الباحث القرآني

وقوله تعالى: فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ يعني: رسلُ بلقيس، وقولُ سليمان: ارْجِعْ خطابٌ لرسلِها لأن الرسولَ يقع على الجمعِ والإفرادِ والتذكيرِ والتأنيث. وفي قراءة ابن مسعود [[ينظر: «الكشاف» (3/ 366) ، و «البحر المحيط» (7/ 71) ، و «المحرر الوجيز» (4/ 259) ، و «الدر المصون» (5/ 313) .]] : «فلما جاءوا سليمان» وقرأ «ارجعوا» ، ووعيدُ سليمانَ لهم مقترنٌ بدوامِهم على الكفرِ، قال البخاري: لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِها: أي: لا طاقةَ لهم، انتهى. ثم قال سليمان 52 ب لجمعه/ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها. قال ابن زيد: وغرضُه في استدعاءِ عرشِها أن يُرِيَها القدرةَ التي من عند الله وليغرب [[ذكره ابن عطية (4/ 260) .]] عليها، ومُسْلِمِينَ في هذا التأويل بمعنى: مُسْتَسْلِمِينَ، ويحتملُ أنُ يكونَ بمعنى الإسلام. وقال قتادة: كان غرضُ سليمان عليه السلام أخذه قبل أن يَعْصِمَهُم الإسلامُ فالإسلامُ على هذا التأويل يراد به الدين [[أخرجه الطبريّ (9/ 521) رقم (26980) بنحوه.]] . ت: والتأويل الأول أَليَقُ يمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ، فيتعينُ حملُ الآيةِ عليه، والله أعلم. ورُوِي أن عرشِهَا كانَ من ذهبٍ وفضةٍ مُرَصَّعاً بالياقوتِ والجَوْهرِ وأنه كان في جوفِه سبعةُ أبياتٍ عليها سَبْعة أغلاقٍ. والعِفْرِيتُ هو من الشياطين: القويُّ الماردُ. وقوله: قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ قال مجاهد [[أخرجه الطبريّ (9/ 522) رقم (26989) بنحوه، وذكره ابن عطية (4/ 260) ، وابن كثير (3/ 363) بنحوه، والسيوطي (5/ 204) ، وعزاه للفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.]] وقتادة [[أخرجه الطبريّ (9/ 522) رقم (26990) بنحوه، وذكره ابن عطية (4/ 260) .]] : معناه: قبل قيامِك من مجلس الحكم، وكان يجلس من الصبح إلى وقتَ الظهرِ في كل يوم، وقيل: معناه: قبلَ أنْ تستويَ من جلوسِكَ قَائِماً. وقول الذي عنده علم من الكتاب: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ قال ابن جبير [[أخرجه الطبريّ (9/ 524) رقم (27003) ، وذكره البغوي (3/ 420) بنحوه، وابن عطية (4/ 260) ، والسيوطي (5/ 205) بنحوه، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن المنذر، عن سعيد بن جبير.]] وقتادة [[ذكره البغوي (3/ 420) بنحوه، وابن عطية (4/ 260) .]] : معناه: قبل أن يصل إليكَ مَنْ يَقَعُ طَرْفُكَ عَلَيْهِ في أبعد ما ترى. وقال مجاهد [[أخرجه الطبريّ (9/ 524) رقم (27007) بنحوه، وذكره البغوي (3/ 420) بنحوه، وابن عطية (4/ 260) ، والسيوطي (5/ 205) بنحوه، وعزاه للفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.]] : معناه: قبل أن تحتاج إلى التغميض، أي: مدة ما يمكنك أن تمد بصرك دون تغميض وذلك ارتداده. قال ع [[ينظر: «المحرر» (4/ 260) .]] : وهذانِ القولانِ يقابلانِ القولينِ قبلَهما. وقوله: لَقَوِيٌّ أَمِينٌ معناه: قويٌّ على حمله أمين على ما فيه. ويُرْوَى أنَّ الجِنَّ كَانَتْ تُخْبِرُ سليمانَ بمَنَاقِل سَيْرِ بلقيس، فلما قربَتْ، قال: أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها فدعا الذي عنده علم من التوراة، - وهو الكتاب المشار إليه- باسم الله الأعظم الذي كانت العادة في ذلك الزمان أن لا يدعو به أحد إلا أجيب، فشقت الأرض بذلك العرشِ، حتَّى نَبَعَ بَيْنَ يَدَيْ سليمانَ عليه السلام. وقيل: بل جِيءَ به في الهواءِ. وجمهورُ المفسرين على أن هذا الذي عنده علم من الكتاب- كان رجلاً صالحاً من بني إسرائيل اسمه (آصف بن برخيا) ، روي أنه صلى ركعتين، ثم قال لسليمان [عليه السلام] : يا نبي الله امدد بصرك نحوَ اليَمَنِ، فمد بصره فإذا بالعرش، فما رد سليمان بَصره إلا وهو عنده. وقال قتادة: اسمه بلخيا [[أخرجه الطبريّ (9/ 523) رقم (26993) بلفظ «كان اسمه بليخا» ، وذكره ابن عطية (4/ 61) ، وابن كثير (3/ 364) ، والسيوطي (5/ 205) ، وعزاه لابن جرير عن قتادة.]] . وقولُ سليمانَ- عليه السلام-: نَكِّرُوا لَها عَرْشَها يريدُ تَجْرِبَة مَيْزِهَا ونَظَرِهَا، ورَوَتْ فرقةٌ أن الجنَّ أحسَّتْ من سليمان أوْ ظنت به أنه ربما تزوجها، فكرهوا ذلك وعيَّبُوها عنده، بأنها غيرُ عاقلِة ولا مميزة وأَن رجلَها كحَافِرِ دابة، فجرَّب عَقْلَها وميَّزَها بتَنْكِيرِ السريرِ، وجرب أمر رجلِها بأمر الصَّرْحِ، لتكشفَ عن سَاقَيْها عنده، وتنكيرُ العرش: تغييرُ وضعهِ وسَتْرُ بعضِه. وقولُها كَأَنَّهُ هُوَ تحرزٌ فَصِيح، وقال الحسن بن الفضل [[ذكره ابن عطية (4/ 261) .]] : شَبَّهُوا عَلَيْهَا فَشَبَّهَتْ عَلَيْهِم. ولو قالوا: أهذا عرشك؟ لقالت: نعم، ثم قال سليمان عليه السلام عند ذلك: وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها الآية، وهذا منه على جهة تعديد نعم الله تعالى عليه وعلى آبائه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب