الباحث القرآني

وقوله تعالى: كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قال ابن عباس [[أخرجه الطبري (12/ 46) ، برقم: (33900) ، وذكره البغوي (4/ 322) ، وابن عطية (5/ 290) ، وابن كثير (4/ 340) .]] : همْ بنو قينقاع، لأنَّ النبي ﷺ أجلاهم عن المدينة قبل بني النضير، والوَبَالُ: الشِّدَّةُ والمكروه، وعاقبة السوء والعذاب الأليم: هو في الآخرة. وقوله سبحانه: كَمَثَلِ الشَّيْطانِ معناه: أَنَّ هاتينِ الفرقتين من المنافقين وبني النضير، كمثل الشيطان مع الإنسان فالمنافقونَ مَثَلُهُمُ الشيطان، وبنو النضير مثلهم الإنسان، وذهب مجاهد وجمهور من المتأولين [[أخرجه الطبري (12/ 48) ، برقم: (33906) ، وابن عطية (5/ 290) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 297) ، وعزاه لعبد بن حميد.]] إلى أَنَّ الشيطانَ والإنسانَ في هذه الآية اسما جنس، فكما أَنَّ الشيطان يغوي الإنسان، ثم يَفِرُّ عنه بعد أَنْ يُوَرِّطَهُ كذلك أغوى المنافقون بني النضير وحَرَّضُوهم على الثبوت، ووعدوهم النصرَ، فَلَمَّا نَشَبَ بنو النضير، وكشفوا عن وجوههم- تركهم المنافقون في أسوأ حال، وذهب قوم من رواة القصص إلى أَنَّ هذا في شيطانٍ مخصوصٍ مع عابد مخصوص، اسمه «بَرْصِيصَا» ، اسْتُودِعَ امرأة جميلةً، وقيل: سِيقَتْ إليه لِيَشْفِيهَا بدعائه من الجنون، فَسَوَّلَ له الشيطانُ الوقوعَ عليها، فحملت منه، فَخَشِيَ الفضيحة، فسَوَّلَ له قَتْلَهَا وَدَفْنَهَا، ففعل، ثم شهّره، فلمّا استخرجت المرأة، وحُمِلَ العابدُ شَرَّ حَمْلٍ، / وَصُلِبَ- جَاءَهُ الشيطانُ فَقَالَ له: اسجد لي سجدةً وأنا أُخَلِّصُكَ، فسجد له، فقال له الشيطان: هذا الذي أردتُ منك أَنْ كفرتَ بربك، إنِّي بريء منك، فضرب اللَّه تعالى هذا المَثَلَ ليهودِ بني النضير والمنافقين، وهذا يحتاج إلى صِحَّةِ سَنَدٍ، والتأويل الأول هو وجه الكلام. ت: قال السهيلي: وقد ذكر هذه القصةَ هكذا القاضي إسماعيلُ وغيره من طريق سفيان عن عمرو بن دينار، عن عُرْوَةَ بنِ عَامِرِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرْقِيِّ، عنِ النبي ﷺ: «أنَّ رَاهِباً كَانَ في بَنِي إسرائيل» [[ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (6/ 296) ، وعزاه إلى ابن أبي الدنيا في «مكائد الشيطان» ، وابن مردويه، والبيهقي في «شعب الإيمان» .]] فذكر القصة بكمالها، ويقال: إنَّ اسمَ هذا الراهب «بَرْصِيصَا» ، ولم يذكر اسمه القاضي إسماعيل، انتهى، قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 290) .]] : وقول الشيطان: إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رياءً من قوله، وليست على ذلك عقيدته، ولا يعرف اللَّه حَقَّ معرفته، ولا يحجزه خوفُه عن سُوءٍ يوقع فيه ابنَ آدم من أول إلى آخر فَكانَ عاقِبَتَهُما يعني: الشيطان والإنسان على ما تقدم من حملها على الجنس أو الخصوص.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب