الباحث القرآني

وقوله: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ إلى قوله الْعَظِيمِ، ظاهره: أنه من قوله الهدهد وهو قول ابن زيد وابن إسحاق، ويحتمل أن يكون من قول الله تعالى اعتراضاً بيْنَ الكَلاَمَيْن، وقراءةُ التشديدِ في أَلَّا تعطى: أن الكلامَ للهدهدِ وهي قراءةُ الجمهورِ [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 256) ، و «البحر المحيط» (7/ 65) .]] ، وقراءة التخفيفِ وهي للكسائي تَمْنَعَهُ [[وقرأ بها ابن عباس، وأبو جعفر، والزهري، والسلمي، والحسن، وحميد. ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 256) ، و «البحر المحيط» (7/ 65) ، و «الدر المصون» (5/ 307) ، و «السبعة» (480) ، و «الحجة» (5/ 383) ، و «إعراب القراءات» (2/ 148) ، و «معاني القراءات» (2/ 238) ، و «شرح الطيبة» (5/ 109) ، و «العنوان» (144) ، و «حجة القراءات» (526) ، و «شرح شعلة» (525) ، و «إتحاف» (2/ 325) .]] وتقوِّي الآخرَ فتأملْه، وقرأ الأعمشُ [[ينظر: «مختصر الشواذ» ص 110، وفيه القراءة هكذا: «هلا يسجدوا» بحذف نون الرفع. وينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 257) ، و «البحر المحيط» (7/ 65) ، و «التخريجات النحوية» (344) .]] هَلاَّ يَسْجُدُونَ وفي حرف عبد الله «ألا هل تسجدون» بالتّاء، والْخَبْءَ: الخفيّ من الأمور وهو من: خَبَأْتُ الشيءَ، واللفظةُ تَعُمّ كل ما خَفِي من الأمور وبه فسر ابن عباس [[ذكره ابن عطية (4/ 257) ، وابن كثير (3/ 361) ، والسيوطي (5/ 199) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.]] . وقرأ الجمهورُ: «يُخْفُونَ وَيُعْلِنون» بياء الغائب وهذه القراءة تُعْطى أنَّ الآيةَ من كلامِ الهدهد. وقرأ الكسائيُّ وحفصٌ عن [[ينظر: «السبعة» (481) ، و «الحجة» (5/ 385) ، و «إعراب القراءات» (2/ 149) ، و «معاني القراءات» (2/ 239) ، و «شرح الطيبة» (5/ 111) ، و «العنوان» (144) ، و «حجة القراءات» (528) ، و «شرح شعلة» (527) ، و «إتحاف» (2/ 326) .]] عاصم «تُخْفُونَ وَتُعْلِنُونَ» بتاء الخطاب وهذه القراءة تعطى أنَّ الآية من خطاب الله تعالى لأمة سيّدنا محمّد ﷺ. قوله: فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ، قال وهب بن مُنَبِّه: أمره بالتولِّي حُسنُ أدب ليَتَنَحَّى حَسْبَ ما يُتأَدَّبُ به مع الملوك، بمعنى: وكن قريبا حتى ترى مراجعاتهم، وليكل الأمر، إلى حُكْمِ ما في الكتابِ دونَ أن تكونَ للرسولِ ملازمةٌ ولا إلحاحٌ [[أخرجه الطبريّ (9/ 512) رقم (26946) ، وذكره ابن عطية (4/ 257) .]] . ورَوَى وهب بن منبِّه في قصص هذه الآية: أن الهدهدَ وصل فَوَجَدَ دون هذه المَلِكَةِ حُجُبَ جدراتٍ، فَعَمَدَ إلَى كُوَّةٍ كانتْ بلقيسُ صَنَعَتْهَا، لتَدْخُلَ منها الشمسُ عند طلوعها لمعنى عبادَتِهَا إيَّاهَا فدخل منها ورمى بالكتابِ إليها [[ذكره ابن عطية (4/ 257) .]] فقرأتْه وجَمَعَتْ أهْلَ مُلْكِها فخاطبتهم بما يأتي بعد. قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ تعني: الأشراف: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ وصَفَتِ الكتابَ بالكريمِ إما لأنه من عند عظيمٍ، أو لأنه بُدِىء باسمٍ كريمٍ. ثم أخذتْ تصف لهم ما في الكتابِ، ثم أخذتْ في حسْنِ الأدَبِ مَعَ رجَالِها ومشاورتهم في أمرها فراجعها قومُها بما يُقِرُّ عَيْنَها مِنْ إعلامِهم إيَّاها بالقوة، والبأس. ثم سلَّمُوا الأمر إلى نَظَرِها وهذه محاورةٌ حسنة من الجميع. وفي قراءة [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 258) ، و «البحر المحيط» (7/ 70) ، و «الكشاف» (3/ 364) .]] عبد الله: «ما كُنْتُ قَاضِيَةً أَمْراً» بالضاد من القضاء، ثم أخبرتْ بلقيسُ بفِعلِ الملوكِ بالقُرَى التي يَتَغَلَّبُونَ عليها، وفي كلامها خوفٌ على قومِها وحَيْطَة لهم، قال الدَّاوُودِيُّ: وعن ابن عباس: رضي الله عنه إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها قال: إذا أخذوهَا عَنْوَةً، أخربوها [[أخرجه الطبريّ (9/ 515) رقم (26959) ، وذكره ابن كثير (3/ 362) ، والسيوطي (5/ 202) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.]] ، انتهى. وقوله: وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ قالت فرقة: هو من قول بلقيس، وقال ابن عباس: هو من قول الله تعالى معرِّفاً لمحمَّدٍ عليه السلام وأمَّتِهِ بذلك [[أخرجه الطبريّ (9/ 515) رقم (26960) ، وذكره ابن عطية (4/ 258) ، وابن كثير (3/ 362) ، والسيوطي (5/ 202) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن عباس.]] . وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ ... الآية، روي أن بلقيس قالت لقومها: إني أُجَرِّبُ هذا الرجلَ بهدية فيها نفائسُ الأموالِ، فَإنْ كَانَ مَلِكاً دُنْيَوِيّاً أرضاه المال وإن كان نَبِيّاً لم يقبل الهديةَ، ولم يُرْضِهِ مِنّا إلا أن نَتَّبِعَه على دينه، فينبغي أن نؤمِنَ به، ونتبعه على دينه، فبعثت إليه بهدية عظيمة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب