الباحث القرآني

وقوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ يريدُ: ذكِّرُوا بالقرآن أمر آخرتهم ومعادهم. وقوله: لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً يحتمل تأويلين: أحدهما: أنْ يكون المعنى: لم يكن خُرُورُهم بهذه الصفة بل يكونوا سُجَّداً وُبكِيّاً، وهذا كما تقول: لم يخرج زيد إلى الحرب جزعاً، أي: إنما خرج جريئاً مِقْدَاماً، وكأنَّ الذي يَخِرُّ أَصَمَّ أعمى هو المنافق أو الشَّاكُّ، والتأويل الثاني: ذهب إليه الطبريُّ [[ينظر: «الطبريّ» (9/ 423) .]] وهو أنَّ: يخروا صماً وعمياناً، هي صفة للكفار، وهي عبارة عن إعراضهم. وقال الفَرَّاءُ: لَمْ يَخِرُّوا، أي: لم يقيموا، وهو نحو تأويل الطبريّ، انتهى. وقال ابن العربيِّ في «أحكامه» [[ينظر: «أحكام القرآن» (3/ 1433) .]] : قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً. قال علماؤنا: يعني الذين إذا قرأوا القرآن قرأوه بقلوبهم قراءة فهم وتثبيت، ولم ينثروه نثر الدَّقَلِ، فإنَّ المرور عليه بغير فهم ولا تثبيت صَمَمٌ وعَمًى، انتهى. وقُرَّةُ العين: من القر وهذا هو الأشهر لأَنَّ دمعَ السرور بارد، ودَمْعَ الحُزْنِ سُخْنٌ فلهذا يقال: أَقَرَّ الله عينك، وأسخن الله عين العَدُوِّ، وقرة العين في الأزواج والذُّرِّيَّةِ أَنْ يراهم الإنسان مطيعين للَّه تعالى قاله ابن عباس والحسن وغيرهما [[ذكره ابن عطية (4/ 222) .]] ، وبَيَّن المقداد بن الأسود الوجه من ذلك بأنَّه كان في أوَّلِ الإسلام يهتدي الأب، والابن كافر، أو الزوج والزوجة كافرة، فكانت قرة أعينهم في إيمان أحبابهم. وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً أي: اجعلنا يَأْتَمُّ بنا المتقون، وذلك بأن يكون الداعي متقيا قدوة، وهذا هو قصد الداعي، قال النخعي: لم يطلبوا الرياسة، بل أنْ يكونوا قدوة في الدين، وهذا حَسَنٌ أَنْ يُطْلَبَ وَيُسْعَى [[ذكره ابن عطية (4/ 222) .]] له. قال الثعلبي: قال ابن عباس: المعنى: واجعلنا أئمة هدى [[أخرجه الطبريّ (9/ 425) برقم (26562) ، وذكره السيوطي (5/ 149) ، وعزاه لابن المنذر عن ابن عباس.]] ، انتهى، وهو حسن، لأَنَّهُم طلبوا أن يجعلهم أهلاٌ لذلك. والغرفة من منازل الجنة وهي الغرف فوق [[في ج: الغرفة فوق فوق الغرف.]] الغرف، وهي اسم جنس كما قال: [من الهزج] وَلَوْلاً الحبّة السمراء ... لم نحلل بواديكم ت: وأخرج أبو القاسم، زاهر بن طاهر بن محمد بن الشحامي عن أنس بن مالك قال: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «إنَّ فِي الجَنَّةِ لَغُرَفاً لَيْسَ لَهَا مَعَالِيقُ مِنْ فَوْقِهَا وَلاَ عِمَادٌ مِنْ تَحْتِهَا، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، وَكَيْفَ يَدْخُلُهَا أَهْلُهَا؟ قال: يَدْخُلُونَهَا أَشْبَاهَ الطَّيْرِ، قيل: هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ لِمَنْ؟ قال: هِيَ لأَهْلِ/ الأَسْقَامِ وَالأَوْجَاعِ والبلوى [[ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 150) ، وعزاه إلى زاهر بن طاهر الشحامي عن أنس.]] » . انتهى من 46 ب «التذكرة» . وقرأ حمزة [[وقرأ بها الكسائيّ وأبو بكر.- وحجتهم قوله تعالى: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا، [مريم: 59] . وقوله: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً [الفرقان: 68] . وحجة الباقين قوله: وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً [الإنسان: 11] . ينظر: «حجة القراءات» (515) ، و «السبعة» (468) ، و «الحجة» (5/ 354) ، و «إعراب القراءات» (2/ 128) ، و «معاني القراءات» (2/ 221) ، و «شرح الطيبة» (5/ 98) ، و «العنوان» (141) ، و «حجة القراءات» (515) ، و «شرح شعلة» (530) ، و «إتحاف» (2/ 311) .]] وغيره: «يَلْقَوْنَ» بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب