الباحث القرآني

وقوله سبحانه: مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ أي: لا ينقض ما أبرمه كلامي من تعذيب الكفرة، ثم أزال سبحانه موضعَ الاعتراض بقوله: وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ أي: هذا عدل فيهم لأَنِّي أنذرت، وأمهلت، وأنعمتُ، وقرأ الجمهور: «يَوْمَ نَقُولُ» بالنون، وقرأ نافعٌ وعاصم في رواية أبي بَكْر بالياء، وهي قراءة أهل المدينة [[ينظر: «السبعة» (607) ، و «الحجة» (6/ 213) ، و «معاني القراءات» (3/ 27) ، و «شرح الطيبة» (6/ 17) ، و «العنوان» (179) ، و «حجة القراءات» (678) ، و «شرح شعلة» (588) ، و «إتحاف» (2/ 489) .]] ، قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 165) .]] : والذي يترجَّحُ في قول جهنم: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ أَنَّها حقيقة، وأَنَّها قالت ذلك، وهي غير ملأى، وهو قول أنس بن مالك، ويبين ذلك الحديث الصحيح، وهو قوله ﷺ: «يَقُولُ اللَّهُ لِجَهَنَّمَ: هَلِ امْتَلأْتِ؟ وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟! حَتَّى يَضَعَ الجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، وَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ» [[أخرجه البخاري (11/ 554) كتاب «الأيمان والنذور» باب: الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته، برقم: (6661) ، ومسلم (4/ 2187) كتاب «الجنة وصفة نعيمها وأهلها» : باب: النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء (37، 37- 38/ 2848) ، والترمذي (5/ 390) كتاب «تفسير القرآن» باب: ومن سورة ق (3272) ، وأحمد (3/ 134، 141، 229، 230، 234) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (5/ 127)]] ولفظ البخاريِّ عن أبي هريرةَ قال: قَالَ النَّبيُّ ﷺ: تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ: مَا لِيَ، لاَ يَدْخُلُنِي إلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ؟! فَقَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلَّنارِ: إنَّما أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةِ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلاَ تَمْتَلِىء حَتَّى يَضَعَ [الجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ] [[سقط في: د.]] فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، فَهُنَاكَ تَمْتَلِىءُ وَيَزْوِي بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، وَلاَ يَظْلِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَداً، وَأَمَّا الجَنَّةُ فَإنَّ اللَّهَ يُنْشِىءُ لَهَا خَلْقَاً» [[أخرجه البخاري (8/ 460) كتاب «التفسير» باب: وتقول هل من مزيد (4850) ، ومسلم (4/ 2186- 2187) كتاب «الجنة وصفة نعيمها» باب: النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء (35- 36/ 2846) ، (2847) نحوه، والنسائي (4/ 414- 415) كتاب «النعوت» باب: قوله: وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي، (7740/ 8) ، وابن حبان (16/ 482) كتاب «إخباره ﷺ عن مناقب الصحابة» باب: وصف الجنة وأهلها (7447) .]] انتهى، قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 165) .]] : ومعنى: «قدمه» ما قَدَّمَ لها من خلقه وجعلهم في علمه ساكنيها ومنه: أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ [يونس: 2] وملاك النظر في هذه الحديث أَنَّ الجارحةَ، والتشبيهَ، وما جرى مجراه- مُنْتَفٍ كُلُّ ذلك عن اللَّه سبحانه، فلم يبقَ إلاَّ إخراجُ اللفظ على الوجوه السائغة في كلام العرب. وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ معناه: قُرِّبَتْ، ولما احتمل أنْ يكونَ معناه بالوعد والإخبار رفع الاحتمال بقوله: غَيْرَ بَعِيدٍ قال أبو حيان [[ينظر: «البحر المحيط» (8/ 126) .]] : غَيْرَ بَعِيدٍ أي: مكاناً غيرَ بعيد فهو منصوب على الظرف، وقيل: منصوب/ على الحال من الجنة، انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب