الباحث القرآني

وقوله سبحانه: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ... الآية، نزلت هذه الآيةُ في المتبارزين يوم بدر، وهم سِتَّةُ نفر: حَمْزَةُ، وعَلِيٌّ، وعبيدة بن الحارث (رضي الله عنهم) بَرَزُوا لعتبةَ بنِ ربيعة، والوليد بن عتبة، وشيبة بن ربيعة، قال علي بن أبي طالب: أنا أَوَّلُ مَنْ يجثو يوم القيامة للخصومة بين يدي الله تعالى، وأقسم أَبو ذَرٍّ [[أخرجه البخاري (8/ 297) كتاب «التفسير» : باب هذانِ خَصْمانِ حديث (4743) و «مسلم» (4/ 2323) كتاب «التفسير» : باب قوله تعالى: هذانِ خَصْمانِ حديث (34/ 3033) .]] على هذا القولِ ووقع في «صحيح البخاريِّ» (رحمه الله تعالى) : أَنَّ الآيةَ فِيهم، وقال ابن عباس: الإِشارة إلى المؤمنين وأَهْلِ الكتاب [[أخرجه الطبريّ (9/ 124) برقم (24984) ، وذكره البغوي (3/ 280) ، وابن عطية (4/ 113، 114) ، وابن كثير (3/ 212) ، والسيوطي (4/ 628) ، وعزاه لابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس.]] وذلك أَنَّهُ وقع بينهم تخاصم، فقالتِ اليهودُ: نحن أقدمُ دِيناً منكُم، ونحو هذا فنزلت الآية، وقال مجاهد وجماعة [[أخرجه الطبريّ (9/ 124) برقم (24985) ، وذكره البغوي (3/ 280) ، وابن عطية (4/ 114) ، وابن كثير (3/ 212) ، والسيوطي (4/ 628) ، وعزاه لابن جرير عن مجاهد، وعطاء بن أبي رباح والحسن.]] : الإِشارة إلى المؤمنين والكُفَّارِ على العموم. قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 114) .]] : وهذا قولَ تَعْضُدُهُ الآية وذلك أنه تَقَدَّمَ قولُه: وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ المعنى: هم مؤمنون ساجدون، ثم قال تعالى: وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ/، ثم أشار 23 أإلى هذين الصنفين بقوله: هذانِ خَصْمانِ والمعنى: أَن الإيمانَ وأهله، والكفرَ وأهله- خصمان مذ كانا إلى يوم القيامة بالعداوة والجدال والحرب، وخصم مصدر يُوصَفُ به الواحد والجمع، ويَدُلُّ على أَنه أراد الجمع قوله: اخْتَصَمُوا فإنه قراءة الجمهور [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 114) .]] وقرأ ابن أبي [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 114) ، و «البحر المحيط» (6/ 334) ، و «الدر المصون» (5/ 134) .]] عبلة: «اختصما» . ت: وهذه التأويلاتُ مُتَّفِقَاتٌ في المعنى، وقد ورد أَنَّ أَوَّلَ ما يُقضى به بين الناس يوم القيامة في الدماء، ومن المعلوم أَنَّ أَوَّلَ مبارزة وقعت في الإسلام مبارزة عَليٍّ وأصحابه، فَلاَ جَرَمَ كانت أَوَّلَ خصومة وحكومة يوم القيامة وفي «صحيح مسلم» عنه ﷺ: «نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، والأَوَّلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ المَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الخَلاَئِقِ» وفي رواية: «المَقْضِيِّ بَيْنَهُمْ» [[تقدم تخريجه.]] . وقوله: فِي رَبِّهِمْ أي: في شأن ربهم وصفاته وتوحيده، ويحتمل في رِضَى ربهم وفي ذاته. وقال ص: فِي رَبِّهِمْ أي: في دين ربهم، انتهى، ثم بَيَّنَ سبحانه حكم الفريقين، فتوعَّدَ تعالى الكُفَّارَ بعذابه الأليم، وقُطِّعَتْ معناه جُعِلَتْ لهم بتقدير كما يُفَصَّلُ الثوبُ، وروي: أنّها من نحاس، ويُصْهَرُ معناه: يُذَابُ، وقيل: معناه: ينضج قيل: إن الحميم بحرارته يُهْبِطُ كلَّ ما في الجوف ويكشطه، ويسلته، وقد روى أبو هريرةَ نحوَهُ عن النّبي ﷺ: «أَنَّهُ يُسْلِتُهُ، وَيَبْلُغُ بِهِ قَدَمَيْهِ، وَيُذِيبُهُ ثُمَّ يُعَادُ كَمَا كَانَ» [[تقدم في سورة الكهف.]] . وقوله سبحانه: كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها رُوِيَ فيه: أَنَّ لهب النار إذا ارتفع رفعهم فيصلون إلى أبواب النار، فيريدون الخروج، فتردهم الزبانية بمقامع الحديد، وهي المقارع [[المقرعة: خشبة تضرب بها البغال والحمير. وقيل: كل ما قرع به فهو مقرعة. ينظر: «لسان العرب» (3595) .]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب