الباحث القرآني

وقوله تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ ... الآية، قوله: أَمِ اتَّخَذُوا: كلامٌ مقطوعٌ مِمَّا قَبْلَهُ، وليستْ بمعادلةٍ، ولكنَّ الكلام كأَنَّه أَضْرَبَ عن حُجَّةٍ لهم أو مقالةٍ مُقَرَّرَةٍ، فقال: بَلِ اتخذوا هذا مشهورُ قولِ النَّحْوِيِّينَ في مِثْلِ هذا، وذهب بعضهم إلى أَنَّ «أم» هذه هي بمنزلة ألف الاستفهام دون تقدير إضرابٍ، ثم أثبت الحكم بأنّه عز وجل هو الوليُّ الذي تنفع ولايته. وقوله تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ... الآية، المعنى: قل لهم يا محمَّد: وما اختلفتم فيه، أَيُّها الناس، مِنْ تكذيبٍ وتصديقٍ، وإيمانٍ وكفرٍ، وغَيْرِ ذلك فالحُكْمُ فيه والمجازاةُ عنه لَيْسَتْ إلَيَّ ولا بيدي وإنَّما ذلك إلى اللَّه تعالى، الذي صفاته ما ذُكِرَ من إحياء الموتى والقدرة على كل شيء. وقوله تعالى: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يريد: زوجَ الإنسان الأنثى، وبهذه/ النعمة اتفق الذرء، وليست الأزواج هاهنا الأنواع. وقوله: وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً الظاهر أيضاً فيه والمُتَّسِقُ أَنَّهُ يريد إناث الذَّكْرَان، ويحتمل أنْ يريد الأنواع، والأوَّل أظهر. وقوله: يَذْرَؤُكُمْ أي: يخلقكم نسلاً بعد نَسْلٍ، وقرناً بعد قَرْنٍ قاله مجاهد والناس، فلفظة «ذرأ» تزيد على لفظة «خلق» معنى آخرَ ليس في «خلق» ، وهو توالي طبقات على مَرِّ الزمان. وقوله: فِيهِ الضمير عائد على الجَعْلِ يتضمَّنه قوله: جَعَلَ لَكُمْ وهذا كما تقول: كَلَّمْتُ زَيْداً كلاماً أكرمته فيه، وقال القُتَبِيُّ: الضمير للتزْوِيجِ، ولفظة «في» مشتركة على معانٍ، وإنْ كان أصلها الوعاء، وإليه يردها النظر في كل وجه. وقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ الكاف مؤكِّدة للتشبيه، فنفي التشبيه أوكَدُ مَا يكُونُ وذلك أَنّك تقول: زيدٌ كعمرو، وزيْدٌ مِثْلُ عمرو، فإذا أردتَ المبالغة التامَّة قلتَ: زيدٌ كَمِثْلِ عَمْرٍو، وجرتِ الآية في هذا الموضع على عُرْفِ كلامِ العَرَبِ، وعلى هذا المعنى شواهِدُ كثيرة، وذهب الطَّبَرِيُّ [[ينظر: «تفسير الطبري» (11/ 133) .]] وغيره إلى أَنَّ المعنى: ليس كهو شيء، وقالوا: لفظة مَثَلُ في الآية توكيدٌ، وواقعةٌ موقع «هو» ، و «المقاليد» : المفاتيحُ قاله ابن عبَّاس وغيره [[ذكره ابن عطية في «تفسيره» (5/ 29) .]] ، وقال مجاهد هذا أصلها بالفارسيّة [[أخرجه الطبري (11/ 133، 134) برقم: (30630) ، وذكره ابن عطية (5/ 29) .]] ، وهي هاهنا استعارة لوقوعِ كُلِّ أمرٍ تَحْتَ قدرته سبحانه، وقال السُّدِّيُّ: المقاليدُ: الخزائن [[أخرجه الطبري (11/ 134) برقم: (30632) ، وذكره ابن عطية (5/ 29) .]] ، وفي اللفظ على هذا حذفُ مضافٍ، قال قتادة: مَنْ ملك مقاليد خزائن، فالخزائن في ملكه [[ذكره ابن عطية (5/ 29) .]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب