الباحث القرآني

قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ رُوِيَ: أَنَّ قائلَ هذه المقالة هُو أبو سفيانَ بنِ حَرْبٍ [[ذكره ابن عطية (4/ 405) .]] ، والَّلامُ من قوله: لِيَجْزِيَ يصحّ أن تكون متعلقة بقوله: لَتَأْتِيَنَّكُمْ والَّذِينَ معطوف على الَّذِينَ الأولى، أي: وليجزي ليجزي الّذين سعوا ومُعاجِزِينَ معناه: مُحَاوِلِينَ تَعْجِيزَ قدرةِ اللهِ فِيهمْ، ثُم أَخْبَرَ تَعَالَى بَأَنَّ الذِينَ أُوتُوا العِلمَ يَرَوْنَ الوَحْيَ المُنَزَّل عَلَى مُحَمَّدٍ عليه السلام حَقاً، والَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قِيلَ: هُمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ الْمُؤْمِنُونَ [[أخرجه الطبريّ (10/ 347) (28711) ، وذكره البغوي (3/ 549) ، وابن عطية (4/ 406) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 426) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة.]] بِهِ، ثُمَّ حَكَى اللهُ تَعَالَى عَنْ الكُفَّارِ مَقَالَتَهُمْ الَّتِي قَالُوهَا عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ وَالهُزْءِ وَاسْتِبْعَادِ البَعْثِ، هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يعنون محمّدا ﷺ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ بِالبِلَى وَتَقَطُّعِ الأوصال في القبور وغيرها وجَدِيدٍ بمعنى مُجَدَّدِ، وقولهم: أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً هُوَ أَيْضاً مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْ قَوْلِهِمْ فَقَالَ: بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ: يُريدُ عَذَابَ الآخرةِ لأَنَّهُمْ صَائِرُونَ إلَيْه، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يريدَ عَذَابَ الدنيا أَيضاً، والضَّمِيرُ فِي قوله: أَفَلَمْ يَرَوْا لهؤلاء الذين لا يؤمِنُونَ بالآخرةِ وَقَفَهُمْ الله على قدرتِه، وخَوَّفَهُم من إحاطَتِهَا بهِمْ، والمعنى: أليسَ يَرونَ أمامَهم وَوَرَاءَهُم سَمَائِي وَأَرْضِي، وَبَاقِي الآية بيّن، ثم 78 أذكر الله تَعَالَى نعمتَه عَلى دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ/ احتجَاجاً على ما منح محمّدا، وأَوِّبِي مَعنَاه: رَجِّعي معه، قال ابنُ عَبَّاسٍ وغيرُهُ: معناه: يا جبالُ سَبِّحِي مَعَه، أي: يُسَبِّحُ هُوَ وتُرَجِّع هِيَ معه التسبيحَ، أي: تُرَدِّدُهُ بالذكر [[أخرجه الطبريّ (10/ 350) (28719) ، وذكره ابن عطية (4/ 407) ، وابن كثير في «تفسيره» (3/ 527) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 426) ، وعزاه لابن أبي شيبة في «المنصف» ، وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما.]] . وقال مؤرج: أَوِّبِي سَبِّحِي بِلُغَةِ الحَبَشةِ، وقَرَأَ [[يعني قرأ عاصم في غير رواية حفص. وبها قرأ الأعرج وقرأ بها يعقوب كما ذكر الأزهري في «معاني القراءات» (2/ 290) . وقرأ بقراءة الجمهور عاصم في رواية حفص، والحسن، وابن أبي إسحاق، وأبو جعفر. وبالجملة فقد قال الأزهري (2/ 289) : واتفق القراء على نصب قوله: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ. وينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 407) ، و «البحر المحيط» (7/ 253) ، و «الدر المصون» (5/ 434) .]] عَاصِمُ: «والطيرُ» - بالرفع- عَطْفاً عَلى لفظِ قوله: «يا جبال» وقرأ نافع وابن كثير: «والطير» بالنّصب-. قَالَ سَيبَوَيْهِ: عَطَفَ عَلَى مَوْضِع قَوْلِهِ: «يا جبال» لأَنَّ مَوْضِعَ المنادَى المفردِ نصبٌ، وقيل: نَصْبُها بإضمار فِعْلٍ تقديرُه: وسخَّرْنَا الطَّيْرَ، وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ مَعْنَاه: جَعَلْنَاهُ لَيِّناً، ورَوَى قَتَادَةُ وَغَيْرِه: أَنَّ الْحَدِيدَ كَانَ لَهُ كَالشَّمْعِ لاَ يَحْتَاجُ فِي عَمَلِهِ إلَى نَارٍ [[أخرجه الطبريّ (10/ 351) (28730) بنحوه، وذكره ابن عطية (4/ 407) ، وابن كثير في «تفسيره» (3/ 527) بنحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة بنحوه.]] ، و «السابغات» : الدُّرُوعُ الكَاسِيَاتِ ذَوَاتُ الفُضُولِ. وَقَوله تعالى: وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ قَالَ ابنُ زَيْدٍ: الذي أَمَرَ بهِ هُوَ فِي قدر الحَلْقَة، أي: لا تَعْمَلْهَا صَغِيرَةً فَتَضْعُفَ فَلا يَقْوَى الدِّرْعُ عَلى الدِّفَاعِ، وَلاَ تَعْمَلْهَا كَبِيرَةً، فَيُنَالَ لاَبِسُهَا مِنَ خِلاَلِهَا [[أخرجه الطبريّ (10/ 351) (28734) بنحوه، وذكره ابن عطية (4/ 408) .]] . وقال ابن عباس: التقديرُ: الَّذِي أَمَر بهِ هُو فِي المِسْمَارِ [[أخرجه الطبريّ (10/ 352) رقم (28735) بنحوه، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (4/ 408) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 427) بنحوه، وعزاه لعبد الرزاق، والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما.]] ، وذَكَرَ البُخَارِيُّ فِي «صحيحهِ» ذَلِكَ فَقَالَ: المَعْنَى: لاَ تَدِقَّ المِسْمَارَ فَيَتَسَلَّلَ وَلاَ تُغْلِظَهُ فَيَنْقَصِمَ بالقافِ، وبالفاء أيضاً رواية. ت: قال الهُرَوِيُّ: قوله تعالى: وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ «السرد» مُتَابَعَةُ حَلَقِ الدِّرْعِ شَيْئاً بعد شيء حتى يتناسقَ، يقالُ: فُلاَنٌ يَسْرِدُ الحديث سردا، أي: يتابعه. انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب