الباحث القرآني

وقوله سبحانه: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ يعني: التوراة، ولَعَلَّهُمْ يريد: بني إسرائيل لأَنَّ التوراة إنَّما نزلت بعد هلاكِ فرعونَ والقِبْطِ، والربوة: المُرْتَفِعُ من الأرض، والقرار: التَّمَكُّنُ، وَبَيِّنٌ أَنَّ ماء هذه الربوة يرى معيناً جارياً على وجه الأرض قاله ابن عباس [[أخرجه الطبريّ (9/ 219) (25523) ، وذكره ابن عطية (4/ 145) ، وابن كثير في «تفسيره» (3/ 246) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 17) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه.]] ، والمعين: الظاهِرُ الجري للعينِ، فالميم زائدة، وهو الذي يُعَايَنُ جريُه، لا كالبئرِ ونحوِهِ، ويحتمل أن يكون من قولهم: معن الماء إذَا كَثُرَ، وهذه الربوة هي الموضع الذي فَرَّتْ إليه مريمُ وقتَ وضع عيسى عليه السلام هذا قولُ بعضِ المفسرين، واختلف الناسُ في موضع الربوة، فقال ابن المُسَيِّبِ [[أخرجه الطبريّ (9/ 218) (25514) ، وذكره البغوي (3/ 310) ، وذكره ابن عطية (4/ 145) ، وابن كثير في «تفسيره» (3/ 246) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 18) . وعزاه لعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني عن سعيد بن المسيب.]] : هي الغُوطَةُ بدمشق وهذا أشهر الأقوال لأَنَّ صفة الغُوطَةِ أَنَّها ذات قرار ومعين على الكمال. وقال كَعْبُ الأَحْبَارِ [[أخرجه الطبريّ (9/ 219) (25518) ، وذكره البغوي (3/ 310) ، وابن عطية (4/ 145) .]] : الربوة بيت المَقْدِسِ، وزعم أَنَّ في التوراة أَنَّ بيتَ المقدس أَقْرَبُ الأرض إلى السماء وأَنَّهُ يزيد على الأرض ثمانية عشر ميلاً. قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 145) .]] : ويترجَّحُ: أَنَّ الربوة في بَيْتِ لَحْمٍ من بيت المقدس لأَنَّ ولادة عيسى هنالك كانت، وحينئذٍ كان الإيواءُ، وقال ابن العربيِّ في «أحكامه» : اختلف الناس في تعيين هذه الربوة على أقوال منها: ما تُفسِّرُ لغةً ومنها: ما تُفَسَّرُ نقلاً، فيفتقر إلى صحة سندهِ إلى النبي ﷺ، إلّا أنّ هاهنا نُكْتَةً، وذلك أَنَّه إذا نُقِلَ لِلنَّاسِ نَقْلَ تواتر أَنَّ هذا موضِعُ كذا، وأَنَّ هذا الأَمرَ جرى كذا- وقع العلم به، ولَزِمَ قبولهُ، لأَنَّ الخبر المتواتر ليس من شرطه الإِيمانُ، وخبرَ الآحاد لا بدَّ من كون المُخْبِرِ به بصفة الإيمان لأَنَّهُ بمنزلة الشاهد، والخَبَرَ المتواتر بمنزلة العيانِ، وقد بَيَّنَا ذلك في «أصول الفقه [[ينظر: الكلام عن المتواتر في «البحر المحيط» للزركشي (4/ 231) ، «البرهان» لإمام الحرمين (1/ 566) ، «الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (2/ 14) ، «نهاية السول» للإسنوي (3/ 54) ، «منهاج العقول» للبدخشي (2/ 296) ، «غاية الوصول» للشيخ زكريا الأنصاري (95) ، «التحصيل من المحصول» للأرموي (2/ 95) ، «المنخول» للغزالي (231) ، «المستصفى» له (1/ 132) ، «حاشية البناني» (2/ 119) ، «الإبهاج» لابن السبكي (2/ 263) ، «الآيات البينات» لابن قاسم العبادي (3/ 206) ، «حاشية العطار على جمع الجوامع» (2/ 147) ، «المعتمد» لأبي الحسين (2/ 86) ، «الإحكام في أصول الأحكام» لابن حزم (1/ 101) ، «تيسير التحرير» لأمير بادشاه (3/ 232) ، «كشف الأسرار» للنسفي (2/ 4) ، «شرح التلويح على التوضيح» لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (2/ 3) ، «شرح المنار» لابن ملك (78) ، «ميزان الأصول» للسمرقندي (2/ 627) ، «تقريب الوصول» لابن جزي (119) ، «إرشاد الفحول» للشوكاني (46) .]] » ، والذي شاهدتُ عليه الناسَ ورأيتهم يعينونه تعيينَ تواترٍ- مَوْضِعٌ في سفح الجبل في غربيِّ دمشق، انتهى، وما ذكره: من أَنَّ التواتُرَ ليس من شرطه الإيمانُ هذا هو الصحيح، وفيه خلاف إلاَّ أَنَّا لا نُسَلِّم أَنَّ هذا متواتر لاختلال شرطه، انظر «المنتهى» لابن الحاجب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب