الباحث القرآني

وقوله تعالى: وَقالَ قَرِينُهُ هذا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ قال جماعة من المفسرين: يعني قرينه من زبانية جهنم، أي: قال هذا العذاب الذي لدي لهذا الكافر، حاضر، وقال قتادة وابن زيد [[ذكره ابن عطية (5/ 162) .]] : بل قرينه المُوَكَّلُ بسوقه، قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 163) .]] : ولفظ القرين اسم جنس، فسائقه قرين، وصاحبُه من الزبانية قرين، وكاتب سيئاته في الدنيا قرين، والكُلُّ تحتمله هذه الآية، أي: هذا الذي أحصيتُهُ عليه عتيد لَدَيَّ، وهو مُوجِبُ عذابه، والقرين الذي في هذه الآية غيرُ القرين الذي في قوله: قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا مَا أَطْغَيْتُهُ إذ المقارنة تكون على أنواع. وقوله سبحانه: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ المعنى: يقال: ألقينا في جهنَّمَ، واخْتُلِفَ لمن يُقَالُ ذلك، فقال جماعة: هو قول لِمَلَكَيْنِ من ملائكة العذاب. وقال عبد الرحمن بن زيد [[ذكره ابن عطية (5/ 163) .]] : هو قول للسائق والشهيد. وقال جماعة من أهل العلم باللغة: هذا جارٍ على عادة كلام العرب الفصيح أنْ يُخَاطَبَ الواحدُ بلفظ الاثنين وذلك أَنَّ العربَ كان الغالبُ عندها أنْ يترافق في الأسفار ونحوها ثَلاَثَةٌ، فَكُلُّ واحد منهم يخاطِبُ اثنين، فَكَثُرَ ذلك في أشعارها وكلامها، حَتَّى صار عُرْفاً في المخاطبة، فاسْتُعْمِلَ في الواحد، ومن هذا قولهم في الأشعار: [من الطويل] خليليّ...... ....... [[مطلع قصيدة لامرىء القيس وتمام البيت: ... مرّا بي على أمّ جندب ... نقضّي لبانات الفؤاد المعذّب ينظر: «ديوانه» ص: (41) .]] وصاحبيّ...... ... ........ [[وجاء منه قول أبي تمام [الكامل] : يا صاحبي تقضّيا نطريكما ... تريا وجوه الروض كيف تصوّر وجاء منه مخاطبة الصاحب بالمثنى كقول الشاعر: وقلت لصاحبي لا تحبسانا ... بنزع أصوله واجدزّ شيحا البيت من الوافر، وهو لمضرّس بن ربعي في «شرح شواهد الشافية» ص: (481) ، وله أو ليزيد بن الطثريّة في «لسان العرب» (5/ 319- 320) (جزز) ، و «المقاصد النحوية» (4/ 591) ، وبلا نسبة في «الأشباه والنظائر» (8/ 85) ، و «خزانة الأدب» (11/ 17) ، و «سر صناعة الإعراب» ص: (187) ، و «شرح الأشموني» (3/ 874) ، و «شرح شافية ابن الحاجب» (3/ 228) ، و «شرح المفصل» (10/ 49) ، والصاحبي في «فقه اللغة» ص: (109، 218) ، و «لسان العرب» (4/ 125) (جرر) ، و «المقرب» (2/ 166) ، و «الممتع في التصريف» (1/ 357) .]] [من الطويل] قِفَانَبْكِ.... ... ........ [[مطلع قصيدة لامرىء القيس، وتمام البيت: ...... من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللّوى بين الدّخول وحومل ينظر: «ديوانه» ص: (8) ، و «الأزهية» ص: (244) ، و «جمهرة اللغة» ص: (567) ، و «الجنى الداني» ص: (63- 64) ، و «خزانة الأدب» (1/ 332، 3/ 224) ، و «الدرر» (6/ 71) ، و «سرّ صناعة الإعراب» (2/ 501) ، و «شرح شواهد الشافية» ص: (242) ، و «شرح شواهد المغني» (1/ 463) ، و «الكتاب» (4/ 205) ، و «لسان العرب» (15/ 209) (قوا) ، (428) ، و «مجالس ثعلب» ص: (127) ، و «همع الهوامع» (2/ 129) ، وبلا نسبة في «الإنصاف» (2/ 656) ، و «أوضح المسالك» (3/ 359) ، و «جمهرة اللغة» ص: (580) ، و «خزانة الأدب» (11/ 6) ، و «الدرر» (6/ 82) ، و «رصف المباني» ص: (353) ، و «شرح الأشموني» (2/ 417) ، و «شرح شافية ابن الحاجب» (2/ 316) ، و «شرح قطر الندى» ص:]] ونحوه. وقال بعض المتأولين: المراد «أَلْقِيَنْ» ، فَعُوِّضَ من النون ألفٌ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: «أَلْقِياً» بتنوين الياء [[، والصاحبي في «فقه اللغة» ص: (110) ، و «مغني اللبيب» (1/ 161، 266) ، و «المنصف» (1/ 224) ، و «همع الهوامع» (2/ 131) .]] ، و «عنيد» معناه: عَانِدٌ عن الحق، أي: مُنْحَرِفٌ/ عنه. وقوله تعالى: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ لفظ عامٌّ للمال والكلام الحسن والمعاونة على الأشياء، ومُعْتَدٍ معناه: بلسانه ويده. وقوله سبحانه: الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ ... الآية، يحتمل أنْ يكون الَّذِي بدلاً من كَفَّارٍ، أو صفةً له، وَيَقْوَى عندي أَنْ يكونَ الَّذِي ابتداءً ويتضمن القولُ حينئذ بني آدم والشياطينَ المغوينَ لهم في الدنيا، ولذلك تَحَرَّكَ القرينُ، الشيطانُ المُغْوِي، فرام أَنْ يُبْرِىءَ نفسه ويخلصها بقوله: رَبَّنا مَا أَطْغَيْتُهُ. وقوله: رَبَّنا مَا أَطْغَيْتُهُ ليست بحجة لأَنَّهُ كَذَبَ أَنْ نفى الإطغاء عن نفسه جملةً، وهو قد أطغاه بالوسوسة والتزيينِ، وأَطغاه اللَّه بالخلق والاختراع حسب سابق قضائه الذي هو عدل منه، سبحانه لا رَبَّ غيرُه. وقوله سبحانه: لاَ تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ معناه: قال اللَّه: لا تختصموا لديَّ بهذا النوع من المقاولة التي لا تفيد شيئاً وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ وهو ما جاءت به الرسلُ والكتب، وجُمِعَ الضمير لأَنَّه مخاطبة لجميع القرناء إذ هو أمر شائع لا يقف على اثنين فقط.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب