الباحث القرآني
وهي مكّيّة بإجماع
قوله عز وجل: وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ ... الآية، هذه مخلوقات أقسم الله- عز وجل- بها تنبيهاً على النظر والاعتبارِ بها، المؤَدِّي إلى توحيد اللَّه والمعرفة بواجب حَقِّه سبحانه قال بعض اللغويين: كُلُّ جبلٍ طُورٌ، فكأَنَّه سبحانه أقسم بالجبال، وقال آخرون:
الطور: كُلُّ جبل أجردَ لا ينبت شجراً، وقال نوف البكاليُّ: المراد هنا جبل طُورِ سَيْنَاءَ، وهو الذي أقسم اللَّه به لفضله على الجبال، والكتاب المسطور: معناه/ بإجماع:
المكتوبُ أسطاراً، واخْتَلَفَ الناس في هذا الكتاب المُقْسَمِ به، فقال بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: هو الكتاب المُنْتَسَخُ من اللوح المحفوظ للملائكة لتعرفَ منه جميعَ ما تفعله وتصرفه في العالم، وقيل: هو القرآن إذ قد علم تعالى أَنَّه يتخلد في رَقٍّ منشور، وقيل: هو الكُتُبُ المُنَزَّلَةُ، وقيل: هو الكتاب الذي فيه أعمال الخلق، وهو الذي لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً، والرَّقُّ: الورق المُعَدَّةُ للكتب، وهي مُرَقَّقَةٌ فلذلك سُمِّيَتْ رَقًّا، وقد غلب الاستعمال على هذا الذي هو من جلود الحيوان، والمنشور خلاف المَطْوِيِّ، وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ: هو الذي ذُكِرَ في حديث الإسراء قال جبريل للنبي ﷺ: هَذَا الْبَيْتُ المَعْمُورُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لاَ يَعُودُونَ إلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ [[أخرجه البخاري (6/ 348، 350) ، كتاب «بدء الخلق» باب: ذكر الملائكة (3207) ، وكتاب «مناقب الأنصار» باب: المعراج (3887) ، والنسائي (1/ 217، 220) ، كتاب «الصلاة» باب: فرض الصلاة وذكر اختلاف الناقلين في إسناد حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، واختلاف ألفاظهم فيه، وأحمد (3/ 148- 149) ، (4/ 208، 210) .]] ، وبهذا هي عمارته، وهو في السماء السابعة، وقيل: في السادسة، وقيل: إنَّه مقابلٌ للكعبة، لو وَقَعَ حجر منه، لَوَقَعَ على ظهر الكعبة، وقال مجاهد، وقتادة، وابن زيد: في كل سماء بيت معمور، وفي كل أرض كذلك، وهي كُلُّها على خط من الكعبة، وقاله علي بن أبي طالب [[ذكره ابن عطية (5/ 186) عن مجاهد، وقتادة، وابن زيد.]] ، قال السُّهَيْلِيُّ:
والبيت المعمور اسمه «عريباً» ، قال وهب بن مُنَبِّهٍ: مَنْ قال: سبحانَ اللَّهِ وبحمده، كان له نور يملأ ما بين عريباً وحريباً، وهي الأرض السابعة، انتهى.
وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ: هو السماء، واختلف الناس في الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ فقال مجاهد وغيره [[أخرجه الطبري (11/ 482) برقم: (32311) ، وذكره ابن عطية (5/ 186) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 240) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 146) ، وعزاه لابن جرير.]] : المُوْقَدُ ناراً، ورُوِيَ أَنَّ البحرَ هو جَهَنَّمُ، وقال قتادة [[أخرجه الطبري (11/ 483) برقم: (32313) ، وذكره ابن عطية (5/ 186) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 240) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 146) ، وعزاه لابن جرير.]] : الْمَسْجُورِ:
المملوء، وهذا معروف من اللغة، ورَجَّحَهُ/ الطبريُّ [[ينظر: «تفسير الطبري» (11/ 483) .]] ، وقال ابن عباس [[أخرجه الطبري (11/ 483) برقم: (32314) ، وذكره ابن عطية (5/ 186) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 240) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 146) ، وعزاه للشيرازي في «الألقاب» من طريق الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء عن ذي الرمة.]] : هو الذي ذهب ماؤه، فالمسجور الفارغ، ورُوِيَ أَنَّ البحار يذهب ماؤها يومَ القيامة، وهذا معروف في اللغة، فهو من الأضداد، وقيل: يوقد البحر ناراً يَوْمَ القيامة، فذلك سجره، وقال ابن عباس أيضاً [[أخرجه الطبري (11/ 483) برقم: (32315) ، وذكره ابن عطية (5/ 186) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 240) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 145) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.]] : الْمَسْجُورِ: المحبوس ومنه ساجور الكلب، وهي القلادة من عود أو حديد تمسكه، وكذلك لولا أَنَّ البحر يُمْسِكُ لفاض على الأرض، والجمهور على أَنَّه بحر الدنيا، وقال منذر بن سعيد [[ذكره ابن عطية (5/ 187) .]] : المُقْسَمُ به جهنم، وسمَّاها بحراً لِسَعَتِها وتموجها كما قال ﷺ في الفرس: «وَإنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْراً» [[أخرجه البخاري (5/ 284- 285) كتاب «الهبة» باب: من استعار من الناس الفرس، حديث (2627) ، (6/ 42) كتاب «الجهاد والسير» باب: الشجاعة في الحرب والجبن، حديث (282) (6/ 69) كتاب «الجهاد والسير» باب: اسم الفرس والحمار، حديث (2857) ، (6/ 78) ، باب: الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل، حديث (2862) ، (6/ 83) باب: الفرس القطوف، حديث (2867) ، (6/ 143) كتاب «الجهاد والسير» باب: مبادرة الإمام عند الفزع، حديث (2968) ، باب: السرعة والركض في الفزع، حديث (2969) ، (10/ 609- 610) ، كتاب «الأدب» باب: المعاريض مندوحة على الكذب، حديث (6212) ، ومسلم (4/ 1802) ، كتاب «الفضائل» باب: في شجاعة النبي ﷺ وتقدمه للحرب، حديث (49/ 2307) ، وأبو داود (2/ 715) ، كتاب «الأدب» باب: ما روي في]] ، والقسم واقع على قوله: إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ يريد: عذاب الآخرة واقع للكافرين قاله قتادة [[أخرجه الطبري (11/ 484) برقم: (32319) .]] ، قال الشيخ عبد الحق في «العاقبة» : وَيُرْوَى أَنَّ عمر بن الخطاب- رضي اللَّه عنه- سَمِعَ قارئاً يقرأ:
وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ قال: هذا قسم حقّ، فلمّا بلغ القارئ إلى قوله- عز وجل-: إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ظنَّ أَنَّ العذاب قد وقع به فغشي عليه، انتهى، وتَمُورُ معناه: تذهب وتجيء بالرياح متقطعةً مُتَفَتِّتَةً، وسير الجبال: هو في أَوَّلِ الأمر، ثم تتفتَّتُ حتى تصير آخرا كالعهن المنفوش، ويُدَعُّونَ قال ابن عباس وغيره [[أخرجه الطبري (11/ 484) برقم: (32329) ، وذكره ابن عطية (5/ 187) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 146) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.]] : معناه:
يُدْفَعُونَ في أعناقهم بشدة وإهانة وتَعْتَعَةٍ، ومنه: يَدُعُّ الْيَتِيمَ [الماعون: 2] ، وفي الكلام محذوف، تقديره: يقال لهم: هذه النار التي كنتم بها تكذبون توبيخاً وتقريعاً لهم، ثم وقفهم سبحانه بقوله: أَفَسِحْرٌ هذا ... الآية: ثم قيل لهم على جهة قطع رجائهم:
اصْبِرُوا أَوْ لاَ تَصْبِرُوا سواء عليكم، أي: عذابكم حتم، فسواء جَزَعُكُمِ/ وَصَبْرُكُمْ، لا بدّ من جزاء أعمالكم.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلطُّورِ","وَكِتَـٰبࣲ مَّسۡطُورࣲ","فِی رَقࣲّ مَّنشُورࣲ","وَٱلۡبَیۡتِ ٱلۡمَعۡمُورِ","وَٱلسَّقۡفِ ٱلۡمَرۡفُوعِ","وَٱلۡبَحۡرِ ٱلۡمَسۡجُورِ","إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَ ٰقِعࣱ","مَّا لَهُۥ مِن دَافِعࣲ","یَوۡمَ تَمُورُ ٱلسَّمَاۤءُ مَوۡرࣰا","وَتَسِیرُ ٱلۡجِبَالُ سَیۡرࣰا","فَوَیۡلࣱ یَوۡمَىِٕذࣲ لِّلۡمُكَذِّبِینَ","ٱلَّذِینَ هُمۡ فِی خَوۡضࣲ یَلۡعَبُونَ","یَوۡمَ یُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا","هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِی كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ","أَفَسِحۡرٌ هَـٰذَاۤ أَمۡ أَنتُمۡ لَا تُبۡصِرُونَ","ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوۤا۟ أَوۡ لَا تَصۡبِرُوا۟ سَوَاۤءٌ عَلَیۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"],"ayah":"وَتَسِیرُ ٱلۡجِبَالُ سَیۡرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق