الباحث القرآني
وقوله: قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ يعني القرآن وتَنْكِصُونَ معناه: ترجعون وراءَكُم، وهذه استعارة للإعراض والإدبار عن الحقّ ومُسْتَكْبِرِينَ حال والضمير في بِهِ: عائد على الحَرَم والمسجد وإنْ لم يَتَقَدَّمْ له ذكر لشهرته، والمعنى: إنكم تعتقدون في نفوسكم أَنَّ لكم بالمسجد الحرام أعظَم الحقوق على الناسِ والمنزلةَ عند اللَّه، فأنتم تستكبرون لذلك، وليس الاستكبار من الحق.
وقالت فرقة: الضمير عائد على القرآن والمعنى: يُحْدِثُ لكم سماعُ آياتي كبراً وطغيانا، وهذا قول جيّد، وذكر منذر بن سعيد: أن الضمير للنبي ﷺ وهو مُتَعَلِّقٌ بما بعده، كأن الكلام تَمَّ في قوله: مُسْتَكْبِرِينَ ثم قال: بمحمد عليه السلام سامرا تهجرون، وسامِراً حال، وهو مفرد بمعنى الجمع يقال: قوم سُمَّرٌ وسَمَرةٌ وسَامِرٌ، ومعناهُ: سُهَّرُ الليل مأخوذ من السَّمَرِ وهو ما يقع على الأشخاص من ضوء القمر، وكانت العرب تجلس للسمر تتحدث وهذا أَوْجَبَ معرفَتها بالنجوم لأَنَّها تجلس في الصحراء فترى الطوالِعَ من الغوارب، وقرأ أبو [[وقرأ بها ابن عباس، وأبو رجاء، وأبو نهيك، وزيد بن علي. قال أبو الفتح: فهذا ك: كاتب وكتّاب، وشارب وشرّاب.
ينظر: «الشواذ» (100) ، و «المحتسب» (2/ 96) ، و «المحرر الوجيز» (4/ 150) ، و «البحر المحيط» (6/ 381) ، و «الدر المصون» (5/ 196) .]] رجاء: «سُمَاراً» وقرأ ابن عباس [[وقرأ بها ابن مسعود، وأبو حيوة، وعكرمة، وابن محيصن، والزعفراني، ومحبوب عن أبي عمرو.
ينظر مصادر القراءة السابقة.]] وغيره: «سمرا» وكانت قريش تَسْمُرَ حول الكعبة في أباطيلها وكفرها، وقرأ السبعة [[ينظر: «الحجة» (5/ 298) ، و «إعراب القراءات» (2/ 92) ، و «معاني القراءات» (2/ 192) ، و «العنوان» (137) ، و «شرح الطيبة» (5/ 77) ، و «حجة القراءات» (489) ، و «شرح شعلة» (508) ، و «إتحاف» (2/ 286) .]] غيرَ نافع: «تَهْجُرُونَ» بفتح التاء وضم الجيم قال ابن عباس [[أخرجه الطبريّ (9/ 231) برقم (25608) ، وذكره ابن عطية (4/ 150) ، والسيوطي (5/ 24) ، وعزاه للطستي عن ابن عباس بنحوه.]] معناه: تهجرون الحَقَّ وذِكْرَ اللَّه، وتقطعونه من الهجران المعروف، وقال ابن زيد [[أخرجه الطبريّ (9/ 232) برقم (25614) ، وذكره ابن عطية (4/ 150) .]] : هو من هجر المريض: إذا هذى، أي: تقولون اللغوَ من القول وقاله أبو حاتم، وقرأ نافع وحده: «تُهْجِرونَ» بضم التاء وكسر الجيم وهي قراءة أهل المدينة، ومعناه: تقولون الفُحْشَ والهجر من القول، وهذه إشارة إلى سبّهم النّبيّ ﷺ وأصحابه قال ابن عباس [[أخرجه الطبريّ (9/ 232) برقم (25615) ، وذكره ابن عطية (4/ 150) ، والسيوطي (5/ 24) ، وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، والحاكم وصححه عن ابن عباس.]] أيضاً وغيره، ثم وبخهم سبحانه بقوله: أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ لأنهم بعد التدبر والنظر الفاسد/ قال بعضهم: شِعْرٌ، وبعضهم: سحر وغير ذلك، أم 32 ب جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوَّلين أي: ليس بِبِدْعٍ بل قد جاء آباءهم الأَوَّلِينَ، وهم سالف الأمم الرُّسُلُ كنوح، وإبراهيم، وإسماعيلَ وغيرهم، وفي هذا التأويل من التَّجَوُّزِ أَنَّ جَعْلَ سالف الأمم، آباء إذِ الناس في الجملة آخِرُهم من أَوَّلِهِم.
أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ المعنى: ألم يعرفوا صدقه وأمانته مدَّةَ عمره ﷺ.
وقوله سبحانه: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ.
قال ابن جريج [[أخرجه الطبريّ (9/ 234) برقم (25623) عن أبي صالح، وبرقم (25625) عن ابن جريج، وذكره البغوي (3/ 313) ، وابن عطية (4/ 151) ، وابن كثير (3/ 250) والسيوطي (5/ 25) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي صالح.]] ، وأبو صالح: الحقُّ: اللَّه تعالى.
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 151) .]] : وهذا ليس من نَمَطِ الآية، وقال غيرهما: الحق هنا: الصواب والمستقيم.
قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 151) .]] : وهذا هو الأحرى، ويستقيمُ على هذا فساد السموات والأرض ومن فيهن لو كان بحكم هوى هؤلاءِ وذلك أَنَّهُم جعلوا للَّه شركاءَ وأولاداً، ولو كان هذا حَقّاً لم تكن لله عز وجل الصفاتُ العِلَيَّةُ، ولو لم تكن له سبحانه- لم تكن الصَّنْعَةُ، ولا القُدْرَةُ كما هي، وكان ذلك فسادُ السمواتِ والأرض ومَنْ فيهن: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: 22] .
وقوله سبحانه: بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ قال ابن عباس [[أخرجه الطبريّ (9/ 234) برقم (25626) ، وذكره البغوي (3/ 314) ، وابن عطية (4/ 151) ، والسيوطي (5/ 25) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.]] : بوعظهم، ويحتمل:
بشرفهم، وهو مَرْويٌّ.
أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً الخَرْجُ والخراج بمعنًى، وهو: المال الذي يُجْبَى ويؤتى به لأوقات محدودة.
وقوله سبحانه: فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ يريد ثوابَهُ، ويحتمل أن يريد بخراج ربك:
رِزْقَه، ويُؤَيِّدُهُ قوله: وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.
و «الصراط المستقيم» دين الإسلام، «وناكبون» : أَي: مجادلون ومُعْرِضُون، وقال البخاريُّ: لَناكِبُونَ: لعادلون، انتهى.
قال أبو حيان [[ينظر: «البحر المحيط» (6/ 383) .]] : يقال: نكب عن الطريقِ ونَكَّبَ بالتشديد، أي: عَدَلَ عنه، انتهى، ثم أخبر تعالى عنهم أنهم لو زال عنهم القَحْطُ، ومَنَّ اللَّه عليهم بالخصب، ورَحِمَهُم بذلك- لبقوا على كفرهم ولَجُّوا في طغيانهم، وهذه الآية نزلت في المُدَّةِ التي أصاب فيها قريشاً السِّنُونَ الجَدْبَةُ والجُوعُ الذي دعا به النبيّ ﷺ في قوله: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِيُ يُوسُفَ» [[تقدم.]] الحديث.
وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ، قال ابن عباس وغيره [[أخرجه الطبريّ (9/ 235) برقم (25632) ، وذكره ابن عطية (4/ 152) .]] : هو الجوعُ والجَدْبُ حَتَّى أكلوا الجلود وما جرى مجراها، ورُوِيَ أَنَّهم لما بلغهم الجَهْدُ رَكِبَ أبو سفيانُ، وجاءَ إلى النبيّ ﷺ بالمدينة فقال: يا محمد، ألستَ تزعمُ أَنَّك بُعِثْتَ رحمةً للعالمين؟ قال: بلى، قَالَ: قَدْ قَتَلْتَ الآباءَ بِالسَّيْفِ، واْلأَبْنَاءَ بِالْجُوعِ، وَقَدْ أكلنا العلهز [[العلهز: وبر يخلط بدماء الحلم، كانت العرب تأكله في الجاهلية تأكله في الجدب.]] فنزلت [[أخرجه النسائي في «التفسير» (2/ 98- 99) رقم (372) ، والطبريّ في «تفسيره» (9/ 235- 236) رقم (25632) ، وابن حبان (1753- موارد) ، والطبراني (11/ 370) رقم (12038) ، والحاكم (2/ 394) ، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 90- 91) من طريق عكرمة عن ابن عباس.
وصححه ابن حبان، والحاكم، ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 26) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه.]] الآية، واسْتَكانُوا معناه: تواضعوا وانخفضوا.
{"ayahs_start":66,"ayahs":["قَدۡ كَانَتۡ ءَایَـٰتِی تُتۡلَىٰ عَلَیۡكُمۡ فَكُنتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡ تَنكِصُونَ","مُسۡتَكۡبِرِینَ بِهِۦ سَـٰمِرࣰا تَهۡجُرُونَ","أَفَلَمۡ یَدَّبَّرُوا۟ ٱلۡقَوۡلَ أَمۡ جَاۤءَهُم مَّا لَمۡ یَأۡتِ ءَابَاۤءَهُمُ ٱلۡأَوَّلِینَ","أَمۡ لَمۡ یَعۡرِفُوا۟ رَسُولَهُمۡ فَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ","أَمۡ یَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَاۤءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَـٰرِهُونَ","وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَاۤءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِیهِنَّۚ بَلۡ أَتَیۡنَـٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ","أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ خَرۡجࣰا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَیۡرࣱۖ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰزِقِینَ","وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","وَإِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَ ٰطِ لَنَـٰكِبُونَ","۞ وَلَوۡ رَحِمۡنَـٰهُمۡ وَكَشَفۡنَا مَا بِهِم مِّن ضُرࣲّ لَّلَجُّوا۟ فِی طُغۡیَـٰنِهِمۡ یَعۡمَهُونَ","وَلَقَدۡ أَخَذۡنَـٰهُم بِٱلۡعَذَابِ فَمَا ٱسۡتَكَانُوا۟ لِرَبِّهِمۡ وَمَا یَتَضَرَّعُونَ"],"ayah":"أَفَلَمۡ یَدَّبَّرُوا۟ ٱلۡقَوۡلَ أَمۡ جَاۤءَهُم مَّا لَمۡ یَأۡتِ ءَابَاۤءَهُمُ ٱلۡأَوَّلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











