الباحث القرآني

وقوله سبحانه: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يعني: أَنَّ كُفَّارَ قريش كانوا إذا تُلِيَ عليهم القرآنُ، وسمعوا ما فيه من رفض [[في ج: بغض.]] آلهتهم والدعاءِ إلى التوحيدُ- عُرِفَتِ المساءةُ في وجوههم والمنكرُ من معتقدهم وعداوتهم، وأنهم يريدون ويتسرعون إلى السطوة بالتَّالِينَ، والسطو إيقاع ببطش، ثم أمر تعالى نبيّه عليه السلام أن يقول لهم على جهة الوعيد والتقريع: أَفَأُنَبِّئُكُمْ أي: أخبركم. بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ: والإشارة بذلكم إلى السطو، ثم ابتدأ بخبر كأن قائلاً قال له: وما هو؟ قال: النَّارُ [[في ج: النار، فيكون الوعد في الشر.]] أي: نار جهنم. وقوله: وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا يحتمل أَنْ يكون أراد: أَنَّ الله تعالى وعدهم بالنار، فيكونُ الوعد في الشر، ويحتمل أَنَّهُ أراد: أَنَّ الله سبحانه وعد النارَ [[في ج: الناس.]] بأن يُطْعِمَهَا الكُفَّارَ، فيكون الوعد على بابه، إذ الذي يقتضي قولها: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [ق: 30] ونحو ذلك، أَنَّ ذلك من مَسَارِّها. قلت: والظاهر الأَوَّل. وقوله سبحانه: وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ... الآية: ذكر تعالى أمر سالب الذباب، وذلك أنهم كانوا يضمخون [[الضمخ: لطخ الجسد بالطّيب حتى كأنما يقطر. ينظر: «لسان العرب» (2605) .]] أوثانهم بأنواع الطِّيبِ فكان الذبابُ يتسلط ويذهب بذلك الطيب، وكانوا يتألّمُون من ذلك، فَجُعِلَتْ مثلاً، واخْتَلَفَ المتأوَّلُون في قوله تعالى: ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ فقالت فرقة: أراد بالطالب: الأصنامَ، وبالمطلوبِ: الذبابَ، أي: أنهم ينبغي أن يكونوا طالبين لما يسلب من طيبهم على معهود الأنفة في الحيوان، وقيل: معناه: ضَعُفَ الكُفَّارُ في طلبهم الصوابَ والفضيلةَ من جهة الأصنام، وضَعُفَ الأصنامُ في إعطاء ذلك وإنالته. قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 134) .]] : ويحتمل أنْ يريد: ضعف الطالب وهو الذبابُ في استلابه ما على الأصنامِ، وضعف الأصنام في أنْ لا منعة لهم، وبالجملة فدلتهم الآيةُ على أَنَّ الأصنام في أَحَطِّ رُتْبَةٍ، وأَخَسِّ منزلة لو كانوا يعقلون. وما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ المعنى: ما وَفَّوْهُ حقّه سبحانه من التعظيم والتوحيد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب