الباحث القرآني

وقوله تعالى: فَقَضاهُنَّ معناه: فَصَنَعَهُنَّ وأَوْجَدَهُنَّ، ومنه قول أبي ذُؤَيْبٍ: [الكامل] وَعَلَيْهِمَا/ مسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا ... داوود أو صنع السّوابغ تبّع [[وهو لأبي ذؤيب «في سرّ صناعة الإعراب» (2/ 760) ، و «شرح أشعار الهذليين» (1/ 39) ، و «شرح المفصل» (3/ 59) ، و «لسان العرب» (8/ 31) (تبع) ، (8/ 209) (صنع) ، (15/ 186) (قضى) ، و «المعاني الكبير» ص: (1039) ، وبلا نسبة في «شرح المفصل» (3/ 58) .]] وقوله تعالى: وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها قال مجاهد وقتادة: أوحى إلى سُكَّانِها وَعَمَرَتِها من الملائكة وإليها هي في نَفْسِهَا- ما شاء الله تعالى- مِنَ الأَمُورِ التي بها قوامها وصلاحها [[أخرجه الطبري (11/ 92- 93) برقم: (30455- 30456) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (5/ 7) ، وذكره ابن كثير (4/ 93) ولم يعزه لأحد، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 678) ، وعزاه إلى عبد بن حميد، والفريابي عن مجاهد، وعبد بن حميد عن قتادة.]] . وقوله: ذلِكَ إشارة إلَى جَمِيعِ ما ذكر، أي: أوْجَدَهُ بِقُدْرَتِهِ، وأحكمه بِعِلْمِهِ. وقوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا يعني: قريشاً، والعرب الذين دَعَوتَهُم إلى عبادة اللَّه تعالى عن هذه الآيات البَيِّنَات فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ وقرأ النّخعي وغيره: صعقة فيهما [[وقرأ بها: ابن الزبير، والسلمي، وابن محيصن. ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (134) ، و «المحرر الوجيز» (5/ 8) ، و «البحر المحيط» (7/ 468) ، و «الدر المصون» (6/ 59) .]] ، وهذه قراءة بَيِّنَةُ المعنى لأنَّ الصعقة الهلاكُ الوَحيُّ، وأمَّا الأولى فهي تشبيهٌ بالصاعقةِ، وهي الوقعة الشديدة من صوت الرعد، فشُبِّهَتْ هنا وقعةُ العذاب بها لأنَّ عاداً لم تُعَذَّبْ إلاَّ بِرِيحٍ، وإنَّما هذا تشبيهٌ واستعارة، وعبارةُ الثعلبيِّ: صاعِقَةً أي: واقعةٌ وعقوبةٌ مِثْلُ صاعقةِ عَادٍ وثَمُودَ، انتهى، قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 8) .]] : وَخَصَّ عاداً وثَمُودَ بالذِّكْر لوقوفِ قُرَيْشٍ على بلادها في اليمن وفي الحِجْرِ في طريق الشام، قال الثعلبيّ: ومِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ يعني: قبلهم وبعدهم، وقامت الحُجَّةُ عليهم في أَنَّ الرسالة والنذارة عمتهم خبراً ومباشرة، وقال ع [[ينظر: المصدر السابق.]] قوله: وَمِنْ خَلْفِهِمْ أي: جاءهم رسول بعد اكتمال أعمارهم وبعد تَقَدُّمِ وجودهم في الزَّمَنِ، فلذلك قال: وَمِنْ خَلْفِهِمْ ولا يتوجه أنْ يجعل وَمِنْ خَلْفِهِمْ عبارة عَمَّا أتى بعدهم لأنَّ ذلك لا يلحقهم منه تقصير. ت: وما تقدم للثعلبيِّ وغيره أَحْسَنُ لأَنَّ مقصد الآية اتصال النذارة بهم وبمن قبلهم وبمن بعدهم إذ ما من أُمَّةٍ إلاَّ وفيها نذير، وكما قال تعالى: رُسُلَنا تَتْرا ... [المؤمنون: 44] وأيضاً فإنَّه جمع في اللفظ عاداً وثمود وبالضرورة أَنَّ/ الرسولَ الذي أُرْسِلَ إلى ثمودَ هو بَعْدَ عادٍ، فليس لِرَدِّ ع: وَجْهٌ فتأمله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب