الباحث القرآني
وقوله تعالى: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ، قرأ ابنُ كَثِيرٍ [[ينظر: «السبعة» (218) ، و «الحجة» (3/ 94) ، و «حجة القراءات» (179، 180) ، و «إعراب القراءات» (1/ 122) ، و «العنوان» (81) ، و «شرح شعلة» (325) ، و «إتحاف» (1/ 493) ، و «معاني القراءات» (1/ 279) .]] ، وأبو عَمْرٍو، وعاصم: «أَنْ يَغُلَّ» بفتح الياء، وضم الغين، وقرأ باقي السبعة: «أَنْ يُغَلَّ» بضم الياء، وفتح الغين، واللفظةُ بمعنى الخِيَانة في خَفَاءِ، تقولُ العربُ: أَغَلَّ الرَّجُلُ يُغِلُّ إغْلاَلاً، إذا خان، واختلفَ عَلَى القراءة الأولى، فقال ابنُ عَبَّاسٍ وغيره: نزلَتْ بسبب قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ فُقِدَتْ من المغانمِ يَوْمَ بَدْرٍ، فقال بعضُ النَّاس: لعلَّ رسُولَ الله ﷺ أَخَذَهَا [[أخرجه الترمذي (5/ 230) كتاب «التفسير» باب ومن سورة آل عمران حديث (3009) وقال الترمذي:
هذا حديث حسن غريب.]] ، فقيلَ: كانت هذه المَقَالَةُ مِنْ مؤمِنٍ لم يَظُنَّ في ذلك حَرَجاً.
وقيل: كانَتْ من منافِقين، وقد رُوِيَ أن المفقود إنما كَانَ سَيْفاً، قال النَّقَّاش: ويقال:
إنما نزلَتْ لأن الرماة قالوا يوم أُحُدٍ: الغنيمةَ الغنيمةَ، فإنا نخشى أن يقول النبيّ ﷺ: مَنْ أَخَذ شيئاً، فهو له [[ذكره ابن عطية (1/ 535) .]] ، وقال ابْنُ إسحاق: الآية إنما أنزلَتْ، إعلاماً بأنَّ النبيَّ ﷺ لم يكتم شيئاً مما أُمِرَ بتبليغه [[ذكره ابن عطية (1/ 535) .]] .
وأمَّا على القراءة الثانيةِ، فمعناها عند الجمهور، أي: ليس لأحدٍ أنْ يغل النبيَّ، أيْ:
يخونه في الغنيمة لأنَّ المعاصِيَ تَعْظُمُ بحَضْرته لتعيين توقيره.
قال ابن العربي [[ينظر: «الأحكام» لابن العربي (1/ 301) .]] في «أحكامه» : وهذا القول هو الصحيحُ، وذلك أنَّ قوماً غَلُّوا من الغنائمِ، أو هَمُّوا، فأنزل اللَّه تعالَى الآية، فنهاهُمُ اللَّه عن ذلك، رواه الترمذيُّ. انتهى.
وقوله تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ... الآية: وعيدٌ لِمَنْ يغل من الغنيمة، أو في زكاته بالفَضِيحَة يَوْمَ القيامة على رءوس الأَشهاد، قال القرطبيُّ في «تذكرته» [[ينظر: «التذكرة» للقرطبي (1/ 399) .]] : قال علماؤنا (رحمهم اللَّه) في قوله تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ: إنّ ذلك على الحقيقة كما بيّنه ﷺ، أي: يأتي به حاملاً له على ظهره ورقبته، معذَّباً بحمله وثِقَلِهِ، ومروَّعاً بصوته، وموبَّخاً بإظهار خيانته. انتهى. وفي الحديث عنه ﷺ أنَّهُ قَالَ: «أَدُّوا الْخَائِطَ وَالمَخِيطَ فَإنَّ الغُلُولَ عَارٌ ونَارٌ وشَنَارٌ على أَهْلِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» [[أخرجه مالك (2/ 457- 458) ، كتاب «الجهاد» ، باب ما جاء في الغلول، حديث (22) عن عبد الرّحمن بن سعيد عن عمرو بن شعيب مرسلا.
وأخرجه أبو داود (2/ 70) (2694) ، والنسائي (6/ 262- 263) ، وأحمد (2/ 184) ، والبيهقي (6/ 336- 337) من طريق عمرو بن شُعَيْب عن أبيه عن جَدِّه موصولا.]] رواه مالكٌ في «الموطَّأ» ، قال أبو عُمَرَ في «التمهيد» : الشَّنَار: لَفْظَةٌ جامعةٌ لمعنَى العَارِ وَالنَّارِ، ومعناها الشَّيْن، والنَّار يريد أن الغلول شَيْنٌ وعارٌ ومنْقَصَة في الدُّنْيا، وعذابٌ في الآخرة. انتهى، وفي الباب أحاديثُ صحيحةٌ في الغُلُولِ، وفي مَنْعِ الزكاة.
وقوله سبحانه: أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ، أي: الطاعة الكفيلة بِرضْوَان اللَّه.
قال ص: «أَفَمَنْ» : استفهام، معناه: النَّفْيُ، أي: ليس مَنِ اتبع مَا يَئُولُ به إلى رِضَا اللَّه تعالى عَنْه فباء برضَاه، كَمَنْ لم يَتَّبِعْ ذلك فباء بسَخَطه. انتهى.
وقوله سبحانه: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ قال ابنُ إسحاق وغيره: المراد بذلك الجَمْعَانِ المذكورانِ أهل الرِّضْوان، وأصحاب السَّخَط [[ذكره ابن عطية (1/ 536) .]] ، / أيْ: لكلِّ صِنْفٍ منهم تَبَايُنٌ في نفسه في منازل الجنة، وفي أطباق النَّار أيضاً، وقال مجاهدٌ والسُّدِّيُّ ما ظاهره: أن المراد بقوله: «هم» ، إنما هو لمتبعي الرضْوان [[ذكره ابن عطية (1/ 537) .]] ، أي: لهم درجاتٌ كريمةٌ عند ربهم، وفي الكلامِ حذفٌ، تقديره: هُمْ ذَوْو دَرَجَاتٍ، والدرجاتُ: المنازلُ بعضها أعلى من بعض في المَسَافة، أو في التكرمة، أو في العذاب، وباقي الآية وعد ووعيد.
{"ayahs_start":161,"ayahs":["وَمَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَغُلَّۚ وَمَن یَغۡلُلۡ یَأۡتِ بِمَا غَلَّ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ","أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَ ٰنَ ٱللَّهِ كَمَنۢ بَاۤءَ بِسَخَطࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ","هُمۡ دَرَجَـٰتٌ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِمَا یَعۡمَلُونَ"],"ayah":"هُمۡ دَرَجَـٰتٌ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِمَا یَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق