الباحث القرآني

وقوله عز وجل: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ... الآية، تشريف لهم- رضي اللَّه عنهم- وقد تَقَدَّمَ القولُ في المبالغة ومعناها، وكان سببَ هذه المبايعة أنّ رسول الله ﷺ أراد أَنْ يبعث إلى مَكَّةَ رجلاً يُبَيِّنُ لهم أنّ النبي ﷺ لا يريد حرباً وإنَّما جاء مُعْتَمِراً، فبعث إليهم خداش بن أميّة الخزاعيّ، وحمله ﷺ على جَمَلٍ له يقال له: الثعلب، فلما كَلَّمَهُمْ عَقَرُوا الجمل، وأرادوا قتل خداش فمنعته الأحابيش، وبلغ ذلك النبيّ ﷺ فأراد بَعْثَ عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول اللَّه، إنِّي أخاف قريشاً على نفسي، وليس بِمَكَّةَ من بني عَدِيٍّ أَحَدٌ يحميني، ولكنِ ابعث عثمان فهو أَعُزُّ بمكّة منّي، فبعثه النبي ﷺ فذهب، فلقيه أبان بن سعيد بن العاصي فنزل عن دَابَّتِهِ فحمله عليها، وأجاره حتى بلغ الرسالة، فقالوا له: إنْ شِئْتَ يا عثمانَ أَنْ تطوف بالبيت فَطُفْ به، فقال: ما كنت لأطوف حتى يطوف به النبي ﷺ ثم إنَّ بَنِي سعيد بن العاصي حَبَسُوا عثمانَ على جهة المبرة، فأبطأ على النبيِّ ﷺ وكانتِ الحُدَيْبِيَّةُ من مَكَّةَ على نحو عَشَرَةِ أميال، فصرخ صارخ من عسكر رسول اللَّه ﷺ: قتل عثمان، فجثا رسول الله ﷺ/ والمؤمنون، وقالوا: لا نبرحُ- إنْ كان هذا- حتى نُنَاجِزَ القوم، ثم دعا الناسَ إلى البيعة فبايعوه ﷺ ولم يَتَخَلَّفْ عنها إلاَّ الجد بن قيس المنافق، وجعل النبيّ ﷺ يَدَهُ على يَدِهِ، وقال: هذه يَدٌ لعثمانَ [[ورد ذكر البيعة في حديث ابن عمر، أخرجه البخاري (6/ 271) كتاب «فرض الخمس» باب: إذا بعث الإمام رسولا في حاجة أو أمره بالمقام هل يسهم له؟ (3130) وأطرافه في (3698، 3704، 4066، 4513، 4514، 4650، 7095) ، والترمذي (5/ 629) ، كتاب «المناقب» باب: في مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه (3706) ، وأحمد (2/ 120) ، وأبو يعلى في «مسنده» (9/ 450) (185/ 5599) . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.]] ، وهي خير، ثم جاءَ عثمانُ سالماً والشجرة سمرة كانت هنالك ذهبت بعد سنين. وقوله سبحانه: فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ قال الطبريُّ [[ينظر: «تفسير الطبري» (11/ 350) .]] ، ومنذر بن سعيد: معناه: من الإيمان وصِحَّتِهِ، والحبِّ في الدين والحِرْصِ فيه، وقرأ الناس: «وَأَثَابَهُمْ» [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 134) ، و «البحر المحيط» (8/ 96) .]] قال هارون: وقد قرأت: «وَآتَاهُمْ» بالتاء بنقطتين [[قرأ بها الحسن ونوح القارئ. ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (142) ، و «البحر المحيط» (8/ 96) .]] ، والفتح القريب: خيبر، والمغانم الكثيرة: فتح خيبرَ. وقوله تعالى: وَعَدَكُمُ اللَّهُ ... الآية، مخاطبة للمؤمنين، ووعد بجميع المغانم التي أخذها المسلمون ويأخذونها إلى يوم القيامة قاله مجاهد وغيره [[أخرجه الطبري (11/ 351) برقم: (31533) ، وذكره ابن عطية (5/ 134) ، وابن كثير (4/ 191) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 70) .]] . وقولهُ: فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ يريد خيبَر، وقال زيد بن أسلم وابنه: المغانم الكثيرة: خيبر [[أخرجه الطبري (11/ 351) برقم: (31534) عن ابن زيد، وذكره ابن عطية (5/ 135) .]] ، وهذه إشارة إلى البيعة والتَّخَلُّصِ من أمر قريش، وقاله ابن عبّاس [[أخرجه الطبري (11/ 351) برقم (31537) وذكره ابن عطية (5/ 135) ، وابن كثير (4/ 191) .]] . وقوله سبحانه: وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ قال قتادة: يريد كَفَّ أَيديهم عن أهل المدينة في مغيب النبي ﷺ والمؤمنين [[أخرجه الطبري (11/ 352) برقم: (31538- 31539) ، وذكره ابن عطية (5/ 135) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 177) ، وعزاه إلى عبد بن حميد.]] ، وَلِتَكُونَ آيَةً أي: علامة على نصر المؤمنين، وحكى الثعلبيُّ عن قتادة أَنَّ المعنى: كَفَّ اللَّه غطفان ومن معها حين جاؤوا لنصر خيبر [[ذكره ابن عطية (5/ 135) .]] ، وقيل: أراد كفّ قريشا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب