الباحث القرآني

وقولُه تَعَالَى: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها التبسمُ هو ضِحْكُ الأنبيَاءِ في غالِبِ أمْرهم لا يَليقُ بهم سِوَاهُ، وكان تَبَسُّمُه سروراً بنعمَةِ الله تَعالى عَلَيهِ في إسماعِهِ وتفهيمهِ. وفي قول النملة: وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ثناءٌ على سليمانَ وجنودِه يتضمنُ تنزيهِهم عن تعمدِ القبيحِ. ثم دعا سليمانُ عليه السلام ربَّه أنْ يُعينَه ويُفَرِّغَهُ لشُكرِ نعمتهِ، وهذا معنى إيزاعِ الشُّكرِ، وقال الثعلبيُّ وغيرَه: «أوزِعْنِي» معناه: ألهِمْنِي، وكذلك قال العراقيّ: أَوْزِعْنِي ألهمني، انتهى. وقوله تعالى: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ ... الآية، قالت فرقةٌ: ذلك بحسْبِ ما تقتَضِيه العنايةُ بالمَمْلَكَةِ والتَّهمُّمِ بكل جُزْءٍ منها، وهذا ظاهر الآيةِ أنَّه تَفَقَّدَ جميعَ الطيرِ، وقالت فِرقةٌ: بل تَفَقَّدَ الطيرَ لأَنَّ الشَّمْسَ دَخَلَتْ مِنْ مَوضِعِ الهُدْهُدِ فكان ذلك سببَ تفقدِ الطيرِ ليَبِينَ مِنْ أين دَخَلَتِ الشمسُ، وقال عبدُ اللهِ بن سلاَم: إنما طلبَ الهدهدَ لأنه احتاجَ إلى معرفةِ الماءِ على كَم هو مِنْ وَجهِ الأرضِ لأنه كانَ نَزَلَ في مفازةٍ عَدِمَ فيها الماءَ، وأن الهُدْهُدَ كان يَرَى بَاطِنَ الأرضِ وظاهرَها فكان يخبرُ سليمانَ بموضع الماءِ، ثم كانتِ الجنُّ تُخْرجُه في ساعةٍ، وقيل غير هذا والله أعلم بما صح من ذلك. ثم توعد- عليه السلام- الهدهدَ بالعذابِ فروي عن ابن عباس وغيره: أن تعذيبَه للطير كانَ بنتفِ ريشِه [[أخرجه الطبريّ (9/ 506) رقم (26911) ، وذكره ابن عطية (4/ 255) ، وابن كثير (3/ 360) ، والسيوطي (5/ 197) ، وعزاه لعبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، والحاكم عن ابن عباس.]] . والسلطانُ: الحجةُ حيث وقع في القرآن [العظيم] قاله ابن [[أخرجه الطبريّ (9/ 507) رقم (26924) ، وذكره ابن عطية (4/ 255) ، والسيوطي (5/ 197) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير عن عكرمة، قال: قال ابن عباس.]] عباس. وفعلَ سليمانُ هذا بالهدهدِ إغلاظاً على العاصينَ وعِقَاباً على إخلاله بنبوته ورتبته، والضميرُ في فَمَكَثَ يحتملُ أن يكونَ لسليمانَ أو للهدهدِ، وفي قراءة ابن مسعود [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 255) .]] «فتمكث ثم جاء فقال» وفي قراءة أُبَيِّ [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 255) .]] «فتمكث ثم قال أحطت» . ت: وهاتان القراءتان تُبَيِّنَانِ أن الضميرَ في «مكث» للهدهدِ وهو الظاهرُ أيضاً في قراءة الجماعة، ومعنى مكثَ: أقامَ. وقوله: غَيْرَ بَعِيدٍ يعني: في الزمن. وقوله: أَحَطْتُ أي: عَلِمْتُ. وقرأ الجمهورُ [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 255) ، و «البحر المحيط» (7/ 63) .]] «سبأٍ» بالصرف على أنه اسمُ رجل وبه جاء الحديث عن النبي ﷺ من حديث فروةَ بن مسيك وغيره، سُئِلَ- عليه السلامُ- عَنْ سَبَإٍ فَقَالَ: «كَانَ رَجُلاً لَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْوَلَدِ تَيَامَنَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَتَشَاءَمَ أرْبَعَة» [[أخرجه الترمذيّ (5/ 361) كتاب التفسير: باب ومن سورة سبأ، حديث (3222) من حديث فروة بن مسيك. وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن غريب. وسيأتي تخريجه بأوسع من هنا في سورة سبأ.]] . ورواه الترمذي من طريقِ فروة بن مُسَيْك. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو [[ينظر: «السبعة» (480) ، و «الحجة» (5/ 382) ، و «إعراب القراءات» (2/ 147) ، و «معاني القراءات» (2/ 236) ، و «شرح الطيبة» (5/ 108) ، و «العنوان» (144) ، و «حجة القراءات» (525) ، و «شرح شعلة» (524) ، و «إتحاف» (2/ 325) .]] «سَبَأَ» - بفتح الهَمْزَةِ وتَرْكِ الصَّرْف- على أنه اسمُ بَلْدَةِ وقاله الحسن وقتادة. وقوله: وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أي: مما تحتاجُه المملكةُ، قال الحسن: من كل أمر الدنيا [[أخرجه الطبريّ (9/ 509) رقم (26935) ، وذكره ابن عطية (4/ 256) .]] ، وهذه المرأةُ هي «بلقيس» ، وَوَصَفَ عرشَها بالعِظَم في الهيئةِ ورتبة الملك، 52 أوأكثر بَعضِ النَّاسِ/ في قصَصها بما رأيتُ اختصارَه لعدَمِ صحَّتِه، وإنما اللازم من الآية: أنها امرأةٌ مَلِكَةٌ عَلى مدائنَ اليمن، ذاتُ مُلْكٍ عظيم، وكانت كافرة من قوم كفار.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب