الباحث القرآني

وقوله تعالى: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ... الآية، هذه الآيةُ عامَّةٌ في جميع النَّاسِ إلى يوم القيامةِ، فتَوْبَةُ الكَافِرِ تَمْحُو ذَنْبَهُ، وتوبة العاصي تمحو/ ذنبَهُ على ما تقدَّم تفصيلُهُ، واختُلِفَ في سبب نزولِ هذه الآيةِ، فقال عطاءُ بن يَسَارٍ: نزلَتْ في وَحْشِيٍّ قَاتِلِ حمزة [[أخرجه الطبري في «تفسيره» (11/ 14) برقم: (30176) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 83) ، وابن عطية في «تفسيره» (4/ 537) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 621) ، وعزاه لابن جرير عن عطاء بن يسار.]] ، وقال ابن إسحاق وغيره: نزلَتْ في قومٍ بمكَّةَ آمنوا، ولم يُهَاجِرُوا وفَتَنَتْهُمْ قُرَيْشٌ، فافتتنوا، ثم نَدِمُوا وَظَنُّوا أنهم لا تَوْبَةَ لَهم، [فنزلَتِ] الآيةُ فِيهِم، منهم الوَلِيدُ بْنُ الوَلِيدِ وَهِشَامُ بْنُ العَاصي [[ذكره ابن عطية في «تفسيره» (4/ 537) عن قتادة والسدي، وابن أبي إسحاق.]] وهذا قولُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، وأنه كَتَبَهَا بِيدِهِ إلى هشامِ بْنِ العَاصِي، الحديثَ، وقالتْ فرقةٌ: نزلَتْ في قومٍ كُفَّارٍ مِنْ أهْلِ الجاهليَّةِ، قالوا: وَمَا يَنْفَعُنَا الإسْلاَمُ، وَنَحْنُ قد زنينا وقتلنا النّفس، وأتينا كلّ كبيرة، فَنَزَلَتِ الآيةُ فِيهمْ، وقالَ عليُّ بْنُ أبي طَالِبِ، وابنُ مَسْعُودٍ، وابنُ عُمَرَ: هذِهِ أرْجَى آية في القرآن [[أخرجه الطبري في «تفسيره» (11/ 15) برقم: (30181) عن ابن مسعود وبرقم: (31084) عن علي، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (4/ 537) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 59) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 621) .]] ، ورَوَى ثَوْبَانُ عَنِ النبيِّ ﷺ قال: «مَا أُحِبُّ أَنَّ لي الدُّنْيَا وَمَا فيها بهذه الآية [[أخرجه أحمد (5/ 275) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (5/ 423) باب: في معالجة كل ذنب بالتوبة (7137) ، والطبري (11/ 16) (30187) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 331) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه.]] قُلْ يا عِبادِيَ ... » وأَسْرَفُوا معناه أَفْرَطُوا، والقَنَطُ أعْظَمُ اليَأْسِ، وقرأ نافعٌ والجمهورُ «تَقْنَطُوا» بفتح النون [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 537) .]] ، قال أبو حاتم: فيلزمهم أن يقرؤوا «مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُواْ» [الشورى: 28]- بكسرها- ولم يقرأْ بهِ أحَدٌ، وقرأ أبو عمرو «تَقْنِطُوا» - بالكسر [[وقرأ بها حمزة والكسائيّ، ويعقوب، وخلف. ينظر: «العنوان» (165) ، و «إتحاف» (2/ 430) .]] -. وقوله: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً عمومٌ بمعنى الخصوصِ لأن الشِّرْكَ لَيْسَ بداخلٍ في الآيةِ إجماعاً، وهي أيضاً في المعاصِي مقيَّدةٌ بالمشيئةِ، ورُوِيَ أنَّ النبيّ ﷺ قرأ: «إن اللَّه يغفرُ الذنوبَ جَميعاً ولاَ يُبَالِي» [[أخرجه الحاكم (2/ 249) كتاب «التفسير» ، والترمذي (5/ 370) ، كتاب «التفسير» باب: ومن سورة الزمر (3237) . قال الحاكم: هذا حديث غريب عال، ولم أذكر في كتابي هذا عن شهر غير هذا الحديث الواحد. اهـ. قال الترمذي: هذا حديث حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إِلا من حديث ثابت عن شهر بن حوشب قال: وشهر بن حوشب يروي عن أم سلمة الأنصارية وأم سلمة الأنصارية هي أسماء بنت يزيد.]] وقَرَأَ ابنُ مَسْعُودٍ [[ينظر: «الشواذ» ص: (132) ، و «الكشاف» (4/ 135) ، وزاد نسبتها إلى ابن عبّاس. وينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 537) .]] : «إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً لِمَنْ يَشَاءُ» وَأَنِيبُوا معناه: ارجعوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب