الباحث القرآني

وقوله تعالى: قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ يُرْوَى أنَّ هذهِ الآيةَ نزلتْ في جَعْفَرِ بن أبي طالب وأصحابِهِ، حِينَ عزموا على الهجرة إلى أرض الحبشة [[ذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 74) ، وابن عطية في «تفسيره» (4/ 523) .]] ، ووعد سبحانه بقوله: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ فقولهُ: فِي هذِهِ الدُّنْيا متعلق ب أَحْسَنُوا، والمعنى: إنَّ الذين يُحْسِنُونَ في الدنيا لَهُمْ حَسَنَةٌ في الآخِرَة، وهي الجنةُ والنعيمُ قاله مقاتلٌ» ويحتملُ أنْ يريدَ: أن الذينَ يُحْسِنُونَ لهُم حسَنَةٌ في الدنيا، وهي العافيةُ والظهورُ وولايةُ اللَّهِ تعالى قاله السُّدّيُّ [[أخرجه الطبري في «تفسيره» (10/ 622) برقم: (30094) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 73) ، وابن عطية في «تفسيره» (4/ 523) .]] ، والأَوَّلُ أرجح أن الحسَنَةَ هِي في الآخِرة. وقوله سبحانه: وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ حَضٌّ عَلى الهجرةِ، ثم وَعَدَ تعالى على الصَّبْرِ على المكارِهِ، والخروج مِنَ الوَطَنِ ونُصْرَةِ الدينِ وجميعِ الطاعات- بِتَوْفِيَةِ الأجورِ بغير حِسَابٍ، وهذا يحْتَمِلُ معنيين: أحدهما: أن الصابرَ يؤتى أَجْرَهُ وَلاَ يحاسَبُ على نعيمٍ ولا يُتَابَعُ بذنوبٍ، ويكونُ في جملة الذين يدخلون الجنةَ بغير حساب. والثاني من المعنيين: أن أجورَ الصابرينَ توفى بغَيْرِ حَصْر وَلا عَدٍّ، بلْ جُزَافاً، وهذه استعارةٌ للكثرةِ التي لا تحصى وإلى هذا التأويلِ ذَهَبَ جمهورُ المفسرينَ، حتى قال قتادةُ: لَيْسَ ثَمَّ واللَّهِ/ مِكْيَالٌ ولا ميزان [[أخرجه الطبري في «تفسيره» (10/ 622) برقم: (30096) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 74) عن علي رضي الله عنه، وابن عطية في «تفسيره» (4/ 524) ، وابن كثير في «تفسيره» (4/ 48) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 605) ، وعزاه لعبد بن حميد.]] ، وفي الحديث أَنَّهُ لما نزلت وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ [البقرة: 261] قال النبي ﷺ: «اللَّهُمَّ، زِدْ أُمَّتِي» ، فَنَزَلَتْ بَعْدَ ذلِكَ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً [البقرة: 245] فقال: «اللَّهُمَّ زِدْ أُمَّتِي» حتى نزلَتْ: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ، قال: «رَضِيتُ يَا رَبِّ» . وقوله تعالى: قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ من المعلوم أنه ع معصومٌ من العِصْيَانِ، وإنما الخطابُ بالآيةِ لأِمَّتِهِ يَعُمُّهُمْ حكمُهُ، ويحفُّهم وعيدُهُ. وقوله: فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ هذه صيغةُ أَمْرٍ على جِهَةِ التهْدِيدِ، وهذا في القرآنِ كثيرٌ، و «الظُّلَّة» ما غَشِيَ وعَمَّ كالسَّحَابَةِ وَسَقْفِ البيت، ونحوِه. [وقوله سبحانه: ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يريد: جميع العالم] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب