الباحث القرآني

وقوله سبحانه: فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ الآية، وَعِيدٌ وتهديدٌ والحديثُ المشَارُ إليه/ هو القرآن، وباقي الآية بيّن مِمّا ذُكِرَ في غير هذا الموضع، ثم أمَرَ اللَّه- تعالى- نبيَّه بالصَّبْرِ لِحُكْمِهِ وأنْ يَمْضِيَ لِمَا أُمِرَ بهِ من التبليغِ واحْتِمالِ الأذَى والمشقة، ونُهِيَ عَنِ الضَّجَرِ والعَجَلَةِ التي وَقَعَ فيها يونُسَ ﷺ ثم اقْتَضَبَ القصَّةَ وذَكَرَ ما وَقَعَ في آخرها من ندائِه من بطن الحوت، وَهُوَ مَكْظُومٌ أي: وَهُو كَاظِمٌ لحُزْنِه ونَدَمِه، وقال الثعلبيّ، ونحوُه في البخاري: وَهُوَ مَكْظُومٌ أي: مملوءٌ غَمًّا وكَرْبَاً، انتهى وهُوَ أقْرَبُ إلى المعنى، وقال النَّقَّاشُ: المكظومُ الذي أُخِذَ بِكَظْمِه، وهي مَجَارِي القلبِ، وقرأ ابن مسعود [[وقرأ بها ابن عبّاس وأبي بن كعب. ينظر: «مختصر الشواذ» (ص: 161) ، و «الكشاف» (4/ 596) ، و «البحر المحيط» (8/ 311) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 354) ، و «الدر المصون» (6/ 359) .]] وغيره: «لَوْلاَ أَنْ تَدَارَكَتْهُ نِعْمَةُ» والنعمة التي تداركته هي الصَّفْحُ والاجتباء الذي سَبَقَ له عَنْدَ الله- عز وجل- لَنُبِذَ بِالْعَراءِ أي: لَطُرِحَ بالعرَاءِ وهُوَ الفَضَاءُ الَّذِي لاَ يُوارِي فيه جَبَلٌ ولاَ شَجَرٌ وقد نبذ يونس ع بالعَرَاءِ وَلَكِنْ غَيْر مَذْمُومٍ، وجاء في الحديث عن أسماء بِنْتِ عُمَيْسٍ قالَتْ: «عَلَّمَنِي رَسُولُ الله ﷺ كلمات أقولهنّ عند الكَرْبِ أَوْ في الكَرْبِ، اللَّه اللَّه رَبِّي لاَ أُشْرِكُ بِه شَيْئاً» [[أخرجه أبو داود (1/ 477) ، كتاب «الصلاة» باب: في الاستغفار (1525) ، والنسائي (6/ 166) - «الكبرى» ، كتاب «عمل اليوم والليلة» باب: ما يقول إذا غلبه أمر (10484/ 22- 10485/ 23) ، وابن ماجه (2/ 1277) ، كتاب «الدعاء» باب: الدعاء عند الكرب (3882) ، وأحمد (6/ 369) .]] رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وأخرجَهُ الطبرانيُّ في كتاب «الدعاء» ، انتهى من «السلاح» ، ثم قال تعالى لنبيه: وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ المعنى يكادُوْنَ مِنَ الغَيْظِ والعداوةِ يُزْلِقُونَه فَيُذْهِبُونَ قدمَه مِنْ مَكَانِها، ويُسْقِطُونَه، قال عياض: وقَدْ رُوِيَ عن ابن عباس أنه قال: كلُّ مَا في القرآن: «كاد» فَهُو مَا لاَ يَكُونُ، قال تعالى: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ [النور: 43] ولم يذهبها وأَكادُ أُخْفِيها [طه: 15] وَلَمْ يَفْعَلْ، انتهى ذكره إثرَ قَوْلِه تعالى: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ [الإسراء: 73] . وقرأ الجمهور: «لَيُزْلِقُونَكَ» /- بِضَمِّ اليَاءِ- مِنْ: أزْلَقَ، ونَافِعٌ بِفَتْحِها [[ينظر: «السبعة» (647) ، و «الحجة» للقراء السبعة (6/ 312) ، و «إعراب القراءات» (2/ 382) ، و «حجة القراءات» (718) .]] ، من: زُلِقَتِ الرّجْلُ، وفي هذا المعنى قولُ الشاعر: [الكامل] يَتَقَارَضُونَ إذَا التقوا في مَجْلِس ... نَظَراً يَزِلُّ مَوَاطِىءَ الأَقْدَامِ [[البيت في «الكشاف» (4/ 597) ، و «البحر المحيط» (8/ 311) ، والقرطبي (18/ 166) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 354) ، «اللسان» (زلق) .]] وَذَهَبَ قَوْمٌ من المفسرينَ على أن المعنى: يأخذونَك بالعَيْنِ، وقال الحسَنُ: دَوَاءُ مَنْ أَصَابَتْهُ العينُ أن يقرأَ هذهِ الآيةَ [[ذكره البغوي (4/ 385) ، وابن عطية (5/ 355) .]] ، والذِّكْرُ في الآيةِ: القرآنُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب