الباحث القرآني

وقوله تعالى: وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال الحسن [[أخرجه الطبري (11/ 456) برقم: (32140) ، وذكره البغوي (4/ 230) ، وذكره ابن عطية (5/ 175) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 135) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن نصر، وابن جرير، وابن المنذر.]] : معناه: يدعون في طَلَبِ المغفرة، ويُرْوَى أَنَّ أبوابَ الجنة تُفْتَحُ سَحَرَ كُلَّ ليلة، قال ابن زيد [[أخرجه الطبري (11/ 456) برقم: (32142) ، وذكره ابن عطية (5/ 175) .]] : السَّحَرُ: السُّدُسُ الآخر من الليل، والباء في قوله بِالْأَسْحارِ بمعنى في قاله أبو البقاء، انتهى، ومن كلام [ابن] الجوزي في «المُنْتَخَبِ» : يا أخي، علامةُ المَحَبَّةِ طلبُ الخَلْوَةِ بالحبيبِ، وبيداءُ اللَّيل/ فلواتُ الخلوات، لَمَّا ستروا قيامَ الليل في ظلام الدُّجَى غَيْرَةً أَنْ يَطَّلِعَ الغيرُ عليهم- سترهم سبحانه بسترٍ-، فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة: 17] ، لَمَّا صَفَتْ خلواتُ الدُّجَى، ونادى أذان الوصال: أقم فلانا، وأنم فلانا- خرجت بالأسماء الجرائد وفاز الأحبابُ بالفوائد، وأنت غافل راقد. آهِ لو كنتَ معهم! أسفاً لك! لو رأيتهم لأبصرتَ طلائِعَ الصِّدِّيقِينَ في أول القوم، وشاهدتَ سَاقَةَ المستغفرين في الرَّكْبِ، وسَمِعْتَ استغاثة المُحِبِّينَ في وسط الليل، لو رأيتهم يا غافل، وقد دارت كؤوس المناجاة بين مزاهر التلاوات، فأسكَرَتْ قَلْبَ الواجدِ، ورقمت في مصاحف الوجنات. تعرفهم بسيماهم، يا طويلَ النوم، فاتتك مِدْحَةُ تَتَجافى [السجدة: 16] ، وَحُرِمْتَ مِنْحَةَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ [آل عمران: 17] ، يا هذا، إنَّ للَّه تعالى ريحاً تُسَمَّى الصَّبِيحَةَ مخزونةً تحتَ العرش، تَهُبُّ عند الأسحار، فتحمل الدعاء والأنين والاستغفار إلى حضرة العزيز الجَبَّارِ، انتهى. وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ ... الآية، الصحيح أَنَّها مُحْكَمَةٌ وأنَّ هذا الحق هو على وجه الندب، ومَعْلُومٌ [المعارج: 24] يُرَادُ به: مُتَعَارَفٌ، وكذلك قيامُ الليل الذي مدح به ليس من الفرائض، وأكثر ما تقع الفضيلةُ بفعل المندوبات، والمحروم هو الذي تبعد عنه ممكنات الرزق بعد قربها منه، فيناله حرمان وَفاقَةٌ، وهو مع ذلك لا يسأل، فهذا هو الذي له حَقٌّ في أموال الأغنياء، كما للسائل حَقٌّ، وما وقع من ذكر الخلاف فيه فيرجع إلى هذا، وبعد هذا محذوف تقديره: فكونوا/ أَيُّها الناس مثلهم وعلى طريقهم، وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ: لمن اعتبر وأيقن. وقوله سبحانه: وَفِي أَنْفُسِكُمْ إحالة على النظر في شخص الإنسان، وما فيه من العِبَرِ، وأمرِ النفسِ، وحياتِهَا، ونطقِها، واتصالِ هذا الجزء منها بالعقل قال ابن زيد: إنَّما القلب مُضْغَةٌ في جوف ابن آدم، جَعَلَ اللَّه فيه العقل، أفيدري أحد ما ذلك العقل، وما صِفَتُه، وكيف [[أخرجه الطبري (11/ 460) برقم: (32179) ، وذكره ابن عطية (5/ 175) .]] هو. ت: قال ابنُ العربيِّ في رحلته: اعلم أنَّ معرفة العبد نَفْسَهُ من أولى ما عليه وآكدِهِ إذْ لاَ يَعْرِفُ رَبَّه إلاَّ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ قال تعالى: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ وغير ما آية في ذلك، ثم قال: ولا ينكر عاقل وُجُودَ الرُّوحِ من نفسه، وإنْ كان لم يدركْ حقيقتَه، كذلك لا يَقْدِرُ أنْ يُنْكِرَ وُجُودَ الباري سبحانه الذي دَلَّتْ أفعاله عليه، وإنْ لم يدركْ حقيقته، انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب