الباحث القرآني

وقوله عز وجل: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ... / الآية، قال ابنُ عباس، وغيرُه: سبب هذه الآية: أَن النبي ﷺ أَبْطَأَ عنه جِبْرِيلُ عليه السلام مدَّةَ فَلما جاءه قال: «يَا جِبْرِيلُ، قَدِ اشتقت إلَيْكَ، أَفلاَ تزورَنا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورَنَا» فنزلت هذه الآية [[أخرجه الطبريّ (8/ 359) برقم (23806) ، وذكره البغوي (3/ 202) ، وابن عطية (4/ 24) ، وابن كثير (3/ 130) ، والسيوطي (4/ 502) ، وعزاه لابن مردويه عن ابن عباس بنحوه.]] . وقال الضَّحَّاكُ، ومجاهدٌ: سببها أَن جِبْريلَ تأخَّر عن النبي ﷺ عند قَوْلِه في السؤالات المتقدِّمَةِ في سُورةِ الكهف: «غدا أخبركم» [[ذكره البغوي (3/ 202) ، وابن عطية (4/ 24) .]] . وقال الداوديّ عن مجاهدٍ: أَبطأت الرسل عن رسول الله ﷺ ثم أَتى جِبْرِيلُ عليه السلام قال: ما حَبَسَكَ؟ قال: وكَيْفَ نَأْتِيكُم. وأَنْتُمْ لاَ تَقُصُّونَ أَظْفَارَكُمْ. وَلاَ تَأْخُذُونَ شَوَارِبَكُمْ وَلاَ تَسْتَاكُونَ، وَمَا نَتَنَزَّلُ إلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ. انتهى [[ذكره ابن كثير (3/ 130) وعزاه لمجاهد، والسيوطي (4/ 502) ، وعزاه لسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.]] . وقد جاءت في فَضْل السواك آثَارٌ كثيرة، فمنها: ما رواه البزار في «مسنده» عن النبي ﷺ أَنه قال: إنَّ العَبْدَ إذَا تَسوَّكَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَامَ المَلَكُ خَلْفه، فَيَسْمَعُ لِقَرَاءَتِهِ، فَيَدْنُو مِنْهُ حتى يَضَعَ فَاهُ على فِيهِ، فما يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ إلاَّ صَارَ فِي جَوْفِ المَلَكِ» [[أخرجه البزار (1/ 242- كشف) رقم (496) من حديث علي بن أبي طالب مرفوعا. وقال البزار: لا نعلمه عن علي بأحسن من هذا الإسناد، وقد رواه بعضهم عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي موقوفا. وقال المنذري في «الترغيب» (335) : رواه البزار، بإسناد جيد لا بأس به. وقال الهيثمي في «المجمع» (2/ 102) : رواه البزار، ورجاله ثقات. ا. هـ. أما الموقوف الذي أشار إليه البزار، فأخرجه البيهقي (1/ 38) من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن علي موقوفا.]] . انتهى من «الكوكب الدري» . وفيه: عن ابنِ أَبِي شَيْبَة، عن النبي ﷺ أَنه قال: «صَلاَةٌ عَلَى إثْرِ سِوَاكٍ أَفْضَلُ من سبعين صلاة بغير سواك [[أخرجه البزار (1/ 245- كشف) رقم (502) ، وابن حبان في «المجروحين» (3/ 5) ، وابن عدي في «الكامل» (6/ 2395) ، وابن الجوزي في «الواهيات» (1/ 336) من طريق معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن عروة عن عائشة. وقال البزار: لا نعلم رواه إلا معاوية. وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، ومعاوية بن يحيى ضعيف. قاله الدارقطني. وللحديث طريق آخر: أخرجه ابن خزيمة (1/ 71) رقم (137) ، والحاكم 1/ 146) ، وأحمد (6/ 146) ، والبزار (1/ 244) رقم (501) من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة به. وقال ابن خزيمة: أنا استثنيت صحة هذا الخبر، لأني خائف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم، وإنما دلّسه عنه. أما الحاكم فقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وضعفه النووي في «المجموع» (1/ 325) وقال: ذكره الحاكم في «المستدرك» وقال: صحيح على شرط-- مسلم، وأنكروا ذلك على الحاكم، وهو معروف عندهم بالتساهل في التصحيح، وسبب ضعفه أن مداره على محمد بن إسحاق، وهو مدلس، ولم يذكر سماعه، والمدلس إذا لم يذكر سماعه لا يحتج به بلا خلاف كما هو مقرر لأهل هذا الفن. وقوله: «إنه على شرط مسلم» ليس كذلك، فإن محمد بن إسحاق لم يرو له مسلم شيئا محتجا به، وإنما روى له متابعة، وقد علم من عادة مسلم وغيره من أهل الحديث أنهم يذكرون في المتابعات من لا يحتج به للتقوية لا للاحتجاج، ويكون اعتمادهم على الإسناد الأول، وذلك مشهور عندهم.]] انتهى. وفي «البخاري» : أَنَّ السِّوَاكَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاة لِلرَّبِّ [[أخرجه النسائي (1/ 10) كتاب الطهارة: باب الترغيب في السواك، حديث (5) ، وأحمد (6/ 124) ، وأبو يعلي (8/ 315) رقم (4916) ، وابن حبان (143- موارد) ، والحميدي (162) ، وابن المنذر في «الأوسط» (338) ، وأبو نعيم في «الحلية» (7/ 159) ، والبيهقي (1/ 34) ، وابن خزيمة رقم (135) من حديث عائشة. وعلقه البخاري (4/ 158) باب سواك الرطب واليابس للصائم، بصفة الجزم، فهو صحيح عنده. وصححه أيضا ابن خزيمة، وابن حبان. وقال البغوي في «شرح السنة» (1/ 294- بتحقيقنا) : هذا حديث حسن. وقال النووي في «المجموع» (1/ 324) : حديث صحيح. وفي الباب عن جماعة من الصحابة.]] . اهـ. وقوله سبحانه: لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينا ... الآية، المقصودُ بهذه الآية الإشعارُ بملك الله تعالى لملائكته، وأن قَلِيلَ تصرُّفِهِم، وكَثِيرَه إنما هو بأَمْره وانتقالهم مِنْ مَكانٍ إلى مَكانٍ إنَّما [هو] [[سقط في ج.]] بحدٍّ منه. وقولُه: وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا أَيْ: ممن يلحقُه نِسيانٌ لبعثنا إليك، ف نَسِيًّا. فَعِيلٌ من النّسْيانِ، وهو الذُّهُولُ عن الأُمور. وقرأ ابنُ مسْعودٍ [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 24) .]] : «وَمَا نَسِيَكَ رَبُّكَ» . وقوله سَمِيًّا قال قوم: معناه مُوَافِقاً في الاِسْم. قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 25) .]] : وهذا يحسنُ فيهِ أَن يريد بالاِسْم ما تقدم مِنْ قوله رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما أَيْ: [هل] [[سقط في ب.]] تعلم من يسمى بهذا، أَو يوصف بهذه الصفة وذلك أَن الأُمم والفِرَق لا يسمون بهذا الاِسْم وَثَناً، ولا شَيْئاً سوى الله تعالى. قال القُشَيْرِيُّ في «التحبير» : قولهُ تعالى: وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ: الاصْطبارُ: نهايةُ الصَّبْرِ، ومَنْ صَبَر ظَفَرَ، ومَنْ لاَزَمَ وَصَلَ وفي مَعْناه أَنْشدُوا: [البَسيط] . [لاَ تَيْئَسَنَّ وَإنْ طَالَتْ مُطَالَبَةٌ ... إذَا استعنت بِصَبْرٍ أَنْ ترى فَرَجَا] [[سقط من ج.]] أَخْلِقْ بِذِي الصَّبْرِ أَنْ يحظى بِحَاجَتِه ... وَمُدْمِنِ الْقَرْعِ لِلأَبْوَابِ أَنْ يَلجَا وأَنشدوا: [البسيط] إنِّي رَأَيْتُ وَفِي الأَيَّامِ تَجْرِبَةٌ ... لِلصَّبْرِ عَاقِبَةً مَحْمُودَةَ الأَثَرِ وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي شَيْءٍ يُحَاوِلُهُ [[في ب، ج: يطالبه.]] ... واستصحب الصَّبْرَ إلاَّ فَازَ بالظَّفَرِ انتهى. وقال ابنُ عباسٍ، وغيرُه: سَمِيًّا معناه: مَثِيلاً، أَو شَبِيهاً، ونحو ذلك [[أخرجه الطبريّ (8/ 361، 362) برقم (23821، 23822) ، وذكره البغوي (3/ 65) ، وابن عطية (4/ 25) ، وابن كثير (3/ 131) ، والسيوطي (4/ 503) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.]] وهذا قوْلٌ حَسَنٌ، وكأن السمي بمعنى: المسامي، والمضاهي فهو من السموّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب