الباحث القرآني

وقوله تعالى: أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا: أوْبَقْتُ الرَّجُلَ: إذا أَنْشَبْتَهُ في أمْرٍ يَهْلِكُ فِيهِ، وهو في السفن تغريقها وبِما كَسَبُوا أي: بذنوب رُكَّابها، وقرأ نافع، وابن عامر: «وَيَعْلَمُ» بالرفع على القطع والاستئناف، وقرأ الباقون والجمهور: «وَيَعْلَمَ» بالنصب [[ينظر: «السبعة» (581) ، و «الحجة» (6/ 130) ، و «إعراب القراءات» (2/ 285) ، و «معاني القراءات» (2/ 357) ، و «شرح الطيبة» (5/ 214) ، و «العنوان» (170) ، و «حجة القراءات» (643) ، و «إتحاف» (2/ 450) .]] على تقدير «أنْ» ، و «المَحِيصُ» : المنجى، وموضعُ الرَّوَغَانِ. ثم وعَظَ سبحانه عبادَهُ، وحَقَّر عندهم أمر الدنيا وشأنها، ورَغَّبَهُمْ فيما عنده من النعيم والمنزلة الرفيعة لديه، وعَظَّم قَدْرَ ذلك في قوله: فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا [وزينتها] وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وقرأ الجمهور [[وقد قرأ حمزة والكسائيّ بالإفراد «كبير» . ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 39) ، و «السبعة» (581) ، و «الحجة» (6/ 132) ، و «إعراب القراءات» (2/ 286) ، و «معاني القراءات» (2/ 358) ، و «شرح الطيبة» (5/ 215) ، و «العنوان» (170) ، و «حجة القراءات» (643) ، و «شرح شعلة» (574) ، و «إتحاف» (2/ 451) .]] : كَبائِرَ على الجمع قال الحسن: هي كُلُّ ما تُوُعِّدَ فيه بالنار [[ذكره ابن عطية في «تفسيره» (5/ 39) .]] ، وقد تقدَّم ما ذَكَرَهُ/ الناس في الكبائر في سورة النساء وغيرها، وَالْفَواحِشَ: قال السُّدِّيُّ [[أخرجه الطبري (11/ 154) برقم: (30722) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 129) ، وابن عطية (5/ 39) .]] : الزنا، وقال مقاتل: مُوجِبَاتُ الحدود [[أخرجه البغوي (4/ 129) ، وذكره ابن عطية (5/ 39) .]] . وقوله تعالى: وَإِذا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ حَضٌّ على كسر الغضب والتدرُّب في إطفائه إذ هو جمرةٌ من جَهَنَّمَ، وبَابٌ مِنْ أبوابها، وقال رجل للنّبيّ ﷺ: «أوْصِنِي، قَالَ: لاَ تَغْضَبْ، قَالَ: زِدْني، قَال: لا تغضب، قال: زدني، قال: لا تغضب» [[أخرجه البخاري (10/ 535) كتاب «الأدب» باب: الحذر من الغضب (6116) ، والبيهقي (10/ 105) كتاب «آداب القاضي» باب: لا يقضي وهو غضبان، نحوه من حديث أبي هريرة، والترمذي (4/ 371) كتاب «آداب القاضي» باب: لا يقضي وهو غضبان، نحوه من حديث أبي هريرة، والترمذي (4/ 371) كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في كثرة الغضب (2020) ، نحو حديث البخاري والبيهقي عنه. -- قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وفي الباب من حديث جارية بن قدامة التيمي رضي الله عنه: أنه قال: يا رسول الله ﷺ قُلْ لي قَوْلاً يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، وأَقْلِلْ لعلي لا أغفله، قال: «لا تغضب ... » الحديث. أخرجه ابن حبان (12/ 502) كتاب «الحظر والإباحة» باب: الاستماع المكروه وسوء الظن والغضب والفحش، ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ذم النفس عن الخروج إلى ما لا يرضي الله- جلّ وعلا- بالغضب (5689- 5690) ، وأحمد (3/ 484) ، (5/ 34) ، والحاكم (3/ 615) ، والبخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 237) (2309) ، والطبراني (2/ 262) (2094) (2107) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (3/ 108) (1110) .]] ، ومن جاهد هذا العَارِضَ مِنْ نَفْسِهِ حتى غَلَبَهُ، فقدْ كُفِيَ هَمًّا عظيماً في دنياه وآخرته. ت: وروى مالكٌ في «المُوَطَّإ» أَنَّ رجُلاً أتى النبيّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ أَعِيشُ بِهِنَّ وَلاَ تُكْثِرْ عَلَيَّ فأنسى، فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «لاَ تَغْضَبْ» [[أخرجه مالك في «الموطأ» (2/ 906) كتاب «حسن الخلق» باب: ما جاء في الغضب (11) .]] قال أبو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ: أراد: عَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي بكلماتٍ قليلةٍ لئلاَّ أنسى إنْ أكْثَرْتَ عَلَيَّ، ثم أسند أبو عُمَرَ من طُرُقٍ عن الأحنفِ بن قَيْسٍ عن عَمِّه جَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ، أَنَّه قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لي قَوْلاً يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، وأَقْلِلْ لِي لَعَلِّي أَعْقِلُهُ، قَال: «لاَ تَغْضَبْ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِراراً، كُلُّها يُرَجِّعُ إليه رسُولُ اللَّه: لاَ تَغْضَبْ» ، انتهى [[أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (7/ 246) ، وانظر الحديث قبل السابق.]] من «التمهيد» ، وأسند أبو عُمَرَ في «التمهيد» أيضاً عن عبد اللَّه بن أبي الهُذَيْلِ قال: لما رأى يحيى أَنَّ عيسى مُفَارِقُهُ قال له: أَوْصِنِي، قَالَ: لا تَغْضَبْ، قال: لاَ أَسْتَطِيعُ، قال: لا تَقْتَنِ مَالاً، قال عَسَى. انتهى. وروى ابن المبارك في «رقائقه» بسنده عن النبيّ ﷺ قال: «مَنْ كَفَّ لِسَانَهُ عَنْ أَعْرَاضِ المُسْلِمِينَ أقال اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ عَنْهُمْ، وَقَاهُ اللَّهُ عَذَابَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [[أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (257) (745) ، وذكره الهندي في «كنز العمال» (3/ 354) (6902) ، وعزاه إلى الديلمي.]] ، قال ابن المُبَارَكِ: وأخبرنا/ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عن خالدِ بْنِ مَعْدَانَ قال: إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتعالى يَقُولُ: «مَنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإِ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإِ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَمَنْ ذَكَرَنِي حِينَ يَغْضَبُ ذَكَرْتُهُ حِينَ أَغْضَبُ فَلَمْ أَمْحَقْهُ فيمن أمحق [[تقدم تخريج هذا الحديث مسندا.]] » انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب