الباحث القرآني

وهي مكّيّة بإجماع قوله عز وجل: لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ/ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ هذه قراءة الجمهور، وقرأ ابن كثير [[ينظر: «السبعة» (661) ، و «الحجة» (6/ 343) ، و «إعراب القراءات» (2/ 414) ، و «حجة القراءات» (735) ، و «معاني القراءات» (3/ 105) ، و «العنوان» (200) ، و «إتحاف» (2/ 573) .]] : «لأُقْسِمُ بِيَومِ الْقِيَامَةِ وَلأُقْسِمُ» فقيل: على قراءة الجمهور «لا» زائدة، وقال الفَرَّاءُ: «لا» نفيٌ لكلام الكفار، وزجر لهم، ورَدٌّ عليهم، وجمهور المتأوِّلين على أَنَّ اللَّه تعالى أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة، أقسم سبحانه بيوم القيامة تنبيهاً منه على عِظَمِهِ وهوله قال الحسن: النفس اللَّوَّامَةُ: هي اللوامة لصاحبها في ترك الطاعة ونحو ذلك [[ذكره البغوي (4/ 421) ، وذكره ابن عطية (5/ 402) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 464) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا.]] ، فهي على هذا ممدوحة ولذلك أقسم اللَّه بها، وقال ابن عباس وقتادة: اللوامة: هي الفاجرة، اللوامة لصاحبها على ما فاته من سعي الدنيا [[ذكره ابن عطية (5/ 402) .]] وأعراضها، وعلى هذا التأويل يحسن نفي القسم بها، والنفس في الآية اسم جنس. قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 402) .]] : وكل نفس متوسطة ليست بالمُطْمَئِنَّةِ ولا بالأَمَّارَةِ بالسوء فإنَّها لوَّامة في الطرفين، مرةً تلوم على ترك الطاعة، ومرةً تلوم على فوت ما تشتهي، فإذا اطمأنَّتْ خلصت وصفت، قال الثعلبيُّ: وجواب القسم محذوف تقديره: لَتُبْعَثُنَّ، دَلَّ عليه قوله: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ أي: للإحياء والبعث، والإنسان هنا الكافر المكذّب بالبعث، انتهى، والبنان: الأصابع، ونُسَوِّيَ بَنانَهُ معناه: نتقنها سَوِيَّةً قاله القتبي، وهذا كله عند البعث، وقال ابن عباس وجمهور المفسرين: المعنى: بل نحن قادرون أنْ نسوي بنانه، أي: نجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحداً كَخُفِّ البعير أو كحافر الحمار، لا يمكنه أنْ يعمل بها شيئاً، ففي هذا تَوَعُّدٌ ما، والقول الأول أجرى مع رصف الكلام [[أخرجه الطبري (2/ 328) ، رقم: (35540- 35541) ، وذكره ابن عطية (5/ 402) ، وابن كثير (4/ 448) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 464) ، وعزاه لعبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]] . بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ معناه: أنَّ الإنسان إنَّما يريد شهواتِهِ ومعاصِيَه ليمضيَ فيها أبداً راكباً رأسه، ومطيعاً أمله، ومُسَوِّفاً توبته قال البخاريُّ: لِيَفْجُرَ أَمامَهُ يقول: سوف أتوب، سوف أعمل [[ينظر: «فتح الباري» (8/ 547) ، كتاب «التفسير» .]] ، انتهى. / قال الفخر [[ينظر: «الفخر الرازي» (30/ 192) .]] : قوله: لِيَفْجُرَ أَمامَهُ فيه قولان: الأَوَّل: ليدوم على فجوره فيما يستقبله من الزمان، لا ينزع عنه فَعَنِ ابن جُبَيْرٍ: يقدم الذنب، ويُؤَخِّرُ التوبة [[أخرجه الطبري (12/ 330) ، رقم: (35555) ، وذكره البغوي (4/ 421) ، وابن عطية (5/ 402) ، وابن كثير (4/ 448) .]] ، يقول: سوف أتوب، سوف أتوب حتى يأتيه الموت على شر أحواله وأسوإ أعماله. القول الثاني: لِيَفْجُرَ أَمامَهُ أي: يُكَذِّبُ بما أمامه من البعث والحساب لأَنَّ من كذب حَقًّا كان مفاجراً، والدليل على هذا القول قوله تعالى: يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ أي: متى يكون ذلك تكذيباً له، انتهى. وسؤال الكفار أَيَّانَ هو على معنى التكذيب والهزء، وأَيَّانَ بمعنى: متى، وقرأ نافع وعاصم بخلافٍ: «بَرَقَ الْبَصَرُ» - بفتح الراء [[وعاصم قرأها هكذا من رواية أبان. ينظر: «السبعة» (661) ، و «الحجة» (6/ 345) ، و «معاني القراءات» (3/ 106) ، و «إعراب القراءات» (2/ 414) ، و «شرح الطيبة» (6/ 81) ، و «العنوان» (200) ، و «حجة القراءات» (736) ، و «شرح شعلة» (613) ، و «إتحاف» (2/ 574) .]] - بمعنى: لَمَعَ وصار له بريق، وحار عند الموت، وقرأ أبو عمرو وغيره بكسرها بمعنى: شَخَصَ، والمعنى متقارب، قال مجاهد: هذا عند الموت [[أخرجه الطبري (12/ 331) ، رقم: (35563) ، وذكره ابن عطية (5/ 403) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 465) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.]] ، وقال الحسن: هذا في يوم القيامة [[ذكره ابن عطية (5/ 403) .]] ، قال أبو عبيدة وجماعة من اللغويين: الخسوف والكسوف بمعنى واحد [[ذكره ابن عطية (5/ 403) .]] ، وقال ابن أبي أُوَيْسٍ: الكسوف: ذهابُ بعض الضوء، والخسوف: ذهاب جميعه، وروى عروة وسفيان أَنَّ النبيّ ﷺ قَالَ: «لاَ تَقُولُوا كَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَلَكِنْ قُولُوا: خَسَفَتْ» [[أخرجه مسلم (2/ 625) ، كتاب «الكسوف» باب: ما عرض على النبي ﷺ في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار (13/ 905) .]] وقرأ ابن مسعود: «وَجُمِعَ [[هكذا في القرطبي (19/ 63) . وذكر ابن عطية في «المحرر الوجيز» (5/ 403) أنها قراءة ابن أبي عبلة.]] بَيْنَ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ» واختلف في معنى الجمع بينهما فقال عطاء: يجمعان فيقذفان في النار [[أخرجه الطبري (12/ 332) ، رقم: (35569) ، وذكره البغوي (4/ 422) ، وابن عطية (5/ 403) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 465) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.]] ، وقيل: في البحر فيصيرا نارَ اللَّه العُظْمَى، وقيل: يُجْمَعُ الضَّوْءانِ فيذهب بهما قال الثعلبيُّ: وقال علي وابن عباس: يجعلان في نور الحجب [[ذكره القرطبي (19/ 63) ، وذكره أبو حيان في «البحر المحيط» (8/ 377) .]] ، انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب