الباحث القرآني

وقوله سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ مخاطبةٌ لهؤلاءِ الذينَ في قلوبهم مرضٌ، والمعنى: فهل عسى أَنْ تفعلُوا إنْ تولَّيتم غيرَ أنْ تُفْسِدُوا في الأرض، وتُقَطِّعُوا أرحامكم، ومعنى إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أي: إنْ أعرضتم عن الحَقِّ، وقيل المعنى: إنْ توليتم أمور الناس من الولاية وعلى هذا قيل: إنَّها نزلَتْ في بني هاشِمٍ، وبني أُمَيَّةَ ذكره الثعلبيُّ. ت: وهو عندي بعيدٌ لقوله: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فتعيَّن التأويل/ الأَوَّل، واللَّه أعلم. وفي البخاريِّ عن جُبَيْرِ بن مطعم عن النبيّ ﷺ قال: «لا يدخل الجنّة قاطع» [[أخرجه البخاري (10/ 428) كتاب «الأدب» باب: إثم القاطع (5984) ، ومسلم (4/ 1981) ، كتاب «البر والصلة والآداب» باب: صلة الرحم وتحريم قطيعتها (18- 19/ 2556) ، وأبو داود (1/ 530) ، كتاب «الزكاة» باب: في صلة الرحم (1696) ، والترمذي (4/ 316) ، كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في صلة الرحم (1909) ، والبيهقي (7/ 27) ، كتاب «الصدقات» باب: الرجل يقسم صدقته على قرابته وجيرانه، إذا كانوا من أهل السهمان، كما جاء في صلة الرحم وحق الجار، وأحمد (4/ 80، 83، 84) ، وابن حبان (2/ 199) ، كتاب «البر والإحسان» باب: صلة الرحم وقطعها، ذكر نفي دخول الجنة عن قاطع رحمه (454) ، وعبد الرزاق في «المصنف» (11/ 169- 170) ، كتاب «الجامع» باب: صلة]] يعني: قاطعَ رحِمٍ، وفيه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ- فَليَصِلْ رَحِمَهُ» [[روى هذا الحديث أنس بن مالك، وأبو هريرة رضي الله عنهما. فأما حديث أنس: أخرجه البخاري (4/ 353) كتاب «البيوع» باب: من أحب البسط في الرزق (2067) ، ومسلم (4/ 1982) كتاب «البر والصلة والآداب» باب: صلة الرحم وتحريم قطيعتها (20- 21/ 2557) ، وأبو داود (1/ 529) كتاب «الزكاة» باب: في صلة الرحم (1693) ، والنسائي في «الكبرى» (6/ 438) ، كتاب «التفسير» باب: سورة فاطر (11429/ 1) . وأما من طريق أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاري (10/ 429) ، كتاب «الأدب» باب: من بسط له في الرزق بصلة الرحم (5985) .]] . اهـ، وفي «صحيح مسلم» عن عائشةَ قالت: قال رسول الله ﷺ: «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ» [[أخرجه مسلم (4/ 1981) ، كتاب «البر والصلة والآداب» باب: صلة الرحم وتحريم قطيعتها (17/ 2555) عن عائشة.]] وفي رواية: «لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ» [[تقدم.]] وفي طريق: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَيُنْسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» [[تقدم.]] وخرَّجه البخاريُّ من طريق أبي هريرةَ [[تقدم.]] على ما تقدَّم، وخرَّج البخاريّ عن أبي هريرة عن النبيّ ﷺ قال: «إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مُقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكَ، وأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكَ؟ قَالَتْ: بلى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لك، قال رسول الله ﷺ: فَاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ [[أخرجه البخاري (10/ 430) ، كتاب «الأدب» باب: من وصل وصله الله، برقم: (5987) .]] ، وفي رواية: قال الله «مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ» [[أخرجه البخاري (10/ 430) ، كتاب «الأدب» باب: من وصل وصله الله، (5998) .]] انتهى. وروى أبو داودَ في «سُنَنَهِ» عن عبد الرحمن بن عَوْفٍ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أنا الرحمن، وَهِيَ الرَّحِمُ شَقَقْتُ لَهَا مِنْ اسْمِي، مَنْ وصلها وصلته، ومن قطعها بتّته» [[أخرجه أبو داود (1/ 530) ، كتاب «الزكاة» باب: في صلة الرحم (1695) ، والترمذي (4/ 315) ، كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في قطيعة الرحم (1907) ، والبيهقي (7/ 26) ، كتاب «الصدقات» باب: الرجل يقسم صدقته على قرابته وجيرانه إذا كانوا من أهل السهمين لما جاء في صلة الرحم وحق الجار.]] . انتهى. وقوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ إشارة إلى المرضى القلوب المذكورين. وقوله: فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ: استعارةٌ لعدم فهمهم. وقوله عزَّ منْ قائل: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ/ الْقُرْآنَ ... الآية: توقيفٌ وتوبيخٌ، وتَدَبُّرُ القرآن زعيم بالتبيين والهدى لمتأمِّله. ت: قال الهرويُّ: قوله تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ معناه: أفلا يتفكَّرُون فيعتبرون يُقَالُ: تَدَبَّرْتُ الأمر: إذا نظرتَ في أدباره وعواقبه، انتهى. وقوله تعالى: أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها معناه: بل على قلوب أَقفالها، وهو الرَّيْنُ الذي منعهم من الإيمان، ورُوِيَ أَنَّ وَفْدَ اليَمَنِ وَفَدَ على النبي ﷺ وفيهم شابّ، فقرأ النّبيّ ﷺ هذه الآيةَ، فقال الفتى: عَلَيْهَا أَقْفَالُهَا حتى يَفْتَحَها اللَّهُ تعالى ويُفَرِّجَهَا، قَالَ عُمَرُ: فَعَظُمَ في عَيْنِي، فما زَالَتْ في نَفْس عُمَرَ- رضي اللَّه عنه- حتى وَلِيَ الخلاَفَة فاستعان بذلك الفتى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب