الباحث القرآني
وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ يحتملُ معنيين: أحدُهما بالغَيْبِ الذي/ أُخْبِروا بهِ مِن النَّشْرِ والحشر والجنة والنار، فآمنوا بذلك وخَشُوا ربَّهم فيه ونحا إلى هذا قتادة [[ذكره ابن عطية (5/ 340) .]] ، والمعنى الثاني: أنهم يَخْشَوْنَ ربهم إذا غَابُوا عن أعْيُنِ الناس، أي: في خلَواتِهم في صلاتهم وعباداتهم.
وقوله تعالى: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ ... الآية، خطاب لجميع الخلق، وذَلُولًا بمعنى مذلولة، ومَناكِبِها قال مجاهد: هي الطُّرُقُ والفجاجُ [[أخرجه الطبري (12/ 169) ، برقم: (34505) ، وذكره البغوي (4/ 371) ، وابن عطية (5/ 341) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 384) ، وعزاه للفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.]] ، وقال البخارِي: مَناكِبِها:
جَوَانِبُها، قال الغزالي- رحمه اللَّه-: جَعَلَ اللَّهُ سبحانَه الأَرْضَ ذَلُولاً لِعِبَادِه لاَ لِيَسْتَقِرُّوا في مناكِبها، بلْ لِيَتَّخِذُوهَا مَنْزِلاً فَيَتزَوَّدُونَ منها مُحْتَرِزِينَ من مصائدِها ومَعَاطبِها، ويتحقَّقُون أنّ العُمْرَ يَسِيرُ بهم سَيْرَ السفينةِ بِرَاكِبِها، فالناسُ في هَذَا العَالَمِ سُفْرُ وأوَّلُ منازلِهم المَهْدُ، وآخرُها اللحدُ، والوَطَنُ هو الجنَّةُ أو النَّارُ، والعُمْرُ مسافة السّفر، فسنوه مراحله، وشهوره فَرَاسِخُه، وأيامُه أمْيَالُه، وأنْفَاسُه خُطُواتُه، وطَاعَتُه بضاعتُه، وأوقَاتُه رؤوس أموالِه، وشَهَواتُه وأغْرَاضُه قطاع طريقِه، وربحه الفوز بلقاء الله- عز وجل- في دار السلام مع المُلْكِ الكبيرِ والنَّعِيمِ المقيم، وخسرانه البعد من الله- عز وجل- مع الأنْكَالِ والأَغْلاَلِ والعذاب الأليمِ في دَرَكَاتِ الجحيم، فالغافلُ عن نَفسِ واحدٍ من أنْفَاسِهِ، حتى يَنْقَضِيَ في غَيْرِ طاعةٍ تُقُرِّبُه إلى اللَّهِ تعالى زُلْفَى مُتَعَرِّضٌ في يوم التَّغابُن لغَبِينَةٍ وحَسْرَةٍ مَا لها مُنْتَهَى، ولهذا الخطرِ العظيمِ والخَطْبِ الهائلِ شَمَّر المُوفَّقُونَ عن ساقِ الجِدِّ، وَوَدَّعُوا بالكليةِ ملاذَّ النَّفْسِ، واغْتَنَمُوا بَقايَا العُمْرِ، فَعَمَّرُوها بالطاعاتِ، بِحَسَبِ تَكَرُّرِ الأوقَاتِ، انتهى، قال الشيخُ أبو مدين- رحمه اللَّه-: عُمْرُكَ نَفَسٌ وَاحِدٌ فَاحْرِصْ [أنْ يَكُونَ] لَكَ/ لاَ عليك، انتهى، والله الموفّق بفضله، والنُّشُورُ: الحياة بعد الموت، وتَمُورُ معناه: تَذْهَبُ وتَجِيءُ، كما يَذْهَبُ التراب المَوَارُ في الرِّيحِ، والحَاصِبُ البَرْدُ ومَا جَرى مَجْرَاه، والنَّكِيرُ مَصْدَرٌ بمعنى الإنْكَارِ، والنَّذِيرُ كذَلِكَ ومنه قول حسان بن ثابت: [الوافر]
فَأُنْذِرُ مِثْلَهَا نُصْحاً قُرَيْشاً ... مِنَ الرحمن إنْ قَبِلَتْ نَذِيرِي [[البيت في «ديوانه» (245) ، وفيه فأردف بدل فأنذر.]]
ثم أحال- سبحانه- على العِبْرَةِ في أمْرِ الطير وما أحكمَ من خِلْقَتِها، وذلك بيَّنَ عجز الأصنام والأوثان عنه، وصافَّاتٍ جَمْع صَافَّة، وهي التي تَبْسُطَ جَنَاحَها وتَصُفُّه، وقَبْضُ الجَنَاحِ ضَمُّه إلى الجنبِ، وهاتان حالتَان للطائر يستريح من إحداهما إلى الأخرى.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ یَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَیۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرࣱ كَبِیرࣱ","وَأَسِرُّوا۟ قَوۡلَكُمۡ أَوِ ٱجۡهَرُوا۟ بِهِۦۤۖ إِنَّهُۥ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ","أَلَا یَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِیفُ ٱلۡخَبِیرُ","هُوَ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولࣰا فَٱمۡشُوا۟ فِی مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا۟ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَیۡهِ ٱلنُّشُورُ","ءَأَمِنتُم مَّن فِی ٱلسَّمَاۤءِ أَن یَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِیَ تَمُورُ","أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِی ٱلسَّمَاۤءِ أَن یُرۡسِلَ عَلَیۡكُمۡ حَاصِبࣰاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَیۡفَ نَذِیرِ","وَلَقَدۡ كَذَّبَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَكَیۡفَ كَانَ نَكِیرِ","أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ إِلَى ٱلطَّیۡرِ فَوۡقَهُمۡ صَـٰۤفَّـٰتࣲ وَیَقۡبِضۡنَۚ مَا یُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱلرَّحۡمَـٰنُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَیۡءِۭ بَصِیرٌ","أَمَّنۡ هَـٰذَا ٱلَّذِی هُوَ جُندࣱ لَّكُمۡ یَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحۡمَـٰنِۚ إِنِ ٱلۡكَـٰفِرُونَ إِلَّا فِی غُرُورٍ"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ یَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَیۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرࣱ كَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق