الباحث القرآني

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما قوله سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ أخبر الله سبحانه عن فلاح المؤمنين، وأنهم نالوا البُغْيَةَ، وأحرزوا البقاءَ الدائم. قلت: وعن عُمرَ بن الخَطَّاب رضي اللَّه عنه قال: «كان رسول الله ﷺ إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ ﷺ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النحْلِ، فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ يَوْماً، فَمَكَثْنَا سَاعَةً، وَسُرِّيَ عَنْهُ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، زِدْنَا وَلاَ تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلاَ تُهِنَّا، وَأَعْطِنَا وَلاَ تَحْرِمْنَا، وَآثِرُنَا وَلاَ تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وأرْضِنَا وارض عَنَّا» ، ثُمَّ قَالَ: «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ عَشْرُ آياتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الجَنَّةَ» ، ثُمَّ قَرَأَ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ حتى ختم عشر آيات [[أخرجه الترمذي (5/ 326) كتاب التفسير: باب ومن سورة المؤمنين، حديث (3173) ، والنسائي في «الكبرى» (1/ 450) كتاب الوتر: باب رفع اليدين في الدعاء، حديث (1439) ، وأحمد (1/ 34) ، والحاكم (2/ 392) ، وعبد الرزاق (6038) ، والعقيلي في «الضعفاء» (4/ 460) كلهم من طريق يونس بن سليم قال: أملى علي يونس بن يزيد عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القارئ عن عمر بن الخطاب به. وقال النسائي: هذا حديث منكر، لا نعلم أحدا رواه غير يونس بن سليم، ويونس بن سليم لا نعرفه. وقال العقيلي في ترجمة يونس: لا يتابع على حديثه هذا ولا يعرف إلا به. والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 4) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي في «الدلائل» ، والضياء في «المختارة» .]] رواه الترمذي واللفظ له والنسائيُّ والحاكم في «المستدرك» ، وقال: صحيح الإسناد، انتهى من «سلاح المؤمن» . قلت: وقد نَصَّ بعض أئمتنا على وجوب الخشوع في الصلاة، قال الغزاليّ - رحمه الله-: ومِنْ مكائد الشيطان أن يَشْغَلَكَ [في الصلاة بفكر الآخرة وتدبيرِ فِعْلِ الخيرات لتمتنعَ عن فَهْمِ ما تقرأه، واعلم أَنَّ كلَّ ما أشغلك] [[سقط في ج.]] عن معاني قراءتك فهو وسواس فإنَّ حركة اللسان غيرُ مقصودة بل المقصود معانيها، انتهى من «الإحياء» . وروي عن مجاهد [[أخرجه الطبريّ (9/ 196) (25411) ، وذكره ابن عطية (4/ 136) ، وابن كثير في «تفسيره» (3/ 237) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 4) ، وعزاه لابن جرير عن مجاهد.]] : أَنَّ الله تعالى لما خلق الجَنَّةَ، وأتقن حُسْنَها قال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ثم وصف تعالى هؤلاء المفلحين: فقال: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ والخشوع التطامُنُ، وسكونُ الأعضاءِ، والوقارُ، وهذا إنَّما يظهر في الأعضاء مِمَّنْ في قلبه خوف واستكانة لأَنَّه إذا خشع قلبُه خشعت جوارِحُه، ورُوِيَ أَنَّ سبب الآية أَنَّ المسلمين كانوا يلتفتون في صلاتهم يُمْنَةً ويُسْرَةً فنزلت هذه الآيةُ، وأُمِرُوا أن يكون [بصرٍ] [[سقط في ج.]] المُصَلِّي حِذَاءَ قِبْلَتِه أو بين يديه، وفي الحرم إلى الكعبة، واللَّغْوِ: سقط القول، وهذا يَعُمُّ جميع ما لا خيرَ فيه، ويجمع آداب الشرع، وكذلك كان النبي ﷺ وأصحابه، أي: يُعْرِضُونَ عن اللغو، وكأنَّ الآية فيها موادعة. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ ذهب الطبريُّ [[ينظر الطبريّ (9/ 199) .]] وغيره إلى: أَنَّها الزكاة المفروضة في الأموال، وهذا بَيِّنٌ، ويحتمل اللفظُ أَن يريد بالزكاة: الفضائلَ، كأنه أراد الأزكى من كل فعل كما قال تعالى: خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً [الكهف: 81] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب