وقوله سبحانه: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً: هذه الآيةُ المتضمِّنة للخَبَرِ عن نَقْضِهِمْ مواثيقَ اللَّه تعالى- تُقَوِّي أنَّ الآية المتقدِّمة في كَفِّ الأَيْدِي، إنَّما كانَتْ في/ أمر بني النَّضِيرِ، والإجماعُ على أنَّ النقيب كَبِيرُ القَوْمِ، القائمُ بأمورهم، قال قتادة وغيره: هؤلاءِ النُّقَبَاءُ قوْمٌ كبارٌ مِنْ كُلِّ سبْطٍ، تكَفَّل بكلِّ واحدٍ سِبْطُهُ، بأنْ يؤمنوا ويلتزموا التقوى [[ذكره ابن عطية في «تفسيره» ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 472) وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة بنحوه.]] .
قال ع [[ينظر ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 168) .]] : ونحو هذا كانَتِ النقباءُ ليلَةَ بَيْعَةِ العَقَبَةِ، مع النبيّ ﷺ، والضميرُ في مَعَكُمْ، لبني إسرائيل، أيْ: معكم بنَصْري، وحِيَاطَتِي، وتأييدي، واللام في قوله:
لَئِنْ: هي المُؤْذِنَةُ بمجيء القَسَمِ، ولامُ القَسمِ هي قوله: لَأُكَفِّرَنَّ والدليل على أنَّ هذه اللام إنما هي مؤذنةٌ: أنَّهَا قد يستغنى عنها أحياناً، ويتمُّ الكلامُ دونها، ولو كانَتْ لاَمَ قَسَمٍ، لم يترتَّب ذلك، وإقامةُ الصلاةِ: توفيةُ شروطها، والزكاةُ هنا: شَيْءٌ من المالِ كان مفروضاً عليهم فيما قال بعضُ المفسِّرين، وَعَزَّرْتُمُوهُمْ: معناه: وقّرتموهم، وعظّمتموهم، ونَصَرْتُموهم، وقرأ عاصمٌ [[ورويت عن عمر بن الخطاب كما في الشواذ (ص 38) ، وينظر: «المحتسب» (1/ 208) ، و «المحرر الوجيز» (2/ 168) ، و «البحر المحيط» (3/ 460) ، و «الدر المصون» (2/ 500) .]] الجَحْدَرِيُّ: «وَعَزَرْتُمُوهُمْ» - خفيفة الزاي- حيثُ وقع، وقرأ في «سورة الفتحِ» : «وتَعْزُرُوهُ» - بفتح التاء، وسكونِ العينِ، وضمِّ الزاي-، وسَواءُ السَّبِيلِ:
وَسَطُه، وسائرُ ما في الآية بَيِّن، واللَّه المستعان.
وقوله تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً ... الاية: أيْ:
فبنقضِهِمْ، والقَسْوَةُ: غَلِظ القَلْب، ونُبُوُّهُ عن الرِّقَّة والمَوْعِظَة، وصَلاَبَتُهُ حتى لا ينفعلَ لخَيْرٍ.
وقوله تعالى: وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ: نصٌّ على سوءِ فِعْلِهِمْ بأنفسهم، أي: قد كان لهم حظٌّ عظيمٌ فيما ذُكِّروا به، فَنَسُوه، وتركُوه، ثم أخبر تعالى نبيَّه- عليه السلام- أنه لا يَزَالُ في مستأْنَفِ الزَّمان يطَّلع على خائِنَةٍ منهم، وغائلةٍ، وأمورٍ فاسدةٍ.
قالت فرقة: خَائِنَة: مصدرٌ، والمعنى: على خِيَانَةٍ، وقال آخرون: معناه: على فرْقَةٍ خائِنَةٍ، فهي اسمُ فاعلٍ صفةٌ لمؤنَّث.
وقوله تعالى: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ: منسوخٌ بما في «براءة» ، وباقي الآية بيِّن.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["۞ وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِیثَـٰقَ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَیۡ عَشَرَ نَقِیبࣰاۖ وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّی مَعَكُمۡۖ لَىِٕنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَیۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِی وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَیِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۚ فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ","فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّیثَـٰقَهُمۡ لَعَنَّـٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَـٰسِیَةࣰۖ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَنَسُوا۟ حَظࣰّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَاۤىِٕنَةࣲ مِّنۡهُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱصۡفَحۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"],"ayah":"۞ وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِیثَـٰقَ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَیۡ عَشَرَ نَقِیبࣰاۖ وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّی مَعَكُمۡۖ لَىِٕنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَیۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِی وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَیِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۚ فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ"}