الباحث القرآني

وقوله: فَأَوْجَسَ عبارة عما يعتري نفسَ الإنسان إذا وقع ظنّه في أمر على شَيْء يسوؤه، وعبّر المفسرون عن أوْجَس بأضْمر وهذه العبارة أعمُّ من الوجيس بكثير. إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى أي الغالب، وروي في قصص هذه الآية: أن فِرْعون (لعنه اللَّه) جلس في عِلّية له طولها ثمانون ذراعاً، والناس تحته في بسيطٍ، وجاء سَبْعُون ألف ساحرٍ، فألْقوا مِنْ حبالهم وعِصِيّهم ما فيه وَقْرُ ثَلاَثِ مائة بعيرٍ، فهال الأمر، ثم إن موسى عليه السلام ألقى عَصَاهُ من يده، فاستحالت ثُعْباناً، وجعلت تَنْمُو حتى روي أنها عبرت النهر بذَنَبِها، وقيل: البحر، وفرعونُ في هذا كلِّه يضحكُ ويرى أن الاسْتواءَ حاصلٌ، ثم أَقبلتْ تأكل الحِبَال والعصِيّ حتى أفْنتها، ثم فَغَرتْ فَاهَا نحو فرعون ففزع عند ذلك واستغاث بموسى، فمد مُوسَى يده إليها، فرجعت عصاً كما كانت، فنظر السحرةُ، وعلموا الحقَّ، ورَأَوْا عدم الحبال والعصِيّ فأَيقَنُوا أَنّ الأمر من الله عز وجل فآمنوا رضي اللَّه عنهم. وقوله سبحانه: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ. قال ص: «في» على بابها، وقِيلَ: بمعنى على. ت: والأول أصْوب. وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا قوله: أَيُّنَا يريد نَفْسَهُ، وربَّ موسى عليه السلام. وقال الطَّبَرِيُّ [[ينظر: «الطبريّ» (8/ 436) .]] : يريد نفسه، ومُوسى، والأول أذهب مع مخرقة فرعون، وباقي الآية بَيِّنٌ، ثم قال السحرةُ لفرعون: لَنْ نُؤْثِرَكَ أيْ: لن نفضلك، ونفضِّلَ السلامة مِنْك على ما رأينا مِنْ حُجَّة اللَّه تعالى، وآياته، وعليّ الذي فَطَرنا، هذا على قول جماعةٍ: أَنَّ الواو في قوله وَالَّذِي: عاطفة. وقالت فرقةٌ: هي واو القسم، وفَطَرَنا أيْ: خلقنا، واخترعنا، فافعل يا فرعونُ ما شِئْت وإنما قضاؤُك في هذه الحياة الدنيا، والآخرةُ مِنْ وراء ذلك لنا بالنعيم، ولك بالعذاب الأليم. وهؤلاءِ السحرةُ اختلف الناسُ: هل نفذ فيهم وَعِيدُ فرعون، أم لا؟ والأمر في ذلك محتمل. وقولهم: وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى ردّ لقول فرعون: أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب