حبان (819- «موارد» ) ، والبزار (1/ 441- «كشف» ) ، حديث (931) .
والهيثمي في «المجمع» (3/ 115) وقال: رواه البزار، ورجاله ثقات.]] ، ونحو هذا من الأحاديث التي هي عبارةٌ عن القبول والتحفِّي بصدقة العبد.
وقوله: عَنْ عِبادِهِ: هي بمعنى «من» .
{"ayahs_start":103,"ayahs":["خُذۡ مِنۡ أَمۡوَ ٰلِهِمۡ صَدَقَةࣰ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّیهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَیۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنࣱ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ","أَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ یَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَیَأۡخُذُ ٱلصَّدَقَـٰتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ"],"ayah":"خُذۡ مِنۡ أَمۡوَ ٰلِهِمۡ صَدَقَةࣰ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّیهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَیۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنࣱ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ"}