الباحث القرآني

وقوله تعالى: يُنادُونَهُمْ معناه: ينادي المنافقون المؤمنين: أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ: في الدنيا، فيردّ المؤمنون عليهم: بَلى: كنتم معنا، ولكن عَرَّضْتُمْ أنفسكم للفتنة، وهي حُبُّ العاجل والقتال عليه، قال مجاهد [[أخرجه الطبري (11/ 679) ، برقم: (33629) ، وذكره ابن عطية (5/ 263) .]] : فتنتم أنفسكم بالنفاق وتَرَبَّصْتُمْ معناه هنا: بإيمانكم فأبطأتم به، حَتَّى مُتُّم، وقال قتادة [[أخرجه الطبري (11/ 679) ، برقم: (33631) ، وذكره ابن عطية (5/ 263) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 309) .]] : معناه: تربصتم بنا وبمحمّد ﷺ الدوائرَ، وشككتم، والارتياب: التشكك، والأماني التي غرتهم هي قولهم: سَيَهْلَكُ محمد هذا العام، سَتَهْزِمُهُ قريش، ستأخذه الأحزاب ... إلى غير ذلك من أمانيهم، وطول الأمل: غرار لكل أحد، وأمر اللَّه الذي جاء هو: الفتح وظهور الإسلام، وقيل: هو موتهم على النفاق الموجب للعذاب، والْغَرُورُ: الشيطان بإجماع المتأولين، وينبغي لكل مؤمن أَنْ يعتبر هذه الآيةَ في نفسه، وتسويفَه في توبته، واعلم أيها الأخ أَنَّ الدنيا غَرَّارة للمقبلين عليها، فإنْ أردت الخلاص والفوز بالنجاة، فازهدْ فيها، وأقبلْ على ما يعنيك من إصلاح دينك والتزود لآخرتك، وقد روى ابن المبارك في «رقائقه» عن أبي الدرداء أَنَّهُ قال- يعني لأصحابه-: لَئِنْ حَلَفْتُم لي على رجل منكم/ أَنَّه أزهدكم، لأحلفنَّ لكم أنَّه خيركم [[أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (193) ، برقم: (550) .]] ، وروى ابن المبارك بسنده عن النبي ﷺ أَنَّه قال: «يَبْعَثُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِهِ كَانَا عَلَى سِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، أَحَدُهُمَا مَقْتُورٌ عَلَيْهِ، وَالآخَرُ مَوَسَّعٌ عَلَيْهِ [فَيُقْبِلُ المَقْتُورُ عَلَيْهِ] [[سقط في: د.]] إلَى الجَنَّةِ، وَلاَ يَنْثَنِي عَنْهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَبْوَابِهَا، فَيَقُولُ حَجَبَتُهَا: إلَيْكَ إلَيْكَ! فَيَقُولُ: إذَنْ لاَ أَرْجِعَ، قال: وَسَيْفُهُ في عُنُقِهِ فَيَقُولُ: أُعْطِيتُ هذا السَّيْفَ في الدُّنْيَا أُجَاهِدُ بِهِ، فَلَمْ أَزَلْ مُجَاهِداً بِهِ حتى قُبِضْتُ وَأَنَا على ذَلِكَ، فَيَرْمِي بِسَيْفِهِ إلَى الخَزَنَةِ، وَيَنْطَلِقُ، لاَ يُثْنُونَهُ وَلاَ يَحْبِسُونَهُ عَنِ الجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا، فَيَمْكُثُ فِيهَا دَهْراً، ثُمَّ يَمُرُّ بِهِ أَخُوهُ المُوَسَّعُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ: يَا فُلاَنُ، مَا حَبَسَكَ؟! فَيَقُولُ: مَا خُلِّيَ سَبِيلِي إلاَّ الآن، وَلَقَدْ حُبِسْتُ مَا لَوْ أَنَّ ثَلاَثَمِائَةِ بِعِيرٍ أَكَلَتْ خَمْطاً، لاَ يَرِدْنَ إلاَّ خِمْساً وَرَدْنَ على عِرْقِي لَصَدَرْنَ مِنْهُ رِيًّا [[أخرجه ابن المبارك في الزهد (195) ، برقم: (556) .]] » انتهى. وقوله تعالى: فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ ... الآية: استمرارٌ في مخاطبة المنافقين قاله قتادة وغيره [[أخرجه الطبري (11/ 680) ، برقم: (33638) ، وذكره ابن عطية (5/ 263) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 253) ، وعزاه لعبد بن حميد.]] . وقوله تعالى: هِيَ مَوْلاكُمْ قال المفسرون: معناه: هي أولى بكم، وهذا تفسير بالمعنى، وإنَّما هي استعارة لأَنَّها من حيثُ تَضُمُّهم وتباشِرُهم هي تواليهم وتكون لهم مكانَ المولى، وهذا نحو قول الشاعر: [الوافر] .............. ... تحيّة بينهم ضرب وجيع [[عجز بيت وصدره: وخيل قد دلفت لها بخيل ... ........ وهو لعمر بن معد يكرب في «ديوانه» ص: (149) ، و «خزانة الأدب» (9/ 252، 257، 258، 261، -262، 263) ، و «شرح أبيات سيبويه» (2/ 200) ، و «الكتاب» (3/ 50) ، و «نوادر أبي زيد» ص: (150) ، وبلا نسبة في «أمالي ابن الحاجب» (1/ 345) ، و «الخصائص» (1/ 368) ، و «شرح المفصّل» (2/ 80) ، و «الكتاب» (2/ 323) ، و «المقتضب» (2/ 20، 4/ 413) .]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب