الباحث القرآني

وقوله تعالى: وَقالَ الرَّسُولُ حكاية عن قول رسول الله ﷺ في الدنيا وتشكِيْهِ ما يَلْقَى من قومه هذا قول الجمهور، وهو الظاهر، وقالت فرقة: هو حكاية عن قوله ذلك في الآخرة، ومَهْجُوراً يحتمل: أَنْ يريدَ مُبْعَداً مقصيّاً من الهَجْر بفتح الهاء، وهذا قول ابن زيد [[أخرجه الطبريّ (9/ 386) برقم (26357) ، وذكره ابن عطية (4/ 209) .]] ، ويُحْتَمَلُ: أَنْ يريدَ مقولاً فيه الهُجْرُ- بضم الهاء إشارة إلى قولهم: شعر وكهانة ونحوه قاله مجاهد [[أخرجه الطبريّ (9/ 386) برقم (26355) ، وذكره ابن عطية (4/ 209) ، والسيوطي (5/ 127) ، وعزاه للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.]] . قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 209) .]] : وقول ابن زيد مُنَبِّهٌ للمؤمن على مُلازمة المُصْحَفِ، وأَلاَّ يكون الغبارُ يعلوه في البيوت، ويشتغلَ بغيره، وروى أنس عن النبي ﷺ أنه قال: «مَنْ عَلَّقَ مُصْحَفاً، ولَمْ يَتَعَاهَدْهُ- جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ مُتَعَلِّقاً بِهِ يَقُولُ: يَا ربِّ، هَذَا اتَّخَذَنِي مَهْجُوراً اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ» وفي حلية النووي قال: وروينا في «سنن أبي داود» و «مسند الدَّارِمِيِّ» عن سعد بن عُبَادَةَ عن النبي ﷺ أَنَّه قال: لمَنْ قَرَأَ القُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ، لَقِيَ الله تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ أَجْذَمَ» [[أخرجه أبو داود (1/ 465) كتاب الصلاة: باب التشديد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه، حديث (1474) ، والدارمي (2/ 437) كتاب «فضائل القرآن» : باب من تعلم القرآن ثم نسيه، وأحمد (5/ 323) من حديث سعد بن عبادة.]] ، وروينا في كتاب أبي دَاودَ والترمذيِّ عن أنس عن النبي ﷺ قال: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى القَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ المَسْجِدِ، وعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْباً أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَو آيَةٍ أُوتِيها رَجُلٌ ثم نَسِيَهَا» [[أخرجه أبو داود (1/ 179) كتاب «الصلاة» : باب في كنس المساجد، حديث (461) ، والترمذيّ (5/ 178- 179) كتاب «فضائل القرآن» : باب (19) حديث (2916) ، وكلاهما من طريق المطلب بن حنطب عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال الترمذيّ: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وذاكرت به محمد بن إسماعيل فلم يعرفه، واستغربه. قال محمد: ولا أعرف للمطلب بن عبد الله سماعا من أحد من أصحاب النبي ﷺ إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي ﷺ. قال: وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن (هو الدارمي) يقول: لا نعرف للمطلب سماعا من أحد من أصحاب النبي ﷺ قال عبد الله: وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس.]] تكلم الترمذي فيه، انتهى، ثم سَلاَّه تعالى عن فعل قومه بقوله: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ أي: فاصبر كما صبروا قاله ابن عباس [[أخرجه الطبريّ (9/ 386) برقم (26358) بنحوه، والسيوطي (5/ 127) .]] ، ثم وعد تعالى بقوله: وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً والباء في بِرَبِّكَ: للتأكيد دَالَّةٌ على الأمر إذ المعنى: اكتفِ بربك. وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا [[في ج «وقالوا الذين كفروا» .]] لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً قال ابن عباس [[ذكره ابن عطية (4/ 209) ، والسيوطي (5/ 127) ، وعزاه لابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والضياء في «المختارة» عن ابن عباس.]] وغيره: قالوا في بعض معارضاتهم: لو كان من عند الله لنزل جُمْلَةً كالتوراة والإنجيل. وقوله: كَذلِكَ يحتمل أَنْ يكونَ من قول الكُفَّارِ إشارةً إلى التوراة والإنجيل، ويحتمل أَنْ يكون من الكلام المستأنف وهو أولى، ومعناه: كما نُزِّل أردناه، فالإشارة إلى نزوله مُتَفَرِّقاً، والترتيل: التفريق بين الشيء المتتابع، ومنه تَرْتِيلُ القرآن، وجعل الله تعالى السبب في نزوله متفرقا: تثبيت قلب نبيّه محمد ﷺ وأن ينزله في النوازل والحوادث التي قد قَدَّرَهَا وَقَدَّرَ نزوله فيها، وأَنَّ هؤلاءِ الكفرة لا يجيئون بمثل يضربونه على جهة المعارضة منهم إلاَّ جاء القرآن بالحَقِّ في ذلك والجلية، ثم هو أحسن تفسيراً، وأفصح بياناً، وباقي الآية بَيِّنٌ تقدم تفسير نظيره، والجمهور: أَنَّ هذا المشي على الوجوه حقيقة، وقد جاء 44 أكذلك في الحديث، وقد تقدَّمَ، ولفظ البخاريِّ عن أنس [رضي الله عنه] : / أَنَّ رَجُلاَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ الله، أَيُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قال: «أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ في الدُّنْيَا قَادِراً عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» [[تقدم تخريجه.]] قال قتادة: بلى وعزّة ربّنا، انتهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب