الباحث القرآني

وقوله سبحانه: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ أي: من قبل إرسالنا إليهم محمداً، لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا ... الآية، وروى أبو سعيد الخدري، عن النبي ﷺ قال: «يَحْتَجُّ عَلَى اللَّه تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ ثلاثة: الهالك في الفترة، والمغلوب على عَقْلِهِ، والصَّبِيُّ الصَّغيرُ. فيقُولُ المَغْلُوبُ على عَقْلِهِ: رَبِّ، لَمْ تَجْعَلْ لِيَ عَقْلاً، ويَقَولُ الصَّبِيُّ نَحْوَهُ، ويَقُولُ الهَالِكُ فِي الفَتْرَةِ. رَبِّ، لَمْ يُرْسِلْ إِلَيَّ رَسَولاً، وَلَوْ جَاءَنِي، لَكُنْتُ أَطْوَعَ خَلْقِكَ لَكَ، قَالَ: فَتَرْتَفِعُ لَهُمْ نَارٌ، وَيَقَالُ لَهُمُ: رُدُوهَا، فَيَرِدُهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّه أَنَّهُ سَعِيدٌ وَيَكَعُ عَنْهَا الشَّقِيُّ، فَيَقُولُ اللَّه تعالى: إيَّايَ عَصَيْتُمْ فَكَيْفَ بِرْسُلِي لَوْ أَتَتْكُمْ» [[أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (8/ 481) رقم (24466) من حديث أبي سعيد الخدري.]] . قال (ع) [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 71- 72) .]] : أما الصبيُّ، والمغلوبُ على عقله، فبَيّن أمرهما، وأما صاحبُ الفَترة، فليس ككفّار قريش قبل بعثة النبي ﷺ، لأن كفار قريش، وغيرهم مِمَّنْ علم وسمع نبوّة ورسالة في أقطار الأرضِ، ليسٍ بصاحب فترةٍ، وقد قال النبيّ ﷺ لرجل: «أبي وأبوك في النّار» ورأى ﷺ، عمرو بن لحيّ في النار [[أخرجه ابن إسحاق (1/ 78- 79) «تهذيب سيرة ابن هشام» ، ومن طريقه الطبريّ (5/ 89) (12831) عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي، أن أبا صالح السمان حدثه، أنه سمع أبا هريرة يقول ... فذكره، وأخرجه الحاكم (4/ 605) عن محمد بن عمر وعن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا به وصححه، ووافقه الذهبي. وله شاهد من حديث أبي بن كعب، رواه أحمد (5/ 138) ، والحاكم (4/ 605) وصححه، ووافقه الذهبي. وأخرجه أحمد (3/ 352- 353) عن جابر. وقال الهيثمي في «المجمع» (2/ 91) : رواه أحمد، وروى عن أبي بن كعب عن النبي ﷺ بمثله. وفي الإسنادين عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه ضعف، وقد وثق.]] وإلى غير هذا مِمَّا يطوُلَ ذِكْرهِ، وإنما صاحبُ الفترة يفرض أنه آدميٌّ لم يطرأ إليه أن اللَّه تعالى بعث رَسُولاً، ولاَ دَعا إلى دِينٍ، وهذا قليلُ الوجود إلاّ أن يشذ في أطراف الأرض، والمواضع المنقطعة عن العمران. ت: والصحيح في هذا الباب: «أَنَّ أوْلادَ المُشْرِكينَ في الجَنَّةِ، وأمَّا أَوَلاَدُ المُسْلِمِينَ فَفِي الجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ» متفق عليه. وقد أَسند أَبو عُمَرَ في «التمهيد» [[ينظر: «التمهيد» (18/ 117) ، وينظر: «الاستذكار له» (8/ 401- 402) .]] من طريق أنس عن النبي ﷺ قال: «سألتُ رَبِّي في اللاَّهين مِنْ ذًرِّيَّةِ البَشَرِ ألاَّ يُعَذَّبَهُمْ فَأَعْطانِيهِمْ» [[أخرجه أبو يعلى (6/ 267) رقم (3570) . وقال الهيثمي في «المجمع» (7/ 222) : رواه أبو يعلى من طرق، ورجال أحدها رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن المتوكل، وهو ثقة.]] . قال أبو عمر: إنّما قيل للأطفال: الَّلاهُوَنَ [[في ج: اللاهين.]] لأن أعمالهم كاللهو، واللعب من غير عقد، ولا عَزْم، ثم أسند أبو عمر، 15 ب/ عن أنس، عن النبي ﷺ قال: «أَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ خَدَمُ أَهْلِ الجَنَّةِ» [[أخرجه الطيالسي (2/ 235- منحة) رقم (2822) ، وأبو يعلى (7/ 131) رقم (4090) ، وأبو نعيم في «الحلية» (6/ 308) ، وقال الهيثمي في «المجمع» (7/ 222) : رواه أبو يعلى، والبزار، والطبراني في «الأوسط» إلا أنهما قالا: أطفال المشركين، وفي إسناد أبي يعلى يزيد الرقاشي، وهو ضعيف، وقال فيه ابن معين: رجل صدق. ووثقه ابن عدي، وبقية رجالهما رجال الصحيح. والحديث ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (1/ 151) ، وعزاه للطبراني عن أنس، وسعيد بن منصور عن سلمان موقوفا، وللبخاري في «تاريخه الأوسط» عن سمرة مرفوعا.]] . قال أبو عمر [[ينظر «التمهيد» (18/ 116- 118) و «الاستذكار» (8/ 402) .]] ، وروى شُعْبةِ، وسعيد بن أبي عروبة، وأبو عَوَانة، عن قتادة، عن أَبي سراية العجلي، عن سَلْمَان قال: أَطْفَالُ المُشْرِكِينَ خَدَمُ أَهْلِ الجَنَّةِ» . وذكرِ البخاري حَدِيثَ الرؤيا الطويل، وفيه: «وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ، فَإنَّهُ إبْرَاهِيمَ عليه السلام وأمَّا الوِلْدَانُ حَوْلَهُ، فَكُلُّ مَوْلُودٍ يُولدُ عَلَى الفِطْرَةِ، قَالَ: فقيل: يَا رَسُولَ اللَّه، وأَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رسول الله ﷺ: وأَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ» ، وفي رواية: «والصبيان حَوْلَهُ أَوْلاَدُ النَّاسِ» وظاهره العمومُ في جميع أولاد الناس. انتهى [من التمهيد] [[سقط في ج.]] والذُّلُّ، والخِزْيُ مقترنان بعذاب الآخرة. وقوله: قُلْ كُلٌّ أَيْ: مِنَّا ومنكم مُتَرَبِّصٌ والتربصُ: التأَنِّي، والصِّراطُ: الطريق، وهذا وَعِيدٌ بَيِّنٌ والله الموفّق، والهادي إلى الرشاد بفضله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب