الباحث القرآني

وقوله سبحانه: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ/ مِنَ الْآخِرِينَ الثُّلَّةُ: الجماعة، قال الحسن بن أبي الحسن وغيره [[أخرجه الطبري (11/ 626) برقم: (33276) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 283) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 217) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير.]] : المراد: السابقون من الأمم والسابقون من هذه الأُمَّةِ، ورُوِيَ أَنَّ الصحابة حَزِنُوا لِقِلَّةِ سابقي هذه الأُمَّةِ على هذا التأويل، فنزلت الآية: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ [الواقعة: 39- 40] فَرَضُوا، ورُوِيَ عن عائشة [[ذكره ابن عطية (5/ 241) .]] أَنَّها تأوَّلَتْ: أَنَّ الفرقتين في أُمَّةِ كُلِّ نبيٍّ هي في الصدر ثلة وفي آخر الأمة قليل، وقال النبيّ ﷺ فيما روي عنه: «الفِرْقَتَانِ في أُمَّتِي، فَسَابِقُ أَوَّلِ الأُمَّةِ ثُلَّةٌ، وَسَابِقُ سَائِرِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قليلٌ» قال السهيليُّ: وَأَمَّا آخِرُ مَنْ يدخل الجنة، وهو آخِرُ أهل النار خروجاً منها، فرجل اسمه جُهَيْنَةُ، فيقول أهل الجنة: تعالوا نسأَله فعند جهينةَ الخبر اليقين، فيسألونه: هل بَقِيَ في النار أَحَدٌ بعدك مِمَّنْ يقول: لا إله إلا اللَّه؟ وهذا حديث ذكره الدَّارَقُطْنِيُّ من طريق مالك بن أنس، يرفعه بإسناد إلى النبيّ ﷺ ذكره في كتاب رواة مالك بن أنس- رحمه اللَّه [[قال الشوكاني في «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة» (511) (128) : قال في «الذيل» : هذا حديث باطل.]] -، انتهى. وقوله تعالى: عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ أي: منسوجة بتركيب بعض أجزائها على بعض، كحلق الدِّرْعِ، ومنه وَضِينُ الناقة وهو حِزَامُهَا قال ابن عباس [[أخرجه الطبري (11/ 628) برقم: (33281) ، وذكره ابن عطية (5/ 241) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 286) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 219) ، وعزاه لسعيد بن منصور، وهناد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «البعث» .]] : مَوْضُونَةٍ: مرمولة بالذهب، وقالَ عِكْرَمَةُ [[أخرجه الطبري (11/ 628) برقم: (33285) ، وذكره ابن عطية (5/ 241) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 286) .]] : مُشَبَّكَةٌ بالدُّرِّ والياقوت يَطُوفُ عَلَيْهِمْ: للخدمة وِلْدانٌ: وهم صغار الخَدَمَةِ، ووصفهم سبحانه بالخلد، وإنْ كان جميعُ ما في الجنة كذلك، إشارةً إلى أَنَّهُم في حال الولدان مُخَلَّدُونَ، لا تكبر لهم سِنٌّ، أي: لا يحولون من حالة إلى حالة وقاله ابن كيسان، وقال الفَرَّاء: مُخَلَّدُونَ معناه: مقرطون بالخلدات وهي ضرب من الأقراط والأَوَّلُ أصوب، / لأَنَّ العربَ تقول للذي كَبُرَ ولم يَشِبْ: إِنَّهُ لَمُخَلَّدٌ، والأكواب: ما كان من أواني الشرب لا أَذُنَ له ولا خُرْطُومَ، قال قتادة [[أخرجه الطبري (11/ 630) برقم: (33303) ، وذكره ابن عطية (5/ 242) .]] : ليست لها عُرًى، والإبريق: ماله خرطوم، والكأس: الآنية المُعَدَّةُ للشرب بشريطةِ أَنْ يكونَ فيها خمر، ولا يقال لآنية فيها ماء أو لبن كأس. وقوله: مِنْ مَعِينٍ قال ابن عباس [[أخرجه الطبري (11/ 630) برقم: (33305) ، وذكره ابن عطية (5/ 242) .]] : معناه من خمر سائلة جارية معينة. وقوله: لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْها ذهب أكثر المفسرينَ إلى أنّ المعنى: لا يلحق رؤوسهم الصداعُ الذي يَلْحَقُ من خمر الدنيا، وقال قوم: معناه: لا يفرقون عنها بمعنى لا تقطعُ عنهم لَذَّتُهُمْ بسببٍ من الأسباب، كما يفرق أهل خمر الدنيا بأنواعٍ من التفريق، وَلا يُنْزِفُونَ معناه: لا تذهب عقولُهم سكراً قاله مجاهد وغيره [[أخرجه الطبري (11/ 630) برقم: (33316) ، وذكره ابن عطية (5/ 242) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 286) .]] ، والنزيف: السكران، وباقي الآية بَيِّنٌ، وَخصَّ المكنون باللؤلؤ لأَنه أصفى لوناً وأبعدُ عن الغير، وسألتْ أُمُّ سَلَمَةَ رسولَ الله ﷺ عَنْ هَذَا التَّشْبِيهِ، فَقَالَ: «صَفَاؤُهُنَّ كَصَفَاءِ الدُّرِّ في الأصداف الّذي لا تمسّه الأيدي» [[أخرجه الطبري في «تفسيره» (11/ 633) برقم: (33330) ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/ 122) في حديث طويل. قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه سليمان بن أبي حاتم وابن عدي.]] وجَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أي: إنَّ هذه الرتبَ والنعيمَ هي لهم بحسب أعمالهم لأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ المنازل والقسم في الجنة هي مقتسمة على قدر الأعمال، ونفس دخول الجنة هو برحمة اللَّه وفضله، لا بعمل عامل كما جاء في الصحيح [[روي في هذا المعنى أناس من الصحابة، فقد أخرج الإمام مسلم (4/ 2170، 2171) ، كتاب «صفات المنافقين» باب: لن يدخل أحد الجنة بعمله، بل برحمة الله تعالى (71، 76/ 2816- 2817) ، و (77- 78/ 2818) عن أبي هريرة، وعائشة، وجابر رضي الله عنهم. وأخرجه أحمد (2/ 256، 336، 343، 344، 385، 386، 390، 469، 473، 509، 519، 524) عن أبي هريرة (3/ 394) عن جابر، (3/ 52) عن أبي سعيد.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب