الباحث القرآني

وقوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أزالَ الله بهذه الآية أحكاماً كانت في صدر الإسلام، منها أن النّبي ﷺ كان لا يصلي على ميت عليه دين، فذَكَرَ اللهُ تعالى أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فجمع هذا أن المؤمن يلزم أن يحبّ النبيّ ﷺ أكثرَ من نَفسِهِ، حَسَبَ حديثِ عمر بن الخطاب، ويلزمُ أن يَمْتَثِلَ أوامرَهُ، أحبت نفسُهُ ذلك أو كرهت، وقال النبيّ ﷺ حين نزلت هذه الآية: «أَنَاْ أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ، مِنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنَاً أَوْ ضِيَاعاً فإلَيَّ وَعَلَيَّ، أَنا وليّه، اقرؤوا إن شئتم: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ... » . ت: ولفظ البخاريِّ من رواية أبي هريرةَ أن النبيّ ﷺ قال: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلاَّ وَأَنَا أولى به في الدّنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، فَإنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضِيَاعاً، فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلاَهِ» [[أخرجه البخاري (5/ 61) ، كتاب الاستقراض: باب الصلاة على من ترك دنيا (2399) ، وأخرجه مسلم (3/ 1237) ، كتاب الفرائض: باب «من ترك مالا فلورثته» الحديث (15/ 1619) .]] . قال ابن العربيِّ: في «أحكامه» [[ينظر: «أحكام القرآن» (3/ 1508) .]] : فهذا الحديث هو تفسير الولاية في هذه الآية. انتهى. قال ع [[ينظر: «المحرر» (4/ 370) .]] : وقال بعض العارفين: هو ﷺ أولى بالمؤمنين من أنفسهم لأنَّ أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك، وهو يدعوهم إلى النجاة. قال ع [[ينظر: «المحرر» (4/ 370) .]] : ويؤيد هذا قوله ﷺ: «فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُون فِيهَا تَقَحَّمَ الفَرَاشِ» . قال عياض في «الشفا» : قال أهل التفسير في قوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أي: ما أنفذه فيهم من أمر فهو ماضٍ عليهم كما يمضي حكمُ السيد على عبده، وقيل: اتباع أمره أولى من اتباع رأي النفس. انتهى. وشرّف تعالى أزواج نبيه ﷺ بأن جعلهن أمهاتِ المُؤْمِنِينَ في المَبَرَّةِ وحُرْمَةِ النّكاح، وفي مصحف أبيّ بن كعب [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 370) ، و «البحر المحيط» (7/ 208) .]] : «وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ» وقرأ ابن عباس [[ونسبها الزمخشري في «الكشاف» (3/ 523) إلى ابن مسعود. وينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 370) ، و «البحر المحيط» (7/ 208) .]] «مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ» ووافقه أبيّ 71 ب على ذلك. ثم حكم تعالى: بَأَن أُولى الأرْحَامِ بَعْضُهم أولى ببعض في التوارُث، مما كانت الشريعة قررته من التوارث بأخوه الإسلام، وفِي كِتابِ اللَّهِ يُحْتَمَلُ أَن يُرِيْدَ القُرْآن أو اللوح المحفوظ. وقوله: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ متعلق ب أَوْلى الثانية. وقوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً يريدُ الأحسانَ في الحياةِ والصِّلَة والوَصِيَّةِ عند الموتِ و «الكتابُ المسطورُ» : يحتمل الوجهين اللذين ذكرنا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب