الباحث القرآني

وقوله سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ... الآية، وعن حبيب بن مسلمة [[في أ: مسلمة.]] الفهري وكان مجاب الدعوة، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لاَ يَجْتَمِعُ مَلأٌ فَيَدْعُوَ بَعْضُهُمْ وَيُؤَمِّنُ بَعْضُهُمْ إلاَّ أَجَابَهُمْ اللهُ تعالى» [[أخرجه الحاكم (3/ 347) ، والطبراني في «الكبير» (4/ 21- 22) رقم (3536) كلاهما من طريق أبي عبد الرحمن المقري: ثنا ابن لهيعة، حدثني ابن هبيرة، عن حبيب بن مسلمة الفهري به. وقال الهيثمي في «المجمع» (10/ 20) : رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة، وهو حسن الحديث.]] ، رواه الحاكم في «المستدرك» ، انتهى من «سلاح المؤمن» ، وعن أبي هريرة- رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ» [[أخرجه الترمذيّ (5/ 517- 518) كتاب الدعوات: باب (66) حديث (3479) ، وابن حبان في «المجروحين» (1/ 368) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (4/ 356) من طريق صالح المري عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الترمذيّ: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.]] رواه الترمذيُّ وهذا لفظه. قال «صاحب السلاح» : ورواه الحاكمُ في «المستدرك» وقال: مستقيمُ الإسناد، انتهى. والسُّوءَ عامٌّ في كل ضرُّ يَكْشِفُه اللهُ تعالى عن عبادِه، قال ابن عطاء الله: ما طُلِبَ لَك شيءٌ مثلَ الاضْطِرَارِ، ولا أسْرَع بالمواهِب لكَ مثلَ الذِّلةِ والافتقارِ، انتهى. و «الظلماتُ» عام لظلمةِ الليل ولظلمةِ الجهل والضلال، والرزق من السماءِ هو بالمطر ومن الأرض بالنبات هذا هو مشهور ما يحُسُّه البشرُ، وكم للَّهِ بَعْدُ مِنْ لُطْفٍ خَفِي. ثم أمرَ تعالى نبيَّه- عليه السلام- أنْ يُوقِفَهُمْ عَلَى أَنَّ الغَيبَ مِما انفَرَدَ الله بعلمِه ولذلكَ سُمِّي غَيْباً لغيبِه عن المخلوقين. رُوِيَ: أنَّ هذهِ الآيةَ مِن قوله: قُلْ لاَّ يَعْلَمُ إنما نَزَلَتْ لأَجْلِ سؤالِ الكفّارِ عن السَّاعَةِ الموعودِ بِهَا، فجاءَ بلفظ يَعُمَّ السَّاعَةَ وغيرَها، وأخبر عن البشر أنهم لا يشعرون إيان يبعثون. ص: أَيَّانَ اسم استفهامٍ بمعنى: متى، وهي معمولةً ل يُبْعَثُونَ، والجملة في موضع نصب ب يَشْعُرُونَ، انتهى. وقرأ جمهور القراء: بَلِ ادَّارَكَ أصله: تَدَارَكَ. وقرأ عاصم [[ينظر: «السبعة» (485) ، و «الحجة» (5/ 400) ، و «إعراب القراءات» (2/ 161) ، و «معاني القراءات» (2/ 243) ، و «شرح الطيبة» (5/ 115) ، و «العنوان» (145) ، و «حجة القراءات» (535) ، و «شرح شعلة» (530) ، و «إتحاف» (2/ 333) .]] في رواية أبي بكر: «بل ادرك» على وزن افتعل، وهي بمعنى: تَفَاعَلَ. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: «بَلْ أَدْرَكَ» وهذه القراءاتُ تحتملُ مَعْنَيَيْن: أحدهما: ادَّرَكَ علمُهم، أي: تَناهى، كما تقول ادَّركَ النباتُ، والمعنى: قد تَنَاهى علمهُم بالآخرة إلى أَن لا يعرفوا لها مقداراً، فيؤمنوا وإنما لهم ظنونٌ كاذبةٌ، أو إلى أن لا يعرفوا لها وقْتاً، والمعنى الثاني: بل ادَّرَكَ بمعنى: يُدْرِك أي أنهم في الآخرة يُدْرِكُ علمُهم وقتَ القيَامَةِ، ويرونَ العذابَ والحقائقَ التي كذَّبوا بها، وأمَّا في الدنيا فلا، وهذا هو تأويل ابن عباس [[أخرجه الطبريّ (10/ 8) رقم (27068- 27069- 27070- 27071) بنحوه، وذكره ابن عطية (4/ 268) ، وابن كثير (3/ 373) بنحوه، والسيوطي (5/ 214) وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس بنحوه.]] ، ونحا إليه الزجاج [[ينظر: «معاني القرآن» (4/ 127) .]] ، فقوله: فِي الْآخِرَةِ على هذا التأويل: ظَرْفٌ وعلى التأويل الأول: فِي بمعنى الباء. ثم وَصَفَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بأنهم في شكٍ منها، ثم أردف بصِفَةِ هي أبلغُ من الشَّكِ وهي العمى بالجملة عن أمر الآخرة، وعَمُونَ: أصله: (عميون) فعلون كحذرون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب