الباحث القرآني

وقوله تعالى: لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ قال ابن عباس وجمهور الناس: معناه مُغَيِّرَةٌ للبَشَرَاتِ ومُحَرِّقَةٌ للجُلودِ مُسَوِّدَة لها [[أخرجه الطبري (12/ 311) ، رقم: (35434) ، وذكره البغوي (4/ 416) ، وابن عطية (5/ 395) ، وابن كثير (4/ 443) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لعبد بن حميد.]] ، فالبَشَرُ جَمْع بَشَرَةٍ، وقال الحسن وابن كَيْسَانَ: لَوَّاحَةٌ بِنَاء مبالغَةٍ من لاَحَ يَلُوحُ إذا ظَهَرَ، فالمعنى أنها تظهرُ للناسِ وهم البَشَرُ من مسيرةِ خَمْسِمِائَةِ عامٍ، وذلك لعظمِها وهَوْلِهَا وزفيرها [[ذكره البغوي (4/ 416) ، وابن عطية (5/ 396) .]] . وقولُه تعالى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ لاَ خِلاَفَ بينَ العلماءِ أنهم خَزَنَةُ جهنمَ المحيطونَ بأمْرِها الذين إليهم جِمَاع أمْرِ زبانِيَتِها، ورُوِي أن قريشاً لما سَمِعَتْ هذا كَثُرَ لَغَطُهم فيه، وقالوا: ولَوْ كَانَ هذا حقاً، فإن هَذَا العَدَدَ قليلٌ، وقالَ أبو جهل: هؤلاء تسعةَ عشَرَ، وأنْتُمْ الدُّهْمُ أي: الشُّجْعَانُ: أفَيَعْجَزُ عشرةٌ منا عن رجلٍ منهم إلى غير هذا من أقوالهم السخيفةِ. وقوله تعالى: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً تَبْيينٌ لفسادِ أقوالِ قريشٍ، أي: إنا جَعَلْنَاهم خَلْقاً لا قِبَلَ لاًّحَدٍ من الناس بهم وجعلنا عِدَّتَهم هذا القدرَ فتنةً للكفارِ لِيَقَع منهم من التعاطِي والطَّمَعِ في المغالَبَةِ ما وقع، ولِيَسْتَيْقِنَ أهلُ الكتابِ- التوراةِ والإنجيلِ- أنَّ هذا القرآنَ مِنْ عندَ اللَّهِ، إذْ هُمْ يَجِدُونَ هذهِ العدةَ في كُتُبِهم المنزَّلةِ، قال هذا المعنى ابنُ عباسٍ وغيرُه [[أخرجه الطبري (12/ 313) ، رقم: (35447) ، وذكره ابن عطية (5/ 396) .]] ، وبوُرُودِ الحقائقِ من عند الله- عز وجل- يَزْدَادُ كلُّ ذِي إيمانٍ إيمَاناً، ويَزُولُ الرَّيْبُ عَنِ المُصَدِّقِينَ مِنْ أهْلِ الكتابِ ومِنَ المؤمنين. / وقوله سبحانه: وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ.... الآية، نوعٌ من الفتنةِ لهذا الصِّنفِ المنافِق أو الكافرِ، أي حَارُوا وَلَمْ يَهْتَدُوا لِمَقْصِدِ الحقِ، فجعلَ بَعْضُهم يَسْتَفْهِمُ بَعْضاً عن مرادِ اللَّه بهذا المثل، استبعاداً أنْ يكونَ هذا مِنْ عِندِ اللَّهِ، قال الحسين بن الفضل: السورة مكيَّةٌ وَلَمْ يكن بمكةَ نِفَاقٌ وإنَّما المرض في هذه الآيةِ الاضْطِرَابُ وضَعْفُ الإيمانِ [[ذكره ابن عطية (5/ 396) .]] ، ثم قَالَ تعالى: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ إعْلاماً بأن الأمْرَ فَوْقَ ما يتوهّم، وأنَّ الخبرَ إنما هُو عَنْ بَعْضِ القدرةِ لاَ عَنْ كُلِّها، ت: صوابُه أنْ يقولَ عَنْ بَعْضِ المقدوراتِ لاَ عَنْ كُلِّها وهذا هو مُرَادُه، ألاَ تَرَاهُ قال في قوله تعالى: وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ [البقرة: 255] قال: يعني بشيءٍ مِنْ مَعْلُومَاتِه لأنّ علمَه تعالى لاَ يَتَجَزَّأُ، فافْهم رَاشِداً، والسموات كُلُّها عامرةٌ بأَنواعٍ من الملائِكَةِ كلُّهم في عبادَةٍ مُتَّصِلَةٍ وخُشُوعٍ دائمٍ، لا فَتْرَةَ في شيءٍ من ذلك، ولا دَقِيقَةً واحدة، قال مجاهد: والضميرُ في قوله: وَما هِيَ للنارِ المذكورةِ، أي: يُذَكَّرُ بهَا البشرُ فَيَخَافُونَها، فيطيعونَ اللَّه [[أخرجه الطبري (12/ 314) ، رقم: (35457) ، وذكره ابن عطية (5/ 397) ، وابن كثير (4/ 446) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 457) ، وعزاه لعبد بن حميد.]] ، وقال بعضهم: قوله: وَما هِيَ يرادُ بها الحالُ والمخَاطبةُ والنِّذَارَةُ، وأقْسَمَ تعالى بالقَمَرِ وما بَعدَه تَنْبيهاً عَلَى النَّظَرِ في ذلكَ والفكرِ المؤدِّي إلى تعظيمهِ تعالَى وتحصيلِ معرفتِه تعالى مالك الكلّ وقوام الوجود، ونور السموات والأرضِ، لاَ إله إلاَّ هو العزيزُ القهارُ، وأدْبَرَ الليلُ معناه ولّى، وأسْفَرَ الصبح أضَاءَ وانتشرَ ضوؤه، قال ابن زيد وغيره: الضميرُ في قوله: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ لجهنمَ، ويحتملُ أنْ يكُونَ الضميرُ للنِّذَارَةِ وأمْرِ الآخرة فهو للحالِ والقِصَّة [[أخرجه الطبري (12/ 316) ، رقم: (35463) .]] ، - ص-: والكُبَرُ جَمْعُ كُبْرى، وفي ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 397) .]] : جَمْعُ كبيرةٍ ولَعَلَّه وَهْمٌ من الناسِخ، انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب