الباحث القرآني

وقوله: أَنْ أَدُّوا مأخوذ من الأداء، كأنَّه يقول: أنِ ادْفَعُوا إليَّ، وأعطوني، ومَكِّنُوني من بني إسرائيل، وَإيَّاهم أراد بقوله: عِبادَ اللَّهِ، وقال ابن عباس: المعنى: اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحَقِّ [[ذكره ابن عطية (5/ 70) .]] ، فعباد اللَّه على هذا مُنَادًى مضافٌ، والمؤدى هي الطاعة، والظاهر من شرع موسى ع أَنَّهُ بُعِثَ إلى دعاء فرعونَ إلَى الإيمَان، وأَنْ يرسل بني إسرائيل، فلمَّا أبى أَنْ يُؤمن ثبتت المكافحة في أنْ يرسل بني إسرائيل، وقوله بعد: وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ كالنَّصَّ في أَنَّه آخر الأمرِ، إنَّما يطلب إرسال بني إسرائيل فقط. وقوله: وَأَنْ لاَّ تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ... الآية: المعنى: كانت رسالته، وقوله: أَنْ أَدُّوا وَأَنْ لاَّ تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ أيْ: على شرع اللَّه، وَعَبَّرَ بالعلوّ عن الطغيان والعتوّ، وأَنْ تَرْجُمُونِ معناه: الرجم بالحجارة المُؤَدِّي إلى القتل قاله قتادة وغيره [[أخرجه الطبري (11/ 233) برقم: (31098- 31099) عن قتادة، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 151) عنه، وابن عطية في «تفسيره» (5/ 71) ، وابن كثير (4/ 141) .]] ، وقيل: أراد الرجم بالقول، والأول أظهر لأنَّه الذي عاذَ منه، ولم يَعُذْ من الآخر. - قلت-: وعن ابن عمر قال: قال النبيّ ﷺ: «مَنِ استعاذ باللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ باللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنِ استجار باللَّهِ فَأَجِيرُوهُ، وَمَنْ أتى إلَيْكُمْ بِمَعْرُوفٍ/ فَكَافِئوهُ، فَإنْ لَمْ تَقْدِرُوا فادعوا لَهُ حتى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ [[أخرجه أبو داود (1/ 524) كتاب «الزكاة» باب: عطية من سأل بالله عز وجل (1672) ، (2/ 750) كتاب «الأدب» باب: في الرجل يستعيذ من الرجل (5109) ، وأحمد (2/ 68، 127) ، والنسائي (5/ 82) كتاب «الزكاة» باب: من سأل بالله عز وجل (2567) ، والحاكم (1/ 412) ، وابن حبان (8/ 199) كتاب «الزكاة» باب: المسألة والأخذ وما يتعلق به من المكافأة والثناء والشكر، ذكر الأمر بالمكافأة لمن صنع إليه معروف (3408) ، وأبو نعيم في «الحلية» (9/ 56) . قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، قد تابع عمار بن زريق على إقامة هذا الإسناد: أبو عوانة، وجرير بن عبد الله الحميد، وعبد العزيز بن مسلم القملي عن الأعمش.]] » ، رواه أبو داود، والنسائيُّ، والحاكم، وابن حِبَّانَ في «صحيحيهما» ، واللفظ للنِّسَائِيِّ، وقال الحاكم: صحيحٌ على شَرْطِ الشيخَيْنِ- يعني البخاريَّ ومسلماً- اهـ من «السلاح» . وقوله: فَاعْتَزِلُونِ متاركَةٌ صريحةٌ، قال قتادة: أراد خلّوا سبيلي. وقوله: فَدَعا رَبَّهُ قبله محذوفٌ، تقديرُهُ: فما أجابوه لِمَا طُلِبَ منهم. وقوله: فَأَسْرِ قبله محذوفٌ، أي: قَالَ اللَّهُ له فَأَسْرِ بِعبادِي، قال ابن العربيِّ في «أحكامه» [[ينظر: «أحكام القرآن» (4/ 1691) .]] : السرى: سَيْرُ الليل، و «الإدْلاَجُ» سَيْرُ السَّحَرِ، و «التَّأْوِيبُ» : سير النهار، ويقال: سرى وأسرى، انتهى. واخْتُلِفَ في قوله تعالى: وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً متى قالها لموسى؟ فقالت فرقة: هو كلامٌ مُتَّصِلٌ بما قبله، وقال قتادَةُ وغيره: خُوطِبَ به بعد ما جاز البحر [[أخرجه الطبري (11/ 234) برقم: (31101- 31102) عن قتادة نحوه، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 151) ، وابن عطية (5/ 72) .]] ، وذلك أَنَّهُ هَمَّ أَنْ يضرب البَحْر ليلتئم خَشْيَةَ أن يدخل فرعون وجنوده وراءه، ورَهْواً معناه: ساكناً كما جُزْتَهُ، قاله ابن عباس [[أخرجه الطبري (11/ 234- 235) برقم: (31103، 31105) ، وذكره ابن عطية (5/ 72) ، وابن كثير (4/ 141) .]] ، وهذا القول هو الذي تؤيِّده اللغَةُ ومنه قول القُطَامِيِّ: [البسيط] يَمْشِينَ رَهْواً فَلاَ الأَعْجَازُ خَاذِلَة ... وَلاَ الصُّدُورُ عَلَى الأَعْجَازِ تَتَّكِلُ [[البيت في «ديوانه» ص: (4) ، وينظر: «البحر المحيط» (8/ 31) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 72) ، و «الدر المصون» (6/ 115) ، في «المحرر» : «يمشون» .]] ومنه: [البسيط] وَأُمَّةٌ خَرَجَتْ رَهْواً إلى عِيد ... ...... أي: خرجوا في سكون وتمهّل. فقيل لموسى ع: اترك البَحْرَ سَاكِناً على حاله من الانفراق ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب