الباحث القرآني
إلّا آية واحدة نزلت بمكّة عام الفتح، وهي: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ... [النساء: 58] الآية: وفي البخاريُّ: عَن عائشَة (رضي الله عنها) أنَّها قالت:
ما نزلت سورة النّساء إلّا وأنا عند رسول الله ﷺ، تعني: قد بنى بها [[ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (2/ 3) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (2/ 205) ، وعزاه للبخاري.]] .
قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ... الآية: في الآية تنبيهٌ على الصانع، وعلى افتتاحِ الوجودِ، وفيها حضٌّ على التواصل لحرمةِ هذا النَّسَب، والمرادُ بالنَّفْس آدم ﷺ، وقال: واحِدَةٍ على تأنيث لفظ النّفس، وزَوْجَها، يعني: حَوَّاء، قال ابن عَبَّاس وغيره: خَلَق اللَّه آدم وَحِشاً في الجنة وحده، ثم نام، فانتزع اللَّهُ إحدى أضلاعه القصيرى مِنْ شِمَاله [[ذكره ابن عطية (2/ 4) .]] ، وقيل: مِنْ يمينه، فَخَلَقَ منها حَوَّاء، ويعضد هذا- الحديث الصحيح في قوله ﷺ: «إنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ أَعْوَجَ ... » الحديث [[أخرجه البخاري (6/ 418) في أحاديث الأنبياء: باب خلق آدم وذريته (3331) ، و (9/ 160) في النكاح: باب المداراة مع النساء (5184) ، وباب الوصاة بالنساء (5186) ، ومسلم (2/ 1090- 1091) في الرضاع، باب الوصية بالنساء (1468) ، والترمذي (3/ 493- 494) في الطلاق: باب ما جاء في مداراة النساء (1188) ، وأحمد (2/ 428، 449، 497) ، والدارمي (2/ 148) في النكاح: باب مداراة الرجل أهله، من طرق عن أبي هريرة رفعه- واللفظ لمسلم-: «أن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها» .
وقال الترمذي: حسن صحيح، وإسناده جيد.
ويشهد له حديث سمرة رواه أحمد (5/ 8) ، وحديث أبي ذر عند أحمد (5/ 150- 151) ، والدارمي (2/ 147- 148) وحديث عائشة رواه أحمد (6/ 279) .]] ، وَبَثَّ: معناه: نَشَرَ كقوله تعالى: كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ [القارعة: 4] أي: المنتشر، وفي تكرير الأمر بالتقوى تأكيد لنفوس المأمورين، وتَسائَلُونَ: معْنَاه: تتعاطَفُون به، فيقول أحدكم: أسألكَ باللَّه، وقوله: وَالْأَرْحامَ، أي: واتقوا الأرحَامَ، وقرأ حمزةُ «والأَرْحَامِ» (بالخفض) عطفًا على الضميرِ كقولهم: أسألك باللَّه وبالرَّحِمِ قاله مجاهد وغيره.
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 4) .]] : وهذه القراءةُ عند نحاة البَصْرة لا تَجُوز لأنه لا يجوزُ عندهم أنْ يعطف ظَاهِرٌ على مضمرٍ مخفوضٍ إلا في ضرورة الشِّعْرِ كقوله: [البسيط]
................ ... فاذهب فَمَا بِكَ وَالأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ [[عجز بيت، وصدره:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... ............... ...........
وهو بلا نسبة في «الإنصاف» (ص 464) و «خزانة الأدب» (5/ 123- 126 128، 129، 131) و «شرح الأشموني» (2/ 430) و «الدرر» (2/ 81) (6/ 151) و «شرح أبيات سيبويه» (2/ 207) و «شرح ابن عقيل» (ص 503) و «شرح عمدة الحافظ» (ص 662) و «شرح المفصّل» (3/ 78، 79) و «الكتاب» (2/ 392) و «اللمع في العربية» (ص 185) و «المقاصد النحوية» (4/ 163) و «المقرب» (1/ 234) و «همع الهوامع» (2/ 139) .]]
لأن الضميرَ المخفوضَ لا ينفصلُ فهو كحرف من الكلمة، ولا يعطف على حرفٍ، واستسهلَ بعضُ النحاة هذه القراءة. انتهى كلام ع.
قال ص: والصحيحُ جوازُ العَطْف على الضميرِ المجرورِ من غير إعادة الجَارِّ كمذهب الكوفيِّين، ولا تُرَدُّ القراءة المتواترةُ بمثل مذهب البصريّين [[اختلف النحاة في العطف على الضمير المجرور على ثلاثة مذاهب:
أحدها: وهو مذهب الجمهور من البصريين-: وجوب إعادة الجار إلا في ضرورة.
الثاني: أنه يجوز ذلك في السّعة مطلقا، وهو مذهب الكوفيين، وتبعهم أبو الحسن ويونس والشلوبيون.
والثالث: التفصيل، وهو إن أكّد الضمير جاز العطف من غير إعادة الخافض نحو: «مررت بك نفسك وزيد» ، وإلا فلا يجوز إلا ضرورة، وهو قول الجرميّ. والذي ينبغي أنه يجوز مطلقا لكثرة السماع الوارد به، وضعف دليل المانعين واعتضاده بالقياس.
أما السّماع: ففي النثر كقولهم: «ما فيها غيره وفرسه» بجرّ «فرسه» عطفا على الهاء في «غيره» . وقوله:
تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ في قراءة جماعة كثيرة، منهم حمزة. وفي النظم وهو كثير جدا، فمنه قول العباس بن مرداس: [الوافر]
أكرّ على الكتيبة لا أبالي ... أفيها كان حتفي أم سواها
وأمّا القياس فلأنه تابع من التوابع الخمسة، فكما يؤكّد الضمير المجرور ويبدل منه فكذلك يعطف عليه.
وينظر: «الدر المصون» (1/ 529- 531) ، و «البحر المحيط» (2/ 155) .]] ، قال: وقد أمعنّا الكلام عليه في قوله تعالى: وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ [البقرة: 217] انتهى، وهو حسنٌ، ونحوه للإمام الفَخْر [[ينظر: «تفسير الرازي» (9/ 129) .]] .
وفي قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً: ضرْبٌ من الوعيدِ، قال المُحَاسِبِيُّ:
سألتُ أبا جَعْفَرٍ محمدَ بْنَ موسى، فقلْتُ: أجمل حالاتِ العارفين ما هِيَ؟ فقال: إن الحال التي تَجْمَعُ لك الحالاتِ المَحْمُودةَ كلَّها في حالةٍ واحدةٍ هي المراقبةُ، فَألْزِمْ نفْسَكَ، وقَلْبَكَ دَوَامَ العِلْمِ بنَظَرِ اللَّه إليك في حركَتِك، وسكونِكِ، وجميعِ أحوالِكِ/ فإنَّك بعَيْنِ اللَّهِ (عزَّ وجلَّ) في جميعِ تقلُّباتك، وإنَّك في قبضته حيث كُنْتَ، وإنَّ عين اللَّه على قلبك، ونَاظِرٌ إلى سِرِّك وعلانيتِكَ، فهذه الصفةُ، يا فتى، بحْرٌ ليس له شطٌّ، بَحْر تجري منْه السواقِي والأنهارُ، وتسيرُ فيه السُّفُن إلى معادِنِ الغنيمةِ. انتهى من كتاب «القصد إلى الله سبحانه» .
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسࣲ وَ ٰحِدَةࣲ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالࣰا كَثِیرࣰا وَنِسَاۤءࣰۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِی تَسَاۤءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَیۡكُمۡ رَقِیبࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق