الباحث القرآني
وقوله تعالى: وَقالُوا مَا لَنا لاَ نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ ... الآية:
الضميرُ في قالُوا لأشْرَافِ الكفارِ ورؤسائِهم، وهذا مطَّرِدٌ في كل أمة، ورُوِيَ أن قائِلي هذه المقالةِ أهْلُ القَلِيبِ كأبِي جَهْلٍ وأُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ وعُتْبَةَ بن رَبيعةِ، ومَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ، وأنَّ الرجالَ الذين يشيرون إليهم هم كَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وبِلاَلٍ وصُهَيْبٍ، ومَنْ جرى مجراهم، قاله مجاهد»
وغيره، والمعنى: كنا في الدنيا نَعُدُّهم أشْرَاراً، وقرأ حمزةُ والكسائي وأبو عمرو «اتخذناهم» بِصِلَةِ الألِف [[ينظر: «السبعة» (556) ، و «الحجة» (6/ 82) ، و «معاني القراءات» (2/ 331) ، و «شرح الطيبة» (5/ 193) ، و «العنوان» (163) ، و «حجة القراءات» (617) ، و «شرح شعلة» (566) ، و «إتحاف» (2/ 423) .]] ، على أن يكونَ ذلك في موضِع الصفةِ لرجال، وقرأ الباقونَ «أَتَّخَذْنَاهُمْ» بهمزةِ الاسْتِفْهَامِ، ومعناها: تقريرُ أنفسِهِم على هذا على جهة التوبيخ لها والأسفِ، أي: اتخذناهم سِخْرِيًّا ولم يكونوا كذلك، وقرأ نافع وحمزة والكسائي: «سُخْرِيًّا» - بضم السين- من السُّخْرةِ، والاستخدامِ، وقرأ الباقون: «سِخْرِيًّا» - بكسر السين [[ينظر: «الحجة» (6/ 85) ، و «العنوان» (163) ، و «حجة القراءات» (618) ، و «إتحاف» (2/ 424) .]] -، ومعناها المشهورُ من السَّخْرِ الذي هو بمعنى الهُزْءِ، وقولُهُمْ: أَمْ زاغَتْ معادلةٌ لما في قولِهِمْ: مَا لَنا لاَ نَرى والتقديرُ في هذه الآيةِ: أمَفْقُودُونَ هم أَمْ هُمْ معنا، ولكن زاغَتْ عنهم أبصارنا، فلا نراهم، والزَّيْغُ: المَيْلُ.
ثم أخْبَرَ تعالى نبيَّه بقوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ والإشارة بقوله تعالى: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ إلى التوحيد والمَعَادِ، فهي إلى القرآن وجميعِ ما تَضَمَّنَ، وعِظَمُهُ أنَّ التصديقَ بهِ نجاةٌ والتكذيبُ به هَلَكَةٌ، ووبَّخَهُمْ بقوله: أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ، ثم أمر ع أن يقولَ محتجًّا على صِحَّةِ رسالتِه: «مَا كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى لولا أنْ اللَّه أخْبَرَنِي بذلك» والملأ الأعلى أَرَادَ بِهِ: الملائكةَ، واخْتُلِفَ في الشَّيْءِ الذي هُوَ اخْتِصَامُهُمْ فِيه فقالت فرقةٌ: اختصامهم في شأن آدَمَ: كقولهم: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها [البقرة: 30] وَيَدُلُّ على ذلك ما يأتي من الآياتِ، وقالت فرقة: بل اختصَامُهم في الكفَّارَاتِ وَغَفْرِ الذُّنُوبِ، ونحوه فإن العَبْدَ إذا فعل حسنَةً، اختلفت الملائكةُ في قَدْرِ ثوابِهِ في ذلك، حتى يَقْضِيَ اللَّهُ بما شاء، وروي في هذا حديثٌ فَسَّرَهُ ابنُ فُورَكَ يتضمَّنُ أنّ النبيّ ﷺ قالَ له ربُّهُ- عزَّ وجلَّ- في نومه: «أتَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلأُ الأعلى؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: اختصموا في الْكَفَّارَاتِ والدَّرَجَاتِ، فَأَمَّا الكَفَّارَاتُ: فَإسْبَاغُ الوُضُوءِ في الغَدَوَاتِ البارِدَةِ، ونَقْلُ الأَقْدَامِ إلَى الجَمَاعَاتِ، وانتظار الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، وأَمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإفْشَاءُ السَّلامِ، وَإطْعَامُ الطَّعَامِ، وَالصَّلاَةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» الحديثِ [[أخرجه أحمد (5/ 243) عن معاذ بن جبل. وفي الباب من حديث ابن عبّاس أخرجه الترمذي (5/ 366- 367) كتاب «تفسير القرآن» باب: ومن سورة ص (3233- 3234) ، وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه.]] قال ابنُ العَرَبي في «أحكامِه» : وقَدْ رَوَاهُ الترمذيُّ صحيحاً، وفيه «قال: سَلْ قَالَ: اللَّهُمَّ، إنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ المُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ المَسَاكِينِ، وأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً في قَوْمٍ، فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَعَمَلاً يُقَرِّبُ إلَيَّ حُبِّكَ» قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّها حقّ فارسموها، ثم تعلّموها» ، انتهى.
{"ayahs_start":62,"ayahs":["وَقَالُوا۟ مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالࣰا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ ٱلۡأَشۡرَارِ","أَتَّخَذۡنَـٰهُمۡ سِخۡرِیًّا أَمۡ زَاغَتۡ عَنۡهُمُ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ","إِنَّ ذَ ٰلِكَ لَحَقࣱّ تَخَاصُمُ أَهۡلِ ٱلنَّارِ","قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ مُنذِرࣱۖ وَمَا مِنۡ إِلَـٰهٍ إِلَّا ٱللَّهُ ٱلۡوَ ٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ","رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَا ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفَّـٰرُ","قُلۡ هُوَ نَبَؤٌا۟ عَظِیمٌ","أَنتُمۡ عَنۡهُ مُعۡرِضُونَ","مَا كَانَ لِیَ مِنۡ عِلۡمِۭ بِٱلۡمَلَإِ ٱلۡأَعۡلَىٰۤ إِذۡ یَخۡتَصِمُونَ"],"ayah":"إِنَّ ذَ ٰلِكَ لَحَقࣱّ تَخَاصُمُ أَهۡلِ ٱلنَّارِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











