الباحث القرآني

وقوله تعالى: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ ... الآية، المعنى: إنما سبيل الحكم والإثم على الذين يظلمون الناس، روى التَّرْمِذِيُّ عن كعب بن عُجْرَةَ قال: قال لي النَّبِيُّ ﷺ،: «أُعِيذُكَ بِاللَّهِ يَا كَعْبُ مِنْ أُمَرَاءٍ يَكُونُونَ، فَمَنْ غَشِيَ أَبْوَابَهُمْ فَصَدَّقَهُمْ في كَذِبِهِمْ، وأَعَانَهُمْ على ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلاَ يَرِدُ عَلَي الْحَوْضِ، يا كَعْبُ، الصَّلاَةُ بُرْهَانٌ، والصبر جنّة حصينة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يُطْفِىءُ الماءُ النَّارَ، يا كَعْبُ لاَ يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إلاَّ كَانَتِ النَّارُ أولى بِهِ» . قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ، وخرَّجه أيضاً في «كتاب الفتن» وصحَّحه [[أخرجه الترمذي (4/ 525) ، كتاب «الفتن» باب: (72) (2259) ، والنسائي (7/ 160- 161) كتاب «البيعة» باب: من لم يعن أميرا على الظلم (4208) ، وابن حبان (5/ 141) (1569) ، وأحمد (3/ 399) كلهم نحوه. قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب، لا نعرفه من حديث مسعر إلا من هذا الوجه.]] ، انتهى. وقوله تعالى: إِنَّمَا السَّبِيلُ إلى قوله: أَلِيمٌ: اعتراضٌ بَيْنَ الكلامَيْنِ، ثم عاد في قوله: وَلَمَنْ صَبَرَ إلى الكلام الأول، كأنَّه قال: ولمنِ انتصر بعد ظلمه فَأُولَئِكَ ما عليهم من سبيل، وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ ... الآية، واللام في قوله: وَلَمَنْ صَبَرَ يصِحُّ أنْ تكون لام قَسَمٍ، ويصح أنْ تكون لام الابتداء، وعَزْمِ الْأُمُورِ: مُحْكَمُهَا ومُتْقَنُهَا، والحميدُ العاقبةِ منها، فمَنْ رأى أَنَّ هذه الآية/ هي فيما بين المؤمنين والمشركين، وأنَّ الصبر للمشركين كان أفضل قال: إنَّ الآية نسخت بآية السيف، ومَنْ رأى أَنَّ الآية بين المؤمنين، قال: هي مُحْكَمَةٌ، والصبر والغفران أفضل إجماعاً، وقال رسول الله ﷺ: «إذَا كَانَ يَوْمُ الْقَيَامَةِ، نادى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ أَجْرٌ فَلْيَقُمْ، فَيَقُومُ عَنَقٌ مِنَ النَّاسِ كَبِيرٌ، فَيُقَالُ: مَا أَجْرُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ الَّذِينَ عَفَوْنَا عَمَّنْ ظَلَمَنَا في الدُّنْيَا» [[أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (3/ 265) .]] . وقوله تعالى: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ تحقير لأمر الكَفَرَةِ، أي: فلا يُبَالي بهم أحدٌ من المؤمنين لأنَّهم صائرون إلى ما لا فلاحَ لهم معه، ثم وصف تعالى لنبيِّه حالهم في القيامة عند رؤيتهم العذاب، وقولهم: هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ومرادهم: الرَّدُّ إلى الدنيا، والرؤية هنا رؤيةُ عَيْنٍ، والضميرُ في قوله: عَلَيْها عائدٌ على النار، وإنْ لم يتقدَّم لها ذِكْرٌ من حيثُ دَلَّ عليها قوله: رَأَوُا الْعَذابَ. وقوله: مِنَ الذُّلِّ يتعلق ب خاشِعِينَ. وقوله تعالى: يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ قال قتادة والسُّدِّيُّ [[أخرجه الطبري (11/ 159) برقم: (30738- 30739) ، وذكره ابن عطية (5/ 41) .]] : المعنى: يسارقون النَّظَرَ لما كانوا فيه من الهَمِّ وسوء الحال لا يستطيعون النَّظَرَ بجميعِ العَيْنِ وإنَّما ينظرون ببعضها قال الثعلبيُّ: قال يونس: مِنَ بمعنى الباء، ينظرون بطرف خَفِيٍّ، أي: ضعيف من أجل الذُّلِّ والخوف، ونحوُه عن الأخفش، انتهى، وفي البخاريِّ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ، أي: ذليل. وقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ... الآية، وقول الَّذِينَ آمَنُوا هو في يوم القيامة عند ما عاينوا حال الكفار وسوء مُنْقَلَبِهِمْ. وقوله تعالى: أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ يحتمل أنْ يكون من قول المؤمنين/ يومئذ، حكاه اللَّه عنهم، ويحتمل أَنْ يكون استئنافاً من قول الله عز وجل وأخباره لنبيه محمّد ع.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب