الباحث القرآني

وقوله عز وجل: أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ ... الآية، قرأ الجمهور: «نُتْبِعُهُمُ» - بضم العين- على استئناف الخبر، ورُوِيَ عن أبي [[وقرأ بها الأعرج كما في «المحتسب» (2/ 346) . وينظر: «مختصر الشواذ» ص: (167) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 418) ، و «البحر المحيط» (8/ 397) ، و «الدر المصون» (6/ 456) .]] عمرو: «نُتْبِعْهُمُ» بجزم العين عطفاً على «نهلك» وهي قراءة الأعرج، فَمَنْ قرأ الأولى جعل الأولين الأُمَمَ التي تقدمت قريشاً بأجمعها، ثم أخبر أَنَّهُ يتبع الآخرين من قريش وغيرهم سنن أولئك إذا كفروا وسلكوا سبيلهم، ومَنْ قرأ الثانية جعل الأَوَّلِينَ قومَ نوحٍ وإبراهيمَ ومَنْ كان معهم، والآخرين قوم فرعونَ وكُلَّ مَنْ تأخَّرَ وقَرُبَ من مدّة النبي ﷺ ثم قال: كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ أي: في المستقبل، فيدخل هنا قريش وغيرها، وأَمَّا تكرار قوله تعالى: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ في هذه السورة فقيل: ذلك لمعنى التأكيد فقط، وقيل: بل في كل آية منها ما يقتضي التصديقَ، فجاء الوعيد على التكذيب بذلك الذي في الآية، والماء المهين: معناه الضعيف، والقرار المكين: الرَّحِمُ وبَطْنُ المرأة، والقدر [[ينظر: «السبعة» (666) ، و «الحجة» (6/ 365) ، و «إعراب القراءات» (2/ 428) ، و «شرح الطيبة» (6/ 93) ، و «العنوان» (202) ، و «حجة القراءات» (743) ، و «شرح شعلة» (617) ، و «إتحاف» (2/ 581) .]] المعلوم: هو وقت الولادة [ومعناه] معلوم عند اللَّه، وقرأ نافع والكسائيُّ: «فَقَدَّرْنَا» - بتشديد الدال-، والباقون بتخفيفها، وهما بمعنى من القدرة والقدر ومن التقدير والتوقيت. ت: وفي كلام ع: تلفيف، وقال غيره: فَقَدَّرْنَا بالتشديد من التقدير وبالتخفيف من القدرة، وهو حسن. وقوله: الْقادِرُونَ يُرَجِّحُ قراءة الجماعة إلاَّ أَنَّ ابن مسعود رَوَى عنِ النبيّ ﷺ أَنَّهُ فَسَّرَ «القادرون» بالمقدرين، والكِفَاتُ: الستر والوعاء الجامع للشيء بإجماع تقول: كفت الرجلُ شعره إذا جمعه بخرقة، والأرضُ تكفت الأحياءَ على ظهرها، وتكفِتُ الأموات في بطنها، وخَرَجَ الشَّعْبِيُّ إلى جنازة فنظر إلى الجبَّانة فقال: هذه كفات الموتى، ثم نظر إلى البيوت فقال: وهذه كفات الأحياء. قال/ ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 419) .]] : ولما كان القبر كفاتاً كالبيت، قُطِعَ من سَرَقَ منه، والرواسي: الجبال، والشوامخ: المرتفعة، والفرات: الصافي العَذْبُ، والضمير في قوله: انْطَلِقُوا هو للمُكَذِّبِينَ الذين لهم الويل، ثم بَيَّنَ المُنْطَلَقَ إليه قال عطاء: الظل الذي له ثلاث شعب هو دُخَانُ جهنم [[ذكره ابن عطية (5/ 419) .]] ، وقال ابن عباس: هذه المخاطبة تقال يومئذ لِعَبَدَةِ الصليب [[ذكره ابن عطية (5/ 419- 420) .]] إذا اتَّبَعَ كُلُّ أحد ما كان يعبد، فيكون المؤمنون في ظل اللَّه ولا ظل إلاَّ ظله، ويقال لعَبَدَةِ الصليب: انطلقوا إلى ظِلِّ معبودكم، وهو الصليب له ثلاث شعب، ثم نفى تعالى عنه محاسن الظل، والضميرُ في إِنَّها لجهنم تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ أي: مثل القصور من البنيان قاله ابن عباس وجماعة من المفسرين [[أخرجه الطبري (12/ 387- 388) ، رقم: (35963- 35964- 35965) ، وذكره البغوي (4/ 434) ، وابن عطية (5/ 420) .]] ، وقال ابن عباس أيضاً: القصر خشب كُنَّا في الجاهلية نَدَّخِرُه للشتاء [[أخرجه الطبري (12/ 388) ، رقم: (35966) ، وذكره البغوي (4/ 434) ، وابن عطية (5/ 420) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 495) ، وعزاه لعبد الرزاق، والفريابي، والبخاري، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والحاكم عن عبد الرحمن بن عابس عن ابن عبّاس بنحوه.]] ، وقرأ ابن عباس [[وقرأ بها سعيد بن جبير. ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (167) ، و «المحتسب» (2/ 346) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 420) ، و «البحر المحيط» (8/ 398) ، وزاد نسبتها إلى مجاهد، والحسن، وابن مقسم. وهي في «الدر المصون» (6/ 458) .]] : «كالْقَصَر» - بفتح الصاد- جمع قَصَرَةِ وهي أعناق النخل والإبل، وقال ابن عباس: جذور النخل [[أخرجه الطبري (12/ 388) ، رقم (35971) ، وذكره ابن عطية (5/ 420) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 495) ، وعزاه لسعيد بن منصور عن ابن عبّاس بنحوه.]] ، واخْتُلِفَ في الجَمَالاَتِ: فقال جمهور من المفسرين: هي جمع جِمَالٍ كرجال ورِجالات، وقال آخرون: أراد بالصُّفْرِ السود، وقال جمهور الناس: بل الصفر: الفاقعة لأَنَّها أشبه بلون الشَّرَرِ، وقال ابن عباس: الجمالات: حبال السفن، وهي الحبال العظام إذا جُمِعَتْ مستديرةً بعضها إلى بعض [[أخرجه الطبري (12/ 390) ، رقم: (35983- 35984- 35985) ، وذكره البغوي (4/ 435) ، وابن عطية (5/ 420) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 494) ، وعزاه لعبد الرزاق، والفريابي، والبخاري، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والحاكم عن عبد الرحمن بن عابس عن ابن عبّاس بنحوه.]] ، وقرأ ابن عباس [[وقرأ بها أبو حيوة، والسلمي، والأعمش، وأبو بحرية، وابن أبي عبلة، ورويس. ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (167) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 420) ، و «البحر المحيط» (8/ 398) ، و «المحتسب» (2/ 347) ، و «الدر المصون» (6/ 459) .]] : «جُمَالَةً» - بضم الجيم- من الجملة لا من الجمل، ثم م خاطب تعالى نبيه ع بقوله: هذا يَوْمُ لاَ يَنْطِقُونَ ... الآية، وهذا في موطنٍ خاص إذ يومُ القيامَة هو مواطن.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب