الباحث القرآني

وقوله سبحانه: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ... الآية: تسلية للنّبيّ ﷺ أي: لا تَهْتَمَّ بأمر الكَفَرَةِ من أجل إعراضهم عن الإيمان، وقوله: إِلهَهُ هَواهُ إشارة إلى الأصنام إذ كانوا يعبدون ما يَهْوَوْنَ من الحجارة، وقال قتادة: المعنى: لا يَهْوَى شيئاً إلا رَكِبَهُ، لا يخافُ اللَّه [[ذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 159، 160) آية رقم: (21) .]] فهذا كما يقال: الهوى إله مَعْبُودٌ، وهذه الآية وإنْ كانت نزلَتْ في هَوَى الكُفْر فهِي مُتَنَاوِلَةٌ جميعَ هوى النفس الأَمَّارَةِ قال النبيُّ ﷺ: «والعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وتمنى عَلَى اللَّهِ» [[تقدم.]] ، وقال سَهْلٌ التُّسْتَرِيُّ: هَوَاكَ دَاؤُكَ فَإنْ خَالَفْتَهُ فَدَوَاؤُك،، وقال وهْبٌ: إذا عَرَضَ لك أمران، وشككْتَ في خَيْرِهِمَا، فانظر أَبْعَدَهُمَا مِنْ هَوَاكَ فَأْتِهِ ومن الحكمة في هذا قول القائل: [الطويل] إذَا أَنْتَ لَمْ تَعْصِ الهوى قَادَكَ الهوى ... إلى كُلِّ مَا فيهِ عَلَيْكَ مَقَالُ قال الشيخ ابن أبي جَمْرَةَ: قولُهُ/ ﷺ: «فَيُقَالُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئاً فَلِيَتْبَعْهُ» «شيئاً» يعم جَمِيعَ الأشياء، مُدْرَكَةً كانَتْ أو غَيْرَ مُدْرَكَةٍ، فالمُدْرَكُ: كالشمس والقمر، وَغَيْرُ المُدْرَكِ، مِثْلُ: الملائكة والهوى لقوله عزَّ وجَلَّ: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، وما أشبه ذلك، انتهى، قال القُشَيْرِيُّ في «رسالته» : وحُكِيَ عن أبي عمران الواسطيِّ قال: انكسرت بنا السفينةُ، فَبَقِيتُ أنا وامرأتي على لَوْحٍ، وقد وَلَدَتْ في تِلْكَ الحَالِ صَبِيَّةٌ، فصَاحَتْ بي، وقالت: يَقْتُلُنِي العَطَشُ، فقلْتُ: هو ذا يرى حالَنَا، فرفعتُ رَأْسِي، فإذا رجُلٌ في الهواء جالِسٌ في يده سِلْسِلَةٌ من ذَهَبٍ، وفيها كُوزٌ من ياقوت أحمر، فقال: هاك، اشربا، قال: فأخذتُ الكُوزَ فَشَرِبْنَا منه، فإذا هو أطيبُ مِنَ المِسْكِ، وأبردُ مِنَ الثَّلْجِ، وأحلى من العَسَلِ، فقلت: مَنْ أَنْتَ- رَحِمَكَ اللَّه؟ - فقال: عبدٌ لمولاكَ، فقلْتُ له: بِمَ وَصَلْتَ إلى هذا؟ فقال: تركْتُ هَوَايَ لمَرْضَاتِهِ، فأجلَسَنِي في الهواء، ثُمَّ غَابَ عَنِّي، ولم أره، انتهى. وقوله تعالى: عَلى عِلْمٍ قال ابن عباس [[أخرجه الطبري (11/ 262) برقم: (31203) ، وذكره ابن عطية (5/ 86) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 758) ، وعزاه إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، واللالكائي في «السنة» ، والبيهقي في «الأسماء والصفات» .]] : المعنى: على عِلْمٍ من اللَّه تعالى سَابِقٍ، وقالت فرقة: أي: على عِلْمٍ من هذا الضَّالِّ بتَرْكِهِ للحَقِّ وإعراضِهِ عنه، فتكُونُ الآية على هذا التأويل من آيات العِنَادِ من نحو قوله: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ [النمل: 14] . وقوله تعالى: وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً استعاراتٌ كُلُّهَا. وقوله: مِنْ بَعْدِ اللَّهِ فِيهِ حَذْفُ مضافٍ، تقديره: مِنْ بعدِ إضلالِ اللَّهِ إيَّاه، واخْتُلِفَ في معنى قولهم: نَمُوتُ وَنَحْيا فقالت فرقة: المعنى: يَمُوتُ الآباء، ويحيا الأبناء، وقالت فرقة: المعنى: نَحْيَا ونَمُوتُ، / فوقع في اللفظ تقديم وتأخير، وقولهم: وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ أي: طول الزمان.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب